حرب أردنية باردة

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/20 الساعة 07:20
بغض النظر عن الأولويات التي تحكم وتعزز استقرار بلدنا الأردن، فإن هناك محددات تحكمها قوانين وأنظمة صارمة ومع ذلك فقد وصلنا إلى ما نراه من انفتاح السوق السياسي لكل من هب ودب، فقد كانت هناك حياة حزبية في الأردن بنت ركائزها على عاتق الدولة الأردنية، ورغم هذا الكم من الأحزاب الممتدة من الخارج حسب النظريات القومية أوالمؤدلجة أو الإسلامية، فقد انخرط الأردنيون المقاومون في معركة الدفاع عن فلسطين التي اغتصبتها العصابات اليهودية القادمة أيضا من شتات القارة الأوروبية وفي المقابل جاءت جيوش عربية وعلى رأسها الجيش الأردني ليحتدموا مع العدو الصهيوني، وكان الثوار الأردنيون قد سبقوا الجميع لنصرة إخوتهم في فلسطين ضد العدو الأمبريالي الإنجليزي الصهيوني ودفعوا من دمائهم ضريبة الشهادة، فكم من الأبطال الذين سقوا تراب فلسطين من دمهم الطهور، فقد يمموا جهة الغرب في الوقت الذي يممت العائلات المنكوبة من فلسطين نحو الشرق حيث وجدوا الأمن والطمأنينة في أردن العرب.
هذه مقدمة لما كان للأردنيين من فضل كبير على القضية الفلسطينية، ليس اليوم فحسب بل منذ سبعين عاما وأكثر، ورغم كوابيس العالم العربي ممن لم يهتموا كثيرا بفلسطين قبل نشأة بعضهم، فإن القيادة الأردنية وحولها الشعب الواحد من كل صوب وحدب، لا يزالون على نهجهم ولو عدنا إلى التاريخ فسنجد أن هناك أربعة ملوك تداولوا السلطة ولم يتنكروا لفلسطين وأهلها الغرّ، فها هو الملك عبدالله الثاني يضع القضية الفلسطينية منهجاً، وقد سبقه ملوك ثلاثة، وعلى عتبات المسجد الأقصى قضى الملك عبدالله الأول نحبه، وبعده حارب الملك الحسين بن طلال مرحلة في أعتى الظروف مقاتلاً كي تبقى القدس ملاذاً أماناً للجميع وأن يبقى الشعب الفلسطيني على قيد الحياة لا على قيد الموت بأيدي الإسرائيليين، وهذا ما تبناه جلالة الملك عبر خمسة وعشرين عاما.
اليوم يجب على الأردنيين أن يتكاتفوا حول دولتهم، وأن يفهم المتنطعون كيفية السياق الذي يتبناه النظام لاستقرار بلدنا، فالهتافات التي تطلقها الجماهير شيء جيد، ولكن دون نسيان أن هذا بلدنا الذي احتضن الفلسطيني والعراقي والسوري واليمني وغيرهم ممن هربوا من ويلات دولهم، فهل يفهم البعض كيف أن السودان بات على حافة الهاوية وقتل المدنيين هناك دون رحمة وكيف أن العدو لا يزال يدك قطاع غزة يوميا كما يقصف لبنان وسوريا وكأنه في نزهة عسكرية.
هذا وطننا وهذه دولتنا وعلينا واجب الحفاظ على أمنها واستقرارها وعندما يقف الجمهور مساندا لدولته فإنه بالتالي يكون جزءاً من المعركة في غزة والضفة، وإن كان هناك ممن يستغلون طيبة أهل هذا البلد حتى وإن كانوا أبناءنا أو أشقاءنا فعلينا النصح والمشورة بالحسنى، أما أن تخرج فقاعات الأحزاب لتهتف ضد هذا البلد أو يستعيدوا بقايا الثورات الملونة وهم يرون بأعينهم كيف تصل المساعدات الطبية والأغذية والمستشفيات الميدانية لأهلنا في غزة، متناسين أن الملك هو أول من قام بإيصال المساعدات عبر عمليات مظلية.
نحن نعلم أن الدماء محتقنة جراء ما يحدث لأهلنا في غزة وكيف قتل الاحتلال الغاشم نخبة من القادة وآخرهم الشهيد يحيى السنوار، وقبله آلاف من الشهداء ما بين أطفال ونساء وشيوخ وشباب ودمار للبنى التحتية، ولا تزال القوافل تترى نحو قطاع غزة، وكي يفهم من عنده سمع أن الأردن بات هو الموئل فلا تجعلوه مطية لغاياتهم، وسنبقى على العهد لإخواننا في غزة، فلا يزاود أحد على هذا البلد، فنحن نرى أن هناك حرباً باردة على بلدنا من الخارج والداخل!
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/20 الساعة 07:20