مدرعات في الأغوار.. ماذا تخطط إسرائيل وممَّ يحذر الأردن؟

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/18 الساعة 09:32

مدار الساعة - خطوة غير مألوفة تلك التي أقدم عليها الجيش الإسرائيلي قبل أيام، بنشر ناقلات جند مدرعة قرب مستوطنات الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما تخطط له تل أبيب، لا سيما أن هذه الخطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2000.

وبصفة خاصة، يُعد هذا التحرك العسكري مثيرا لقلق الجانب الأردني، كونه يأتي بعد أقل من شهر على اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منطقة الأغوار شرق الضفة الغربية المحتلة على حدود الأردن في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي.
ومن هناك، أعلن نتنياهو عزمه إقامة جدار على الحدود مع الأردن؛ بزعم “منع محاولات لتهريب أسلحة ومقاتلين” إلى الضفة وإسرائيل، إحياءً لمشروع طرحه قبل نحو عقدين من الزمن.
مزاعم رفضتها عمّان آنذاك، ووصفتها وزارة خارجيتها بأنها “ادعاءات باطلة” هدفها توسيع سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غور الأردن، وتعزيز الاستيطان.
خبير سياسي أردني حذر من خطوة نشر قوات إسرائيلية قرب الحدود، معتبرا أنها قد تكون مقدمة لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية أو لفرض سيطرة كاملة على الحدود في حال الضم الكامل للضفة وغزة.
والأردن من الأساس يرفض سيطرة إسرائيل على منطقة الأغوار؛ لأن ذلك يعني وجود قوات إسرائيلية مباشرة على جانب كبير من حدوده الغربية؛ مما يشكل تهديدا لأمنه الوطني ويزيد من هشاشة استقرار الحدود.
إلى جانب ذلك، يرفض الأردن توسيع الاستيطان بالضفة؛ فقد يؤدي ذلك إلى إعطاء دفعة لمخططات إسرائيلية بتهجير الفلسطينيين إليه، وهو ما حذرت منه المملكة بشدة في الأشهر الأخيرة؛ حيث يمكن أن يزيد ذلك من الضغوط الديموغرافية بها، لا سيما في ظل استضافتها بالفعل عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين.
إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الاستيطان والسيطرة على غور الأردن، يضعفان فرص حل الدولتين الذي يدعمه الأردن كحل لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
مقدمة لعدة احتمالات

في تعليق على نشر ناقلات الجند المدرعة، يقول أمين مشاقبة، الوزير الأردني الأسبق، وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية، إن هذه الخطوة قد تكون مؤشرا على عدة احتمالات.
يوضح أن خطوة إسرائيل ربما تأتي لـ”حمايتها من الجانب الأردني، وخصوصا من العمليات الفدائية”.
ففي 8 سبتمبر الماضي، قُتل 3 إسرائيليين إثر إطلاق نار في معبر اللنبي (جسر الملك حسين) نفذه سائق أردني، في رد فعل على الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ أكثر من عام.
مشاقبة يرى أن هذا الإجراء ربما تهدف إسرائيل من ورائه كذلك إلى “إمساك زمام المبادرة في ضبط الحدود في حالة الضم الكامل للضفة وغزة وفرض سياسة الأمر الواقع على منطقة الأغوار بالكامل”.
ويعتبر أن “كل ذلك يعود لحالة الهستيريا الأمنية التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي المتطرف”.
ويحذر كذلك من أن إسرائيل تسعى إلى توسيع الاستيطان بالضفة، ومن ضمنها الأغوار؛ عبر زيادة أعداد المستوطنين بها من 750 ألفا إلى مليون مستوطن.
الوزير السابق لفت إلى أن إسرائيل تستهدف الأردن في عدة اتجاهات، منها السياسي والعسكري؛ “فهي تختلف معه في الموقف الأساسي بوقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان”.
ويتابع: “كما أن إسرائيل ترفض الموقف الأردني بحل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتختلف مع عمّان في موضوع الوصاية للمقدسات الإسلامية التي نصت عليها في معاهدة السلام عام 1994”.
ويردف: “ناهيك عن الخلافات حول ضم منطقة الأغوار المقابلة للحدود الأردنية، والتي هي جزء من أراضي الضفة الغربية، إلى جانب الحدث الأخير على جسر الملك حسين”.
ويعتبر مسؤولون سياسيون وعسكريون في إسرائيل، ومنذ فترة طويلة، غور الأردن منطقة إستراتيجية “لا يمكن التخلي عنها أبدا”، حيث يعتزمون الحفاظ على السيطرة العسكرية عليها، حتى في ظل أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
ويحذر مشاقبة من أن “إسرائيل تريد تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، سياسيا وديموغرافيا، ومن هنا فإن السلوك السياسي والعسكري لدولة الاحتلال معادٍ لكل السياسات الأردنية”.
جس نبض الأردن

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية، بدر الماضي: “لا يوجد ما يمنع الحكومة اليمينية المتطرفة بإسرائيل من التحرش وجس النبض فيما يخص العلاقة مع الأردن”.
ويوضح أن ذلك يأتي “في ظل الزهو التي تشعر به هذه الحكومة في غزة ولبنان، وفي ظل ضربها بعرض الحائط هناك كافة المرتكزات الأخلاقية والشرعية الدولية وحقوق الانسان”.
ويتابع: “لذلك ليس مستبعدا قيام إسرائيل بالضغط المباشر أو غير المباشر على أمن الأردن، إما من خلال مزيد من التضييق على الفلسطينيين بالضفة، أو التذرع لإزعاجه عسكريا على الحدود، من خلال سوق الحجج أن الحدود الأردنية غير آمنة وأنها تسهل عملية تهريب الأسلحة”.
ويلفت الماضي إلى أنه “لم يعد من الممكن الوثوق بالسلوك اليميني المتطرف للحكومة في إسرائيل، كما أنه لم يعد بالإمكان التنبؤ به”.
وفي ذات السياق، يدعو ما أسماه “مطبخ صناعة القرار في الأردن إلى الانتباه جيدا لهذا السلوك المستفز من قبل قوات الاحتلال”، معربا عن اعتقاده بأن هناك “فهما أردنيا لذلك”.
كما يحث الماضي على “التنبه دائما لخطر الخطوات الإسرائيلية القائمة على التوسع وزعزعة الأمن والاستقرار، حتى إن كان على حساب أمن الدول الموقعة على اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال”.
ويبيّن أنه “في البعد الاستراتيجي، دولة الكيان لا تستطيع فتح جبهات جديدة مع الجوار، خاصة أن التعامل مع الأردن سيكون مختلفا؛ كونه دولة ذات سيادة ومركزية ومستقرة وتحتفظ بعلاقات مميزة وراسخة مع المجتمع الدولي”.
ويرى أن “البيئة الداخلية الأردنية والامتداد السياسي في أروقة الأصدقاء حول العالم، سيساهم في دعم الموقف الأردني بمواجهة أي محاولات لدولة الاحتلال في الإضرار باستقرار الدولة الأردنية”.
ويرتبط الأردن وإسرائيل باتفاقية عام 1994، لكن عمّان قررت في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 سحب سفيرها من تل أبيب؛ احتجاجا على الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. الاناضول

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/18 الساعة 09:32