الزيود تكتب: بين مدح المسؤولين ومساءلتهم: دعوة لإعلام مسؤول

دعاء الزيود
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/16 الساعة 09:26

في خضم التحديات الاجتماعية والسياسية المتصاعدة، تتعاظم الحاجة إلى إعلام مسؤول يحمل على عاتقه هموم المواطن ويضع مصلحته فوق أي اعتبارات أخرى. الإعلام، في جوهره، ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو سلطة رقابية تسعى لتصحيح المسار وكشف الحقائق. في هذا السياق، جاءت تصريحات وزير الاتصال الحكومي، الدكتور محمد المومني، خلال لقائه الأخير مع الصحفيين في محافظة الكرك، حيث أكد أن "الخبر الذي يمتدح المسؤول ليس خبراً". هذه العبارة لا تكتفي بلفت النظر إلى ضرورة الابتعاد عن المدح المبالغ فيه، بل تفتح باباً واسعاً للنقاش حول الدور الحقيقي للإعلام في مواجهة السلطة، وتؤكد أن الصحافة الحقيقية هي تلك التي تضع المصلحة العامة نصب أعينها، بعيداً عن محاباة المسؤولين أو تجميل الواقع.

تاريخياً، كان الإعلام يُعرف بكونه الحارس الأمين للحقائق والرقيب الصارم على أداء السلطات، ملتزماً بدوره في مراقبة القرارات الحكومية وكشف أوجه القصور. ومع ذلك، ما نشهده اليوم من انزلاق بعض وسائل الإعلام إلى مستنقع المدح الأعمى يمثل تهديداً خطيراً لدور الإعلام الرقابي ويضع مصداقيته على المحك. تصريح وزير الاتصال الحكومي، الدكتور محمد المومني، بأن "الخبر الذي يمتدح المسؤول ليس خبراً" لم يكن مجرد نقد عابر، بل دعوة صريحة لإعادة تعريف وظيفة الإعلام. فالصحافة ليست منبراً لتلميع الشخصيات أو تعزيز مكانة المسؤولين، بل هي صوت الشعب الذي يجب أن ينقل همومه، قضاياه، وتطلعاته بكل شفافية. إذا كان هناك مكان للثناء، فلا يجب أن يُبنى على اعتبارات شخصية أو مصالح ضيقة، بل على إنجازات حقيقية تعود بالنفع على المجتمع وتساهم في تحسين حياة الأفراد.
الشفافية هي ركيزة أساسية لأي نظام ديمقراطي، وعندما يتعامل المسؤولون بوضوح مع الإعلام، فإنهم يعززون الثقة بينهم وبين المواطنين. تصريحات الدكتور محمد المومني، التي تدعو إلى الحوار المفتوح بين الإعلام والمسؤولين، تمثل دعوة ضرورية لتقليص الفجوة وتعزيز التواصل. للأسف، يغفل بعض المسؤولين أن الشفافية مع الإعلام لا تعزز فقط مصداقيتهم، بل تقربهم من هموم الناس وتطلعاتهم.
يواجه الصحفيون اليوم تحديات جسيمة تحول دون قيامهم بدورهم المهني بالشكل الأمثل. بين التهميش، نقص الموارد، وتضييق الحريات، باتت قدرة الإعلاميين على أداء مهامهم الرقابية مهددة. هؤلاء الصحفيون، الذين يمثلون عين المجتمع وضميره، لا يجب أن يُتركوا في الظل أو يُحرموا من الدعم الذي يستحقونه. إن دعم الصحافة الحرة وتوفير بيئة عمل مناسبة لها ليست مجرد ضرورة مهنية، بل مسؤولية مجتمعية تساهم في بناء ديمقراطية حقيقية.
النقد البناء هو العمود الفقري للإعلام المسؤول، فلا يكفي أن يكون الإعلام شاهداً على الأحداث، بل يجب أن يكون فاعلاً في رسم ملامح المستقبل. هذا النقد لا يهدف إلى اللوم، بل إلى تقديم حلول واقتراحات تساهم في تحسين الأداء. تصريحات الدكتور محمد المومني تمثل نقطة انطلاق لحوار أعمق حول كيفية تعزيز الشفافية وتحسين العلاقة بين الإعلام والمسؤولين، وصولاً إلى صحافة تؤدي دورها في خدمة المجتمع بفعالية ومسؤولية.
تصريحات الدكتور محمد المومني تمثل نافذة أمل نحو إعلام أكثر نزاهة وموضوعية، وهي ليست مجرد كلمات عابرة، بل دعوة صريحة لإعادة تشكيل العلاقة بين الإعلام والمسؤولين على أسس من الشفافية والمصداقية. الصحفيون، بوصفهم مرشدين للمجتمع، يتحملون مسؤولية كبرى في نقد الأداء الحكومي بموضوعية وشجاعة، بعيداً عن المجاملات أو الضغوط. إن إصلاح العلاقة بين الإعلام والمسؤولين ليس مهمة فردية، بل يتطلب جهداً جماعياً وإرادة حقيقية من كافة الأطراف، من أجل بناء إعلام حر قادر على القيام بدوره في خدمة المجتمع وتعزيز المساءلة.
وفي الختام، نوجه دعوة صريحة إلى الدكتور محمد المومني وجميع المسؤولين لتبني رؤية إعلامية جديدة تقوم على الشفافية والتفاعل الصادق مع الإعلام. هذه الرؤية يجب أن تجعل من الإعلام أداة فعّالة لمساءلة المسؤولين وتعزيز جسور الثقة بين الحكومة والمواطن. فإعلام حر وموضوعي هو الركيزة الأساسية لأي نظام يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، ويعكس تطلعات الناس وهمومهم بكل مصداقية.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/16 الساعة 09:26