محمد العطيات.. وداعاً

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/14 الساعة 07:01

مدار الساعة - كتب:إبراهيم السواعير -لم يلق بقلمه حتى ودّع الحياة، وقد كان في كلّ ندوة أو محاضرة أو حتى استضافة لفريق أجنبي أو عربي في السلط، حاضرًا وشفوقًا على الإيضاح والإبانة عن روعة السلط وأدبائها وكتّابها ومدرستها وأعلامها، كيف لا، وهو الكاتب والأديب والتربوي والباحث، الذي لم تستقرّ عجلات سيارته أو ترتاح وهو بين الصحف والمنتديات ورابطة الكتاب، وكلّ الهيئات الثقافيّة الناشئة والقديمة، يبعث على التأني وعدم التنكّر للرعيل الأول ممن خدموا الثقافة الأردنيّة وأبدعوا في ترسيخها، حتى غدت مشكاةً ينهل منها كلّ الأجيال، فسلامًا على روحك الطيّبة المثقفة المسالمة المشاكسة الأديب والناقد محمد العطيات، وإنّها لرحلة تضع فيها الأقدام أوزارها بعد كلّ هذا العناء والتعب والجدّ والمصابرة والحضور.

ليس سهلًا أن يمرّ أمام محمد العطيات "أبو خلدون" رحمه الله متحدثٌ دون أن يهرع الرجل رحمه الله مرتجلًا التاريخ كلّه وهو يروي ويرصد ويستنتج، فحقّ للسلط اليوم حاضرة البلقاء وعاصمة الأردن الأولى أن ترثيه وأن تفتقده، مؤرّخًا لأعلام الفكر والأدب وشاعرًا ودارسًا وموثّقًا، ومعاصرًا لأغلب أو كلّ الفترات.
أولاً، ميلاده كان سنة 1937م، وهو مجاز في الأدب العربي من جامعة دمشق عام 1965، وحاصل على دبلوم التربية في الجامعة الأردنية أواسط السبعينات من القرن الماضي، وشهادة الماجستير من الجامعة اليسوعية مطلع الثمانينات، والدكتوراة كذلك، مارس مهنة التعليم من المرحلة الابتدائية، مروراً بالثانوية وكليات المجتمع، وعمل مشرفاً تربوياً، ورئيساً للنشاطات المدرسية في وزارة التربية والتعليم، ومستشاراً ثقافياً في الكويت حتى عام 1987، وعمل مديراً للعلاقات الثقافية والعامة في جامعة عمان الأهلية، وأستاذاً للأدب العربي في الجامعة نفسها، كما عيّن سنة 2015 رئيسًا لرابطة الكتاب الأردنيين في السلط.
من مجموعاته الشعرية: الفارس العربي الجديد، 1969، الأناشيد المدرسية، أناشيد، 1982، كرسي الاعتراف، 2002.
ومن مؤلفاته في النقد والدراسات: القصة الطويلة في الأردن، 1985، تطور الحركة الشعرية في الأردن 1921-1967، 2000، أديبان من الأردن: حسني فريز وعيسى الناعوري، 2009، السلط تاريخ وشخصيات: محاضرات ومقالات عن مدينة السلط.
فهي أمانة الكلمة التي يظلّ الأديب على عراك وحراك معها، ويغادر وفي نفسه شيء يودّ لو قاله في هذا الموضع أو ذاك، وسوف تظلّ هذه المؤلفات القيّمة والذاكرة الأصيلة شاهدةً على انخراط المثقف سريعًا في مجتمعه وناسه، ورضاه بأن يظلّ يذكّرهم ويحثّهم ويكتب عن روّادهم، ويجعل الأدب قريبًا من نفوس هذا الجيل، ولقد شهدتُ له شخصيًّا عددًا من حواراته وزياراته الصحف ونقاشاته الشباب، وعلمتُ ألم المثقف حين ينظر فإذا بالطريق طويلة والأبواب موصدة والسراب يغلّف الأجواء، فسلامٌ عليك محمد العطيات في الخالدين.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/14 الساعة 07:01