ولي العهد يعيد نشر مقال للأمير الحسن بن طلال

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/11 الساعة 11:07

مدار الساعة - أعاد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني اليوم الجمعة على حسابه على انستغرام نشر مقال لسمو الأمير الحسن بن طلال في مجلة "دبلوملسي" بعنوان "إصلاح النظام الدولي: نحو نموذج إنساني جديد".

وتاليا المقال باللغتين العربية والانجليزية:
إصلاح النظام الدولي: نحو نموذج إنساني جديد
بقلم: الأمير الحسن بن طلال، الأردن
26 أيلول (سبتمبر) 2024
مع انعقاد الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، يتسم المشهد العالمي الحالي بعدم اليقين وعدم الاستقرار العميق، حيث يواجه النظام الدولي تحديات كبيرة مثل عداء الإنسان للإنسان، والحرب الحديثة وعواقبها الوخيمة، والإنسان ضد الطبيعة، بما في ذلك الأمراض وتغير المناخ، وكوارث من صنع الإنسان - وكلها تتجاوز الحدود الوطنية.
وعلى الرغم من أن العالم كان بمنأى عن النزاعات المسلحة التي شاركت فيها القوى النووية الكبرى، إلا أنه شهد 150 حرباً ”صغيرة“ منذ عام 1945، معظمها في العالم الثالث. ووفقاً لمؤشر السلام العالمي، فإن العالم يقف على مفترق طرق، حيث يشهد حالياً 56 نزاعاً جارياً - وهو أكبر عدد من النزاعات منذ الحرب العالمية الثانية. لا يحتاج العالم إلى حرب أخرى لتشكيل نظام عالمي جديد. بل يجب علينا، عوضاً عن ذلك، أن نسعى إلى بناء نظام قائم على التعاون والتفاهم المتبادل واحترام الكرامة الإنسانية المشتركة. ينبغي أن يكون الحوار السلمي والتعاون هما السبيل نحو بناء مستقبل عالمي أكثر عدالة واستدامة.
أُنشئت الأمم المتحدة في عام 1945، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بهدف رئيسي يتمثل في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وكما يوضح صنديب واسليكار في كتابه ”عالم بلا حرب: التاريخ والسياسة وحل النزاعات“، فإن الأمم المتحدة تجاهلت أهدافها المتعلقة بالسلام والأمن - وهي السبب الرئيسي الذي أنشئت من أجله.
لم تتحمل أي منطقة وطأة أوجه القصور والإجحاف الناجم عن فشل الأمم المتحدة في تحقيق السلام ونزع السلاح بقدر ما تحملته منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA). لقد أدى الفشل المستمر في معالجة الأسباب الجذرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الراهن والتشرذم العام للمجتمعات إلى زعزعة النسيج الاجتماعي بشكل عميق في المنطقة؛ مما عزز الإنقسام والكراهية بدلاً من التعددية واحترام الكرامة الإنسانية. ورغم أنها تحمل اسم ”منظمة الأمم المتحدة“، إلا أنها تعمل كـ"منظمة حكومات متحدة". ولذلك، فقد حان الوقت لإحداث تحول جذري نحو "منظمة الشعوب المتحدة" التي يقودها المجتمع المدني، والتي من شأنها تمكين الأفراد والمجتمعات من أن يصبحوا أصحاب القرار بشأن مستقبلهم.
النظام الإنساني الدولي الجديد

في ثمانينيات القرن الماضي، قاد الأردن الدعوة إلى تطبيق نظام إنساني دولي جديد. وانضم 28 عضواً، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن الستة، إلى هذه الدعوة، حيث أعطينا الأولوية لصون كرامة كل إنسان وحقه في الحياة والأجيال القادمة. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 120 في دورتها الثانية والأربعين في عام 1987 بأهمية مواصلة تطوير إطار دولي شامل يأخذ بشكل كلي المواثيق القائمة المتعلقة بالمسائل الإنسانية وكذلك الحاجة إلى معالجة الجوانب التي لم يتم تناولها بشكل كافٍ بعد. وتبرز أهمية ذلك بوجه خاص أثناء الحروب والنزاعات.
يهدف تنفيذ نظام إنساني دولي جديد إلى تجاوز قيود الإطار الدولي الحالي من خلال التركيز على الإعتماد المتبادل بين الدول، والتقارب الثقافي، والتركيز المتجدد على الكرامة الإنسانية والحق في الحياة للأجيال القادمة. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه المبادئ، يمكن للنظام الجديد أن يمهد الطريق أمام نظام عالمي أكثر عدلاً واستقراراً واستدامة.
في صميم هذا النظام يجب أن يندرج مبدأ مسؤولية الحماية (R2P). وهو معيار دولي يسعى إلى ضمان عدم تخلف المجتمع الدولي مرة أخرى عن وقف الجرائم الجماعية الوحشية ضد الإنسانية. ومع ذلك، فقد فشلنا في الاعتراف بمسؤولية الحماية والاحترام على حد سواء.
إن مبدأ الإنسانية الجديد يجب أن يصبح بالفعل حجر الزاوية في صنع السياسات الوطنية والدولية. سوف يؤكد هذا المبدأ على الكرامة والحقوق المتأصلة لجميع الأفراد، مما يضمن أن السياسات لا تعزز الإغاثة الفورية فحسب، بل الاستقرار على المدى الطويل أيضاً.
في عام 2005، قامت الأمم المتحدة في مؤتمر القمة العالمي باعتماد المسؤولية عن الحماية (R2P). وبتعزيز المسؤولية عن الحماية من خلال المسؤولية عن الاحترام، سوف تكون الحكومات ملزمة بمعالجة أوجه عدم المساواة الممنهجة، والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة، وتعزيز الظروف التي تعطي الأولوية للكرامة الإنسانية، وبالتالي المساعدة في منع نشوب الصراعات. ويمكن لمثل هذا الالتزام أن يوجه أطر السياسات، ويخلق ظروفاً للسلام ترتكز على الاحترام والإنصاف والمسؤولية المشتركة.
كسر دائرة العنف: الحوار الشامل والحلول المستدامة

يتطلب كسر دائرة العنف في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا نهجاً شاملاً ومتعدد الأوجه، وهو نهج يعالج النزاعات المباشرة والقضايا الهيكلية الضمنية أيضاً. إن الافتقار إلى المؤسسات الإقليمية التي يمكن أن تعزز الحوار والتعاون هو في الواقع تحدٍ رئيسي، ويمكن أن يوفر إنشاء مثل هذه الهيئات الأساس لسلام دائم.
إن اللامركزية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) في حد ذاتها خطوة إلى الأمام. واستكمالًا لمقترح إنشاء منظمة الشعوب المتحدة، فإن إنشاء جمعية لمواطني المشرق - على غرار جمعية مواطني هلسنكي - من شأنه أن يساعد في معالجة الأسباب الجذرية للعنف وتعزيز الحوار الإقليمي. ومن خلال إنشاء منصات إقليمية للخطاب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فإن هذا الكيان من شأنه تمكين الأصوات المحلية والسماح لكل منطقة بالتعبير عن وجهات نظرها وتحدياتها وطموحاتها الحقيقية. ويمكن لهذه المؤسسات أن تكون بمثابة منصات لحل المشاكل المشتركة حول قضايا مثل الأمن والتكامل الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. ومن شأن هذه المؤسسات أن تشجع الحوار بين أصحاب المصلحة المتعددين، وتجمع بين الحكومات والمجتمع المدني لمناقشة الحلول السياسية واستراتيجيات السلام.
وبعبارة أدق، سوف يكون إنشاء مؤسسات إقليمية قوية أمراً حيوياً لمعالجة الجمود الذي يعيق التقدم نحو السلام الدائم. ومن شأن هذه المؤسسات أن توفر منابر للحوار، وتعزز التعاون، وتساعد على التصدي للتحديات المتعددة في المنطقة من خلال تبني نهج مشترك قائم على الإحترام المتبادل والكرامة الإنسانية.
Reforming the International Order: Towards a New Humanitarian Paradigm

As the 79th session of the United Nations General Assembly was held this week, the current global landscape is marked by profound uncertainty and instability, with the international order facing significant challenges such as man against man, modern war and its dire consequences; man against nature, including disease and climate change; and man-made disasters – all of which transcend national boundaries.
Although the world has been spared from armed conflict involving the major nuclear power, there has been 150 “small” wars since 1945, mostly in the Third World. According to the Global Peace Index, the world is at a crossroads, with 56 ongoing conflicts – the most since the Second World War. The world does not need another war to forge a new world order. Instead, we must seek to build a system based on cooperation, mutual understanding, and respect for shared human dignity. Peaceful dialogue and collaboration should guide the creation of a more just and sustainable global future.
The United Nations was established in 1945, following the Second World War, with the primary aim of maintaining international peace and security. As Sundeep Waslekar explains in his book, A World without War: The History, Politics, and Resolution of Conflict, the UN has ignored its peace and security objectives – the primary reason for which it was set up.
No region has borne the brunt of the flaws and inequities of the UN’s failure in achieving peace and disarmament more than the West Asia and North Africa (WANA) region. The consistent failure to address the root causes of the ongoing Israeli-Palestinian conflict and the overall fragmentation of societies has profoundly destabilized the region’s social fabric; fostering division and hatred rather than pluralism and respect for human dignity. Although it is called the United Nations Organization, it functions as a ‘United Governments Organization’. Therefore, it is time for a transformative shift towards a ‘United Peoples Organizations’ driven by civil society, which would empower individuals and communities to become stakeholders in their own futures.
New International Humanitarian Order
In the 1980s, Jordan led the call for the implementation of a New International Humanitarian Order. 28 members, including the six Security Council members joined the call, where we prioritised the safeguarding the dignity and right to life of every person and of the future generations. The UN General Assembly Resolution 120 in the 42nd Session in 1987 recognised the importance of further improving a comprehensive international framework which takes fully into account existing instruments relating to humanitarian questions as well as the need for addressing those aspects which are not yet adequately covered. This is especially pertinent during war and conflict.
The implementation of a New International Humanitarian Order seeks to transcend the limitations of the current international framework by emphasizing intra-independence, cultural affinity, and a renewed focus on human dignity and the right to life for future generations. By prioritising these principles, the New Order could pave the way for a more just, stable, and sustainable global order.
At the core of this Order should be the Responsibility to Protect – known as R2P. An international norm that seeks to ensure that the international community never again fails to halt the mass atrocity of crimes against humanity. Yet, we have failed to acknowledge the Responsibility to both Protect and Respect.
A new Principle of Humanity should indeed become a cornerstone of national and international policymaking. This principle would emphasise the inherent dignity and rights of all individuals, ensuring that policies promote not only immediate relief but long-term stability as well.
The United Nations in 2005 adopted the Responsibility to Protect (R2P) at the World Summit. By augmenting the Responsibility to Protect with a Responsibility to Respect, governments would be obligated to address systemic inequalities, pursue inclusive social justice, fostering conditions that prioritize human dignity and thus help prevent conflict. Such a commitment could guide policy frameworks, creating conditions for peace that are rooted in respect, fairness, and shared responsibility.
Breaking the Cycle of Violence: Inclusive Dialogue and Sustainable Solutions
Breaking the cycle of violence in the WANA region requires a comprehensive and multifaceted approach, one that addresses both immediate conflicts and underlying structural issues as well. The lack of regional institutions that can foster dialogue and cooperation is indeed a key challenge, and the establishment of such bodies could provide the foundation for lasting peace.
The decentralization of an Economic and Social Council (ECOSOC) in of itself is a step forward. To compliment the idea of a United Peoples Organization, the creation of a Levant Citizens’ Assembly – similar to the Helsinki Citizens’ Assembly – would help address the root causes of violence and foster regional dialogue. By creating regional platforms for economic, social, and political discourse, this structure would empower local voices and allow each region to articulate its authentic perspectives, challenges, and aspirations. These institutions could serve as platforms for collective problem solving on issues like security, economic integration, and social development. They would encourage multi-stakeholder dialogue, bringing together governments and civil society to discuss policy solutions and strategies for peace.
In essence, the creation of robust regional institutions would be vital for addressing the gridlock that hinders progress towards lasting peace. These institutions would provide platforms for dialogue, foster cooperation, and help address the region’s many challenges through a collective approach grounded in mutual respect and human dignity.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/11 الساعة 11:07