المحيسن يكتب: حسان.. وضربة المقفي'
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/09 الساعة 21:31
يقول المثل: "يا رايح كثر ملايح"، بمعنى أهمية أن يترك الإنسان أثراً جيداَ عند مغادرة مكان أو منصب أو منافسة، ومع ذلك يبدو أن بعض الحكومات المغادرة في الأردن تختار العكس، فحكومة بشر الخصاونة المغادرة مؤخرا من الرابع ودعت الأردنيين والمستثمرين بقرارات رفعت فيها الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية، مما أثر بشكل كبير على كل من الشباب الذين اقترضوا لشراء هذه المركبات والمستثمرين في المنطقة الحرة وحتى المستوردين من الخارج.بحسب النظام الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منتصف الشهر الماضي، فإن السيارات التي تعمل كليا على الكهرباء والتي لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف دينار تكون نسبة الضريبة الخاصة 10%، والتي تتجاوز 10 آلاف ولا تتجاوز 25 الف دينار أصبحت ضريبتها 40%، بينما السيارات الكهربائية التي تتجاوز قيمتها 25 ألف دينار أصبحت الضريبة الخاصة عليها 55%، هذه الأرقام سرعان من انعكست على السوق وتسبب ذلك في ركود وتوقف شبه تام لحركة البيع والشراء، ما يؤشر على أن هذه القفزة غير مدروسة واتخذ القرار على عجل مما اضطر العديد من التجار التوقف عن البيع بسبب عدم قدرتهم على مجاراة السوق ولما سيلحق بهم من خسائر، وبالتالي فقدان ملايين الدنانير من السيولة النقدية.ووفقًا للتجار والمستثمرين المتضررين، فإن هذا القرار تم اتخاذه بسرعة ودون تشاور أو مشاركة مع الجهات المعنية، حيث كان هناك آلاف السيارات المستوردة المتعاقد عليها وبعضها في طريقها إلى الأردن مما زاد من تعقيد الوضع، والأدهى أن الحكومة لم تمنح وقتًا لتصويب الأوضاع أو استيعاب القرار وكأنها "ضربة مقفي"، فالحكومة لم تقدم أي تسهيلات تشجع إقتناء السيارات الكهربائية، بل ذهبت الى فرض ضريبة تلو الأخرى على عكس الدول الأخرى التي تدعم الاستثمار في السيارات الكهربائية كجزء من جهودها للحد من الانبعاثات الكربونية، في حين أن دول مثل التعاون الخليجي، ومصر، وتركيا، تقدم إعفاءات وحوافز مشجعة لجذب المستثمرين في هذا القطاع، ناهيك عن أن القوانين الاستثمارية الناظمة للعمل غير المستقرة دفعت الكثير من رجال الأعمال لمغادرة البلاد وأصبحت بيئة الاستثمار طاردة، فتجد حكومة تقر وأخرى تعدل أو تلغي ما جاء به من قبلها لتصل قناعة المستثمر بأنه لا تحفيز ولا توطين لأمواله في الأردن.والآن يبرز التحدي الأكبر أمام حكومة جعفر حسان التي ورثت حملاً ثقيلاً عن سالفتها، فهل ستعيد النظر في قرار رفع الضريبة على السيارات الكهربائية؟، فمن غير المعقول أن تصل تكلفة الضريبة ورسوم التخليص على المركبة ما يعادل ثمنها في بلد المنشأ!.. وكان الأجدى والأجدر أن تدرس الحكومة قرارها بعناية وتأخذ بعين الاعتبار استدامة هذا القطاع بدلاً من ضربه في مهده متذرعة أن الهدف من هذا القرار هو تحقيق العدالة الضريبية، فلماذا لا يكون القرار ضمن شرائح أو تضاف الضريبة تدريجياً أو حتى يخفض سعر البنزين والسولار، لكن بإعتقادي أن هذه العدالة قد تكون مشوهة إذا لم يتم التشاور مع المستثمرين وأصحاب العلاقة قبل اتخاذ القرار.ختامًا، في ظل تأثيرات وإنعكاسات القرار السلبي على الاقتصاد والسوق المحلي، وعد عدد من النواب بإعادة فتح ملف الضرائب المفروضة على السيارات الكهربائية في محاولة لتخفيف الضرر الواقع على هذا القطاع الحيوي، فالمصلحة الوطنية تتطلب من الحكومة المرونة وإعادة التقييم، ومن المنطق أن القوانين والتشريعات التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد أو توقع ظلمًا على فئة معينة تستحق دومًا المراجعة والتعديل، ويبقى السؤال: هل ستلتقط الحكومة الجديدة هذه المعطيات وتعيد النظر في القرار؟!..
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/09 الساعة 21:31