الفرجات يكتب: أهمية ضبط البوصلة في العقبة؛ مقترحات لإنعاش إقتصاد المحافظة والمملكة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/02 الساعة 17:21
مدار الساعة - أ.د. محمد الفرجات - الدروس المستفادة من الحادث الأخير في العقبة في أحد المصانع، يفتح ملف البطالة والفقر في محافظة تحتضن أكبر مشروع إقتصادي عملاق وهو المنطقة الاقتصادية الخاصة، وكذلك شركة تطوير وادي عربة، وموانيء متعددة ومطار دولي ومناطق سياحية، وخدمات وبنى تحتية وشبكات عصرية وشاملة ولوجستيات... الخ.
ففي بواكير مشروع منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كان جلالة الملك، والذي أطلق المشروع في بدايات عهده بالحكم، يحفز مجلس المفوضين ويذلل كل التحديات والعقبات لينجح هذا المشروع الاقتصادي الوطني الكبير، ولطالما كان جلالته يقول لهم "بدنا نشوف الجرافات بتشتغل في الميدان"، في إشارة من جلالته لأهمية تطوير الأراضي بمشاريع إستثمارية وسكنية وصناعية وسياحية وخدمية وغيرها، لتعود بالنفع على العقبة والمملكة على حد سواء وتنعش الخزينة كذلك.
نجح المشروع بمكوناته وحوافزه وحقق جزءا جيدا من الخطة الاستراتيجية، ولكنه وصل مؤخرا إلى مراحل عليه أن ينافس بقوة على المستوى الإقليمي والعالمي، خاصة وأنه قد واجه تحديات مخرجات الأزمة الاقتصادية العالمية والربيع العربي ووباء كورونا وتبعات الحروب في الإقليم؛ حرب غزة مثال.
كما وأن الأشقاء في مصر والسعودية مستمرون بالنجاح في مشاريع مشابهة ومنافسة سواءا تجارية أو سياحية أو صناعية أو مدن ذكية ومدن مشاريع المستقبل أو كلها معا، كشرم الشيخ ومدينة نيوم ومدينة ذيلاين، والمدن الاقتصادية المعلنة مؤخرا في السعودية ومشاريع العلا... والموانيء المنافسة وخطوط السكك الحديدية والطرق السريعة التي نسمع عنها وتربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
سمو ولي العهد ومنذ نحو عام تسلم ملف العقبة الاقتصادية الخاصة، وصرح مباشرة وبحزم بأن الأمور بحاجة لضبط البوصلة، وتم في ضوء ذلك البدء بمراجعة المخطط الشمولي الاستراتيجي للعقبة لغايات التحديث بين الانجاز والطموح، كما وقد تم تغيير طاقم مجلس المفوضين رئيسا وأعضاءا، وجرى العديد من التغييرات على إدارة شركة تطوير العقبة؛ الذراع التطويري والتفيذي لمفوضية العقبة.
من خبراتي العلمية والعملية وعند تطبيقها على العقبة، فأقيس تقدم سير العمل بعيدا عن أخبار الاعلام والصحافة والمبادرات وورشات العمل والمؤتمرات، وألجأ لحالة الأسواق والتجارة في المدينة وعدد العاطلين عن العمل/مقابل فرص العمل، وعدد المشاريع تحت الإنشاء (والمعطل منها) والمقاولات والعطاءات المختلفة القائمة وعدد المشاريع الاستثمارية تحت الانشاء، ونسبة النفقات الرأسمالية في موازنة مفوضية العقبة إلى النفقات الجارية، وتدفق الإيرادات، والإتفاقيات النوعية القائمة والقادمة في الأفق.
وعند تفحص ما سبق مع حوافز مشروع العقبة الاقتصادي وقوانينه المشجعة للإستثمار، مقابل ما تم ضخه من مليارات في العقبة بين بنى تحتية وفوقية وشبكات وتطوير المطار والمواني، فللأسف العوائد أقل من المتوقع، والمؤشرات ليست مبشرة لتلبي الطموح والمستوى المؤمل الذي يحافظ على صعود مشروع العقبة الاقتصادية الخاصة، وهنا فنحن لا نلقي اللوم على أحد ولا نتهم أحد ونعلم بأن الظروف الإقليمية والعالمية صعبة، ولكن بالمقابل فإن من لا يتطور ينقرض، والوضع يتطلب أفكارا من خارج الصندوق وواقعية وعملية وقابلة للتنفيذ أيضا.
هنا تحتاج العقبة إلى حزمة من الحلول والمشاريع والقرارات الجريئة وغير التقليدية، والتي بالتأكيد ستنعش مشروعها برمته، وتزيد تدفق الإيرادات المالية والمشاريع الرأسمالية وتنغش القطاع الخاص وقطاع المقاولات والأسواق والتجارة والتي باتت تعاني مؤخرا.
تاليا سندرج حزمة مقترحات سابقة لنا، والتي جاءت بمقالات ورفعناها كذلك لأصحاب القرار، وقد تفيد بالتأكيد:
١- الفرجات: نهضة عمرانية إقتصادية ستجذب وتحرك السيولة في العقبة
مشروع "مدينة العقبة الجديدة"، ستقوم على أراضي الخزينة الواقعة إلى الشمال والشمال الشرقي من مدينة العقبة، وستملك للمواطنين بأسس ومعايير عادلة طرحتها مشكورة مفوضية العقبة بعدد حوالي (٢٥ ألف) قطعة أرض، لتشمل أكبر عدد من أبناء المنطقة، وقد جاء ذلك وفقا لخطوة إستباقية جمعت التوافقات المجتمعية على الأسس والمعايير المذكورة، لتلبي طموح الجميع.
تتراوح مساحات الأراضي السكنية من ٢٥٠ إلى ٧٠٠ متر مربع، وبصفات إستعمال وأحكام تنظيمية تعكس الرفاهية، وتحقق مدينة رفيقة بالمشاة، وبمخططات تعكس مدينة ذكية مستدامة صديقة للبيئة وقابلة للحياة، تفرز مخلفاتها الصلبة، تدور مياهها العادمة، وتعتمد على الطاقة المتجددة، وتشرب وتزود القطاعات من الماء المحلى من مياه البحر، وتعتمد النقل العصري، وتعنى مشاريعها بالإقتصاد الأخضر والتكيف مع التغير المناخي.
يتوقع من العملية أن توفر عوائد مالية مباشرة لمفوضية العقبة وعلى مدى ستة أعوام بالمتوسط، ما بين أثمان البيع وعوائد التراخيص والتنظيم ومبيع المشاريع الإستثمارية، ما يحقق كلف البنى التحتية من شبكات ماء وكهرباء وصرف صحي وتصريف مياه أمطار وشوارع وأرصفة، وبنى فوقية وخدمات، إضافة لمحطات التحلية والصرف الصحي.
وسيوفر المشروع برمته عوائد مالية غير مباشرة لمفوضية العقبة وخزينة المملكة وعلى حد سواء، ناتجة عن إزدهار الحركة العمرانية، كما وستتمكن المفوضية من إستكمال ما جاء على مخططها الشمولي وتحقيق كلف البنى التحتية والفوقية والخدمات والتنمية وكلف تعزيز البيئة الإستثمارية، مما سينعش المدينة ويحرك السيولة في أسواقها كذلك.
سينعش المشروع منطقة العقبة للثلاثة عقود القادمة ماليا، ويوفر عشرات آلاف فرص العمل الثابتة والمؤقتة، ويحرك قطاعات مواد البناء وصناعاتها وقطاعات الإنشاءات والمقاولات والهندسة والنقل، ويستقطب رؤوس أموال من الخارج سواءا من المغتربين أو بغية الإستثمار.
المدينة الجديدة ستحتاج بالتأكيد للمدارس والخدمات الصحية والترفيهية وغيرها، مما سيحقق المزيد من فرص العمل.
سيفتح المشروع الباب للتكامل والتعاون بين مفوضية العقبة وشركة تطوير وادي عربة ومشروع صحارى النرويجي (الأمن الغذائي الوطني) وشركة البوتاس، وسيطلق المشروع العنان لباقي المحافظات بالتحول إلى محركات إقتصادية تنموية، تقوم على ميزاتها الجغرافية والجيولوجية وغيرها،،،
٢- الفرجات: مقترح تنموي استثماري في محافظة العقبة يوفر آلاف فرص العمل
في ظل ما يعانيه الشباب من فقر وبطالة تنعكس على مستقبلهم، وأمام أزمة الغذاء العالمية والتضخم والتغير المناخي والشح المائي، قدم الدكتور محمد الفرجات الأستاذ في جامعة الحسين بن طلال نموذجا لمشروع تنموي استثماري من عدة مكونات، ويشبه الى حد ما فكرة مشروع ناقل البحرين ومشروع نيوم السعودي.
وفي التفاصيل وحسب النموذج المرفق، يقترح البروفيسور الفرجات عبر مشروعه ضخ كميات معلومة من مياه البحر من خليج العقبة وبشكل يومي ومستمر إلى منطقة تتن والتي تقع حوالي 20كم شرق العقبة وشمال الحدود السعودية، وذلك بواسطة محطة طاقة شمسية تخصص طاقتها لرفع المياه من سطح البحر إلى تتن ومحيطها، والتي تقع على ارتفاع يبلغ نحو 800 متر فوق سطح البحر، لتتجمع المياه وفقا للفرجات في عدة بحيرات اصطناعية (بأبعاد وأشكال معلومة) في قرية تتن وإلى شرقها (منطقة الرمال الحمراء التي تشبه وادي رم) والى مناطق الجنوب منها، وهي غالبا أراضي مملوكة للخزينة وجزءا منها للمواطنين، لتشكل جميعها معلما طبيعيا بيئيا جاذبا للاستثمار بالمشاريع السياحية من مخيمات وفنادق ومنتجعات سياحية بيئية، إضافة إلى إيجاد مزارع ممتدة لتربية الأسماك بأنواعها المختلفة لتساهم بسد حاجة المملكة.
ويكمل الفرجات الشرح حول نموذجه قائلا: فرق الارتفاع بين قرية تتن ومحيطها من ناحية ومدينة العقبة من ناحية أخرى، يمكن أن يسمح بمد أنابيب بمواصفات معينة بين تتن والعقبة عبر وادي اليتم، لتكمل المياه المالحة والفائضة من البحيرات جراء الضخ اليومي والمستمر دورتها، وتنساب بقوة وضغط عالي عبر الأنابيب بفعل الجاذبية، مما يسمح بتمرير المياه المضغوطة في وحدات خاصة لغايات التحلية بواسطة المرشحات العضوية الاصطناعية بخاصية التناضح العكسي، مما قد ينتج عنه عشرات آلاف الأمتار المكعبة من المياه العذبة يوميا، إضافة لإمكانية تمرير المياه ذات الانسيابية العالية عبر توربينات لتوليد الكهرباء.
ويضيف البروفيسور الفرجات أستاذ الجيوفيزياء والمياه والبيئة في جامعة الحسين بن طلال، بأن جغرافية وجيولوجية وبيئة منطقة تتن ومناخها وتنوعها الحيوي وبعدها عن الاضاءة والضجيج، ومع وجود عنصر المياه كالبحيرات الاصطناعية والمياه المحلاة والطاقة الكهربائية النظيفة، كلها ستشكل لمفوضية العقبة فرصة استثمارية كبيرة لترويجها أو استقطاب منح لتمويلها.
وصرح الفرجات والذي سيقدم باقي مكونات الفكرة ومخططاتها إلى مفوضية العقبة الأسبوع القادم، بأن ما يفيض من مياه محلاة يمكن أن يساهم بتغطية حاجات مدينة العقبة والتي باتت تعاني انقطاع المياه، إضافة لرفد المشاريع الزراعية الذكية مناخيا والصناعية والسياحية والتنموية في وادي عربة الجنوبي والشمالي، وضمن اختصاص شركة تطوير وادي عربة مما يسندها لتنفيذ الخطة التنفيذية المشتقة من مخططها التنموي الاستراتيجي.
هذا ويختم الفرجات مقترحه بأن المحافظات بحاجة إلى أفكار تنموية، وأن المشاريع التي تلبي وتقابل متطلبات الاقتصاد الأخضر يمكن تمويلها حيث أنها تشكل عنصر الاستدامة على الكوكب.
٣- الفرجات: مدينتان سياحيتان في العقبة والطرح غريب !!!
في رؤية غريبة للتغلب على تضاريس الطبيعة لتطويعها لخدمة الإقتصاد الأردني، دعا الجيولوجي البروفيسور محمد الفرجات وفي نموذج جريء، إلى إستغلال مساحات كبيرة جدا وغير مستغلة من جبال شرق العقبة ذات الطبيعة القرانيتية، والتي تعد خارج حسابات مفوضية العقبة وشركة التطوير (في الوقت الراهن على الأقل حسبما صرح).
وقال البروفيسور الفرجات في حديث للصحافة، بأن أحد أهم التحديات في مشروع العقبة الإقتصادية الخاصة، هو ضيق مقطع طولي كبير من الشواطيء المطلة على خليج العقبة في المياه الأردنية، وذلك لقرب الجبال القرانيتية في تلك المناطق من البحر، لتكاد أن تلامسه في بعض النقاط، مما يكفي فقط لمرور مسربي الشارع الذي يؤدي للشاطيء الجنوبي.
وحسب البروفيسور الفرجات، فإن هذه المناطق وكما يظهر في الصور الفضائية المرفقة، ومن حدها الغربي المحاذي للشارع المذكور، وذهابا إلى عدة كيلو مترات نحو الشرق، تشهد كثافة في بروزات جبلية صخرية قرانيتية مختلفة الإرتفاعات، وتتخللها أودية، مما يجعل مساحات شاسعة مطلة على البحر في مدينتنا البحرية الوحيدة مبطلة النفع، وخارج حسابات السلطات المحلية ومخططات تطوير الأراضي وإستعمالاتها.
هذا وقد أشار الفرجات أستاذ علم الجيولوجيا في جامعة الحسين بن طلال ومؤسس منتدى النهضة والمهتم بالشأن التنموي الوطني، بأن المساحات المذكورة تماثل ضعفي مساحة مدينة العقبة الحالية (وكما يظهر في الصورة الفضائية)، وإذا ما تم تطويرها وإستغلالها فإنها ولإرتفاعها المميز وإطلالتها على السعودية ومصر والأراضي المحتلة ومياه خليج العقبة، إضافة لمناخها الأكثر إعتدالا من العقبة المنخفضة، فإنها ستشكل مشروعا يعود على البلاد بعشرات مئات الملايين، خاصة وأننا نتحدث عن تطوير آلاف الدونمات، وأن ثمن الدونم الواحد في العقبة والمطل على الشاطيء يقدر بمئات الآلاف.
وقال الفرجات في حديثه بأن التكنولوجيا اليوم في كثير من دول العالم تغلبت على الجبال الأشد تماسكا وقساوة، وحفروا فيها الأنفاق وشقوا الطرق وبكلف قليلة، وأنه من الممكن بطريقة القطع من الكتل الجبلية ومليء الأودية، الحصول على مصاطب ومساحات شاسعة ومتدرجة الإرتفاعات، بنماذج معمارية ذات إطلالة وساحرة، تصلح لإقامة المدن السياحية والسكنية وغيرها.
وفيما يتعلق بتوفير الشواطيء لهذه المساحات والمدن الناتجة، دعا الفرجات إلى إزاحة الطريق البحري المحاذي للجبال نحو الشرق وبعد تسويتها، وبواقع ٥٠٠ متر مثلا، للحصول على مقطع شاطئي يفرش بالرمال بعرض نصف كيلومتر وبطول يتجاوز الخمسة كيلومترات، ويشكل أيضا فرصا إستثمارية سياحية كبرى.
العملية برمتها وحسب الفرجات لن تكون مكلفة عند طرح المشروع لإئتلاف وطني وحكومي يشاركه القطاع الخاص في محفظة مالية تخصص لهذه الغاية، مما سينشط سوق العطاءات والنقل والأسواق، ويوفر فرص العمل المختلفة (مباشرة وغير مباشرة) عند التخطيط والتنفيذ والتشغيل، فضلا عن جذب رؤوس الأموال والمستثمرين للعقبة والمملكة على حد سواء، وأنه بحسابات التكلفة والعائد، فإن المشروع مجدي تنمويا، في منطقة إقتصادية تعاني ضيق وشح الأراضي الإستثمارية السياحية.
٤- الفرجات: داخل مدينة العقبة؛ قطار كهربائي على سكة الحديد المهجورة
لطالما كتبت بشأن النقل وتحدياته داخل مدينة العقبة، بين إزدحام ينمو وبنى تحتية وشبكات تتقلص بطاقتها الإستيعابية، ومع غياب الحلول وبوادرها، فقد تشاورت فنيا وهندسيا مع خبير سكك حديدية في مفوضية العقبة، وذلك حول إمكانية الاستفادة من سكة حديد الفوسفات المهجورة، والتي تمر من أحياء مزدحمة ويضطر سكانها لسلوك تقاطعات خطرة ومزدحمة بالشاحنات والصهاريج والملاحات، وهي المنطقة السكنية التاسعة ووحدات الجيش والمنطقة السكنية الخامسة والمنارة والشلالة... وصولا إلى جسر الميناء القديم.
يقترح الحل تشغيل قاطرات بدفع كهربائي يغذى من شبكات خفيفة تؤسس بمحاذاة السكة وتعمل بالطاقة الشمسية، وتزود بمحطات توقف وتحميل عصرية، وهذا في مرحلة المشروع الأولى ويشغل ضمن خطة نقل دقيقة التردد والوصول، ومن ثم وللمرحلة الثانية يتم نقل جزء من خطوط السكة المهجورة من مراحل ما قبل العقبة، ويتم تأسيس خط دائري لمسار النقل بالقطار الخفيف، ويمر من وسط البلد إلى أحياء الوحدات الشرقية والشعبية والمحدود والعاشرة وملقان فالمطار وصولا إلى بداية المسار في المنطقة التاسعة، وسيربط القطار لاحقا مدينة العقبة مع تجمعات المد السكاني القادمة في مخططها الشمولي لاستعمالات الاراضي شمال العقبة.
مدينة إقتصادية خاصة كالعقبة (سكانية، صناعية، سياحية، تجارية، إستثمارية، مدينة أعمال) تسعى لتكون مدينة ذكية، لا تليق بها الازدحامات المرورية، وجدير بسلطاتها المحلية تبني الفكرة.
المشروع المقترح يعد نواة لدخول المملكة عصر النقل بالقطارات داخل المدن، وقد كنت أول من إقترح ذلك صيف عام ٢٠٠٤ في جريدة الرأي بمقال لي معنون "قطار كهربائي لنقل الركاب بين عمان والزرقاء"، لتبدأ وزارة النقل بعد أسبوعين بتبني الفكرة، والتي لم تر النور لغاية اليوم.
٥- الفرجات: جسر جوي من مطار العقبة لتصدير منتجات وادي عربة لأوروبا،،،
منطقة وادي عربة عندما تستفيد من مشروع ناقل بحري من خليج العقبة لغايات التحلية، وبالإستفادة من مشروع طاقة شمسية كبير، وحيث ستتوفر المياه العذبة المحلاة والطاقة بجانب الأيادي العاملة المدربة، ومع أراضي خصبة وجغرافيا مناسبة، وقرب مطار الملك الحسين الدولي في شمال العقبة، فإننا نتحدث عن أكبر مشروع إستثماري وطني قابل للترويج.
أوروبا وعمق القارة الإفريقية وشرق آسيا، باتت ومع التغير المناخي وإشتراطاته كذلك، بحاجة لمشروع من طراز المذكور سابقا، يشكل سلة غذائية، ومصدرا لمنتجات الصناعات المتوسطة والثقيلة.
مشروع صحارى الريادي الزراعي والمدعوم من النرويج والواقع شمال العقبة، ومع شركة تطوير وادي عربة، معا وبحضور ودعم مفوضية العقبة وذراعها التطويري شركة تطوير العقبة، كلها اليوم مدعوة لإنجاح الرؤية، مما يحقق آلاف فرص العمل إضافة لتعزيز مصادر العملة الصعبة.
٦- الفرجات: العقبة تحدث مخططها الشمولي بحثا عن الفرص والإستدامة، فهل تستطيع؟
التخطيط الشمولي الذكي هو الذي يستديم الموارد ويستغلها بشكل متزن وحكيم مع حفظ حق الأجيال القادمة بها، ويحافظ على البيئة الفيزيائية ومكوناتها من المياه والتربة والهواء والتنوع الحيوي كذلك.
كما ويحقق تنمية إقتصادية تعتمد على إمكانيات المنطقة، لنحقيق الفرص للأجيال الحالية والقادمة.
ويعتبر تخطيط إستعمالات الأراضي العمود الفقري للعملية، حيث أن تطوير الأراضي يحكم مستقبل المدن إن كانت قابلة للحياة وصديقة للبيئة ورفيقة بالمشاة وتمنح الرفاه والفرص لسكانها، أم لا.
تعد العقبة حاضنة سكانية لعشرات الآلاف من المواطنين، وحاضنة صناعات خفيفة وثقيلة، وحاضنة موانيء متعددة كالركاب والفوسفات والحاويات والنفط والزيوت والأسمدة وغيرها، وحاضنة أعمال وخدمات وتجارة وإستيراد وتصدير، ووجهة وحاضنة سياحية هامة، وحاضنة نقل جوي وبري وبحري.
المدينة التي تشهد نموا سكانيا جيد (طبيعي وهجرة داخلية) تقع على ثلاثة حدود دولية ما زالت تشهد نهضة عمرانية وبناء وبنى فوقية وتحتية لغايات الإسكان والصناعة والسياحة والإستثمار والخدمات والتجارة، وتتوسع شرقا وشمالا، في وقت تشح فيه الأراضي للإستعمالات كافة مع تطور المدينة، والتي تحدها جبال القرانيت شرقا والبحر جنوبا.
تعتمد العقبة إعتمادا كليا على خزين الديسة الجوفي غير المتجدد لغايات الشرب والري والصناعة والسياحة والبناء، ويعتبر المستقبل المائي لمدينة تحتاج ما يزيد عن 15 مليون متر مكعب سنويا من الماء العذب غير واضح بعد، أمام خزان جوفي يري تملحا وهبوطا في بعض آباره.
الطاقة قضية هامة في المدينة، والتي لا تقل طلبا عن العاصمة على التيار الكهربائي لكافة الإستعمالات المذكورة آنفا.
الكوارث الطبيعية لا يمكن إغفالها في المنطقة والمحيط نسبة لوقوع المدينة في فم وادي عربة ومصب وادي اليتم، والأودية الشرقية التي تتخلل سلسلة جبال القرانيت شرق المدينة، وقد تصرف ملايين الأمتار المكعبة في الأحداث المطرية الكبيرة، كما ولا يمكن زلزاليا تجاهل حقيقة وقوع المدينة تركيبيا على الجزء الجنوبي للحوض الخسفي في الإمتداد الأردني، الأمر الذي يتطلب التدابير في كودات البناء والبنى الفوقية والتحتية والتجهيزات والجاهزية.
ويعد أمر حسن التدابير والجاهزية ضد المخاطر الطبيعية من عوامل تحفيز الإستثمار، في مدينة باتت تشكو تردي الحركة التجارية والسياحية الداخلية.
لا شك بأن العقبة مدينة حساسة بمكوناتها البيئية الفريدة من محيط جاف بتنوع حيوي فريد، وبيئة بحرية حساسة، وخزين جوفي لمدينة ساحلية ينتهي هايدروديناميكيا وتحت سطحيا بمياه البحر.
وعلى الجميع إدارة مخلفات صلبة وسائلة وغازية بحكمة ودقة حفاظا على صحة السكان، وحفاظا على البيئة القابلة للتلوث.
الموازنة المتاحة للعقبة (إيرادات ونفقات) في دولة تسد ديون تساوي ناتجها القومي وتشهد ضائقة إقتصادية تحد من الفرص، وتتطلب إحداث موازنة ذكية تحدث تنمية، تركز على الإنفاق الرأسمالي وتقلل الجاري ما أمكن.
الأجيال في العقبة من خريجي معاهد وكليات وجامعات وحملة التوجيهي وما دونه يزدادون شهريا، والفرص شحيحة جدا، أو حتى تكاد أن تكون معدومة.
الإنفاق الرأسمالي شحيح جدا، ويحد من فرص القطاع الخاص، والإستثمار القائم في ظل قرارات حكومية شملت العقبة بات مهددا بالهجرة، والإستثمار المطلوب لا يأتي في ظل حوافز ومغريات جمارك وضرائب ورسوم وخدمات وبنى تحتية تقدمها دول مجاورة أضعافا، وعلى طبق من ذهب دون تعقيدات البيروقراطية.
المخطط الشمولي القائم، والذي يعد نسبة لقرار مجلس مفوضي العقبة قيد الدراسة والتقييم من أجل التحديث، يحتاج دراسة ما تم من مراحل بدقة وعناية، وتوجيه وتحديث المراحل التي لم تتم بعد تبعا للبوصلة المحلية والوطنية والعالمية، لضمان مخرجات تحقق نموا سليما للمدينة، وفرصا لأجيال ما زالت تبحث عن الضوء.
مستقبل المدينة المائي ومستقبل الطاقة فيها، والخدمات التعليمية والصحية، وشبكات الخدمات والطرق، والنقل، والبنى التحتية والفوقية، أمام إسقاطات النمو السكاني بشقيه الطبيعي والناتج عن الهجرة الداخلية للمدينة، كلها بحاجة لوضع سيناريوهات أكثر دقة وحكمة وتوازن.
لا ضير في مراحل إعادة التقييم من عقد حلقات نقاشية مع ممثلي القطاع الصناعي، وقطاعات النقل بأنواعها، وممثلي القطاع الخدمي، وممثلي القطاع الإنشائي، وممثلي القطاع التجاري، وممثلي القطاعات السياحية، وممثلين عن السكان والأهالي، وممثلي الجمعيات البيئية، وممثلي قطاعات التزويد المائي والطاقة والصرف الصحي... إلخ.
لا بد من إعادة تقييم ما تم وما هو القادم، وماذا نريد، وكيف نحقق ذلك؟
المهمة ليست سهلة، كما وأنها ليست صعبة بنفس الوقت، والمطلوب مدينة قابلة للحياة، صديقة للبيئة، رفيقة بالمشاة، توفر الرفاه وفرص العمل لسكانها، وتنعش بنهضتها إقتصاد المملكة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/02 الساعة 17:21