حماد يكتب: إدماج اللاجئين هل أصبح أمراً واقعياً؟

د . زايد حماد غيث
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/02 الساعة 10:29
لا يزال المجتمع الدولي غير قادر على إيجاد حلول شبه نهائية لوضع اللاجئين السوريين ففي الوقت الذي تزداد فيه الاوضاع الإنساينة سوءاً يتخلى المجتمع الدولي عن أغلب واجباته الإنسانية في تقدم الدعم للاجئين وإلى الدول المستضيفة لهم وخاصة منها الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية ففي ظل هذا التراجع في تقديم المساعدات والأزمات الإقتصادية يبرز موضوع وضع اللاجئين شبه النهائي وخيارات العودة التي أصبح الكثير ينادي فيها ولكن دون إيجاد حل لتلك المشكلة.
وعند الحديث عن خيارات العودة للاجئين السوريين والخيارات المطروحة لتحديد المصير شبه النهائي للاجئين في دول اللجوء تنحصر في ثلاثة خيارات: الأول العودة والثاني إعادة التوطين والثالث الاندماج ويبدو أن خيار العودة غير مطروح عند غالبية اللاجئين وذلك لسببين : الأول منها عدم وجود ضمانات أمنية محلية أو عربية أو اقليمية أو دولية لضمان عودة آمنة للاجئين إلى ديارهم والثاني الأمن الاقتصادي ويشمل كل نواحي الحياة من تأمين مستلزمات الحياة اليومية والتعليم والصحة والعمل لذلك يميل اغلب اللاجئين الى عدم العودة وهناك احصائيات لدى المفوضية ومؤسسات المجتمع المدني تفيد بان 90% من اللاجئين لا يرغبون بالعودة في ديارهم .ولا شك أنّ خيار إعادة توطين اللاجئين في دولة ثالثة حلٌّ من الحلول التي يمكن أن يساهم في تخفيف المعاناة عن اللاجئين , وعن الدول المستضيفة حيث أنّ إعادة التوطين أمر مطروح في الدول الأوروبية وغيرها ولكن الكثير من الدول الغربية قد أخذت كفايتها من اللاجئين السوريين بمختلف ثقافاتهم وطبقاتهم العلمية والعملية والإنسانية وبالتالي أصبحت الرؤية عند تلك الدول واضحة في مصير اللاجئين وهو عدم استقبال لاجئين جدد ,وفي هذا السياق قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن إنّ هناك 111 ألف لاجئ في المملكة يحتاجون لإعادة التوطين، ما يشكل حوالي 14 % من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية، وذلك وفق ما نشرته صحيفة الغد.وبالرغم من حاجة هؤلاء لإعادة التوطين إلّا أنّه -وفقا للمفوضيّة- "لا يمكن النظر في إعادة التوطين إلا لحوالي 1 % فقط جراء الخيارات المحدودة".أما الخيار الثالث وهو عملية إدماج اللاجئين في الدول المستضيفة لهم هو أكثر الحلول تعقيداً لتلك الدول؛ حيث أنّ الوضع الاقتصادي صعب وكذلك الخوف من التوطين المنتهى بالتجنيس, مما يعني تغيير بعض التوازنات واود التأكيد بأن الكثير من مراكز الابحاث والدراسات كانت دوماً تمهد الطريق إلى خيار الاندماج وكانت تلك الأبحاث والدارسات تتحدث عن شكل العلاقة المستقبلية بين الدول المضيفة واللاجئين وكانت تدرس بعناية كل المكونات النفسية والاجتماعية والثقافية والعادات والتقاليد لذلك كان الهدف منها معرفة تقبُّل المجتمع المضيف لاندماج اللَّاجئين السُّوريِّين وتجنيسهم في تلك الدول , وكانت الدِّراسات تتحدَّث بشكل دقيق عن العادات والتَّقاليد وتقبُّل الآخر والخصائص النَّفسيَّة والاجتماعيَّة المتعلِّقة بذلك، حتَّى أنَّنا لاحظنا أنَّ مضمون بعض تلك الأسئلة التي كانت تتحدَّث عن ردَّة الفعل تجاه مواقف اجتماعيَّة: عندما يطلب لاجئ سوريٌّ الزَّواج من أقاربك! أو هل يمكن لك أن تسمح لِلَاجئ في أن يتوسط ويتدخَّل في مشاكلك الاجتماعيَّة والعائليَّة الخاصة؟ وما هو نوع المساعدة العائليَّة التي يمكن أن تطلبها من اللَّاجئ؟ وهل يمكن لك أن تتزوَّج من لاجئة او العكس ؟ أظن أنَّ أغلب هذه الأسئلة كان مآلها معرفة أراء المستضيفين في توطين اللَّاجئين السُّوريِّين من النَّاحية النَّفسيَّة والاجتماعيَّة والعائليَّة والشَّخصيَّة.يسعى المجتمع الدولي إلى فرض التوطين على الدول المستضيفة للاجئين رغم الإشكاليات الكبيرة التي ستواجه هذا المشروع حيث يعتبر أسهل الحلول للمجتمع الدولي فهو أمر واقع وأخذ منحي شبه إلزامي لتلك الدول وأصبحت هذه الدول ملزمة في ايجاد حلول للاندماج وللاسف تعتبر بعض الدول مثل المضيفة الحلقة الأضعف في هذه المعادلة ويبدو أن الأمر في طريقه للتنفيذ .
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/02 الساعة 10:29