العتوم يكتب: استراتيجية بوتين النووية .. ماذا تعني ؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/29 الساعة 20:05
في موضوع الحرب الأوكرانية / العملية الروسية الخاصة الإستباقية الدفاعية التحريرية التي انطلقت بتاريخ 24 / شباط / 2022 ، و التي أسبابها معروفة لموسكو و مفهومة و ذات علاقة مباشرة بحرب نظام ( كييف ) – زيلينسكي و قبله باراشينكا على المكون الأوكراني و الروسي بهدف ضم شرق أوكرانيا قسرا لجسم الدولة الأوكرانية و التسبب في مقتل أكثر من 14 الفا من مواطني الشرق الأوكراني و تشريد غيرهم و نشر فوبيا اعلامية ضد روسيا مفادها الشروع بأحتلال أوكرانيا المستقلة و خطف أطفالها ،و هو الذي واجهته روسيا بالدلائل الواقعية الداحضة في زمن تحريك روسيا لصناديق الأقتراع التي أعطت اشارة الانضمام لروسيا و العزوف عن التعامل مع نظام أوكرانيا المتعاون مغ الغرب و حلف ( الناتو ) تحديدا .
وقابل هذه المعادلة مبكرا مخطط غربي – بريطاني لباريس جونسون و لأمريكا – بايدن – هانتر بإختراق الثورات البرتقالية الأوكرانية بين عامي 2007 و 2014 و المشاركة لوجستيا في انقلاب ( كييف ) عام 2014 ، ثم انتاج أكثر من قنبلة نووية مماحكة للحدود الروسية ، و أكثر من 30 مركزا للأنتاج البيولوجي المنتج لفايروس ( كوفيد 9 ) بهدف نشره في المناطق السلافية – السوفيتية السابقة و الروسية لرفع منسوب كورونا هناك ، و هو الذي كان . ثم التحرش المشترك الأوكراني الغربي و الغرب الأمريكي بخط الغاز ( نورد ستريم 2 ) و جسر القرم ، و اغتيال صحفيين روس وفي مقدمتهم داريا دوغينا . و الأنتقال لمرحلة الهجوم المضاد و مهاجمة القرى الروسية الحدودية في منطقة ( كورسك ) و بالتعاون لوجستيا مع أمريكا بالذات ،و بعدها لمرحلة استخدام و توجيه المسيرات غربية الصنع لتغزو الأراضي الروسي انطلاقا من مدينة بيلغاراد و روسوش و فارونيج حتى أطراف العاصمة موسكو . و بطبيعة الحال أثبت الجيش الروسي قدرته في التصدي لغزوات نظام أوكرانيا بكامل توجهه البنديري المتطرف المتعاون مع الغرب ، و تحديدا مع أكثر من 50 دولة غربية و شمال غربية ، و هو الذي أشار اليه قينادي زوغانوف مؤخرا - زعيم الحزب و التوجه الشيوعي الروسي رغم تصنيفه بالمعارض لحزب روسيا الموحدة الحاكم بقيادة الرئيس بوتين .
وبعد أن بلغ السيل الزبى ليس نتيجة لمواصلة نظام أوكرانيا حربه على روسيا و هو الأضعف من أن يواصل هكذا حرب و يقابل جيشا جرارا مثل الروسي ، و إنما بعد تدخل الغربي فيها خاصة بريطانيا و أمريكا لأسباب لا علاقة لها بالطبع في سيادة أوكرانيا بعد انهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 و التي تعرفها روسيا جيدا ، و بهدف ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح و استنزاف روسيا بإعتبارها قوة عظمى ناهضة و قائدة لتوجه عالم متعدد الأقطاب المناهض لمسار أحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و حلفها المعادي لها ( الناتو ) .و بعد تصعيد الرئيس فلاديمير زيلينسكي لحراكه تجاه أمريكا بالذات لصياغة ما سماه بسلام النصر و هو الخاسر بكل الأحوال ،و لتحقيق مشاريع حربية مشتركة تقف لها روسيا بالمرصاد ، و تمضي الى الأمام لتحرير مدينتي( خاركوف و أوديسا ) لتصل الى نهر الدنيبرمن أجل حماية سيادتها حسب عقيدتها السياسية و العسكرية فظهرت استراتيجية الرئيس بوتين النووية الجديدة هذا العام 2024 المعدلة عن استراتيجية بلاده لعام 2020 .
فماذا تنص العقيدة العسكرية النووية الروسية الجديدة و بماذا تختلف عن سابقتها ، نجد بأن العقيدة الروسية السابقة تركز على مواجهة الهجوم النووي الأجنبي بمثله و بنفس السرعة مع بقاء الخط الساخن عاملا . بينما تنص العقيدة النووية الجديدة على مواجهة أي ضلوع لأي دولة نووية بمهاجمة رويسيا عبر دولة غير نووية بهجوم نووي ،و الخط الساخن يبقى عاملا أيضا . ومجرد محاولة ( كييف – زيلينسكي ) استلام و استخدام طائرات ( اف 16 ) الأمريكية أو صواريخ غربية بعيدة المدى و استخدامها وسط العمق الروسي ، فأن الحرب الروسية الأوكرانية / العملية الخاصة سوف تتحول الى نووية مباشرة مع الغرب . و المعروف عالميا بأن روسيا الأتحادية تحتل الرقم 1 في المجال العسكري النووي الثقيل و لا تسمح بأي اعتداء يحمل صفة الأعتداء المباشر حتى لو كان تقليدي أو يمس أي من دول التحالف الروسي و خاصة بيلاروسيا التي سلحتها روسيا مؤخرا بالسلاح النووي و تحت اشرافها . وتحتل الصين الرقم 1 اقتصاديا على مستوى العالم ،و تقود الولايات المتحدة الأمريكية أحادية القطب المتغول على أركان العالم فيما تقود روسيا عالم تعددية الأقطاب المنفتح على شرق و جنوب العالم و يبقي الأبواب مفتوحة على الغرب الى حين عودة العلاقات الى ما كانت عليه حميدة .
وزيارة الرئيس فلاديمير زيلينسكي – رئيس الجناح الغربي الأوكراني حاليا – المنتهية و برلمان بلاده صلاحيته الجمعة الفائتة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم تفضي الى نتيجة يتوقعها تجاه تصعيد الحرب مع روسيا اذا ما أصبح رئيسا لروسيا في الخامس من شهر نوفمبر القادم ، و لفت ترمب انتباه زيلينسكي الى أن سوف يعمل على انهاء الحرب بحكم توازن علاقته مع الرئيس فلاديمير بوتين و الرئيس فلاديمير زيلينسكي . وفي الوقت الذي يراهن العالم على شخصية ترمب لإنهاء الحرب الأوكرانية الا أنه يستبعد أن تنتهي الحرب بقدوم كاميلا هاريس و ريثة جو بايدن و حزبه الديمقراطي المتطرف تجاه اليمين ، و الأكثر قربا من مؤسسة ( الأيباك ) – اليهودية ذات العلاقة الوطيدة بالصهيونية . و المعروف في المقابل ، فإن إسرائيل تساند نظام ( كييف ) في حربه مع روسيا رغم المد اليهودي الروسي الديمغرافي وسطها و الذي يتجاوز الى جانب المهاجرين الروس المليون مهاجر . وتختلف روسيا في موقفها مع الأحتلال الإسرائيلي للأراضي العربي و تطالبها بمغادرتها و فقا للشرعية الدولية التي لا تعترف فيها إسرائيل نفسها .
و المطلوب الان من الغرب الأمريكي عدم زج ذاته أكثر بالحرب الأوكرانية لترك مساحة بين روسيا و أوكرانيا ( كييف ) للتصالح و للذهاب الى السلام العادل بينهما ، وكل طرف روسي أو أكراني غربي يعتقد بأنه على صواب ، لكن الحقائق على الأرض مختلفه وتصب في صالح روسيا رغم تحشد الغرب و شمال الغرب ضد العملية الروسية الخاصة .و من يقرأ التاريخ السياسي عليه أن يعرف بأن عملية انهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 منحت أوكرانيا الأستقلال شريطة عدم الذهاب للتحالف مع حلف معادي مثل ( الناتو ) ، و القرم جذوره روسية منذ عهد القيصر يكاتيرينا الثانية رغم مكوثه في العهدة الأوكرانية 60 عاما ، ومادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 تسمح للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ،وهو الذي ارتكزت عليه روسيا .و روسيا بالمناسبة التي أعرفها لا تحارب أوكرانيا و لا الأوكران وإنما التيار البنديري الأوكراني المتطرف ،و نظام أوكرانيا المشابه ، و تواجه الغرب المستتر خلف نيران الحرب من جهة ( كييف ) العاصمة . و شخصيا أنا من دعاة السلام بين روسيا و أمريكا ومع الغرب الأمريكي لتنتهي الحرب الباردة و سباق التسلح ، و ليتفرغ العالم للتنمية الشاملة لصالح البشرية جمعاء .
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/29 الساعة 20:05