الشطناوي يكتب: المناهج

د. عبدالكريم محمد شطناوي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/23 الساعة 18:09
وما أدراك ما المناهج...
إنها بمثابة العمود الفقري فيتشكيل شخصية الإنسان!!! تعتبر المناهج عنصرا أساسيا من عناصر عملية التعلم والتعليموهي تشمل مجموع الخبرات، والأنشطة التربوية المقصودة التيتقدمها المؤسسات التعليمية لإحداث النمو الشامل للطلبة: عقليا، بدنيا، انفعاليا، إجتماعيابكل نواحي الحياة، وكل مراحلالدراسة، وكذلك تعديل سلوكهم وتحقيق الأهداف المنشودة المتمثلة في إعدادهم،وتكوين شخصياتهم ليكون كل واحد فردًاصالحا،مواطناصالحا،إنسانا صالحا. وعملية التعلم والتعليم هي بحد ذاتها عملية تفاعل ما بين المتعلم والمعلم،وسداة ولحمة هذا التفاعل هو المنهاج. ومن الدروس المستفادة عن أهميةالمناهج في الحياةالعمليةفي العصر الحديث نسوق مثلين اثنين: *ففي الحرب العالمية الثانية، فقد تهاوت أوروبا أمام جيوش هتلر ودانت له،وبعد أن وضعت الحرب أوزارها،تساءل مسؤلو بريطانيا عن أسباب هزيمتهم أمامه مع أن لديها العدد والعتادفخرجوا بنتيجة أن سبب ذلك يعزى الى المناهج التي لم تعد الأفراد إعدادا جيدا. * وفي بداية ستينيات القرن الماضي بينما كان العالم مشغولابمحاكمة(أدولف أيخمن)أحدمساعدي(هتلر) في دولة الإحتلال،بتهمةالمحرقة وقد اختطفه جهاز الموساد الإسرائيلي من الأرجنتين.وكانت أمريكا تزعم آنذاك بأنها المتقدمة على كل دول العالم،وإذا بالإتحاد السوفياتي يفاجئ العالم بإطلاق أول سفينة فضاءوفيها(يوري غاغارين)أول رائدفضائي،مما جعل أنظار العالم واهتماماته تتجه نحو هذاالحدث العظيم وتنسى تلك المحاكمة. وقد كان هذا الحدث بمثابة صدمة لأمريكا وجعلها تتساءل عن اسباب تخلفها في هذاالمجال،وبعد دراسات طويلة عزوا ذلك الى المناهج،حيث كانت مناهجها تعتمد الفلسفة البراغماتية،وقد دعاهم ذلك إلىاستدعاء عالم النفس(بياجيه)الذي طوّر نظريةالتطورالمعرفيلدى الأطفال ليعيد لهم ترتيب مناهجهم،مما أدى إلى تقدمهم في هذا المضمار،وقد أسفر عن وصولهم إلى سطح القمر. هذان مثالان حيان عن بلدين في عصرنا الحاضر يفكران فيتقدم بلديهما وتحقيق الأفضل لشعبيهما،فقد أدركا ما للمناهجمن دور أساسي في تأطير وبناءالأجيال. بينما بمزيد الأسف فبعد أن خطت وزارة التربية والتعليم الأردنية خطوات متقدمة في العملية التربوية صارت نموذجا يحتذى به بين الأقطار العربية، وبدلا من أن تستفيد وتأخذعبرةبهذين المثالين السالفين،فقد نحت منحى حاد عن الصواب مما أدى إلى ما نلمسه هذه الأيام من شعور الإحباط وعدم الرضى. وقد اتخذت الوزارة في عهد د.عمر الرزاز قرارا بإيجاد المركز الوطني للمناهج بفترة زمنية قصيرة بديلا عن مديريةالمناهج العامة،وكانت مديرية خاصة بإعداد المناهج ومضى عليها عقود،وقد اثمرت جهودها في عملية التعلم والتعليم. وقد كان لديها كادر من الفرق الوطنية في كافة المواد لإعداد المناهج،تأليف الكتب المدرسيةويتم طباعتها بمطابع الجيش العربي. كما قام معاليه بإرسال عطاء وضع المناهج وإعدادها على مؤسسة كولينز الأمريكية. وقد أكمل المشوار د.عزمي المحافظة بالتعاون مع شركة بيرسون الإنجليزية للإشراف على امتحانات الشهادة الثانوية الأردنية. وقد أثار ذلك تساؤلا::ماذا بقيبعد لوزارة التربية والتعليم؟؟؟ وهاتان الخطوتان تجاهلتا ما لدى التربويين الأردنيين من خبرات وكفاءات وكفايات،كان لها باعا طويلا في بعض الدول العربية.وبعد كل ما حدث في المديرية العامة للمناهج،فليس غريبا أن نلمس الإحتجاجات على وضع الكتب المدرسية مبتعدة عن القيم والمثل العليا لمجتمعنا العربي والإسلامي. والأغرب من ذلك أن ينبري بعض المحسوبين على قطاع التربية والتعليم فيكيل مدحا لما يُقدَّم من مناهج حادت عن فلسفة التربية والتعليم عامة وعن فلسفة كل مادة دراسية. وخير ما نستشهد به في مجالالمناهج قوله سبحانه وتعالى::(لكل جعلنامنكم شرعةومنهاجا)اي لكل قوم منكم جعلنا طريقا إلى الحق والحقيقة يؤمهما و سبيلا واضحا يعمل به. وقال رسولنا الكريم: (يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). فالمولود خلقه الله تعالى في أحسن تقويم(الوراثة)يأتي بعد ذلك دور البيئة بكل مكوناتها فتكسبه السلوك فتكتمل ملامحشخصيته.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/23 الساعة 18:09