العوران يكتب: 'الي بالطنجرة طلعته المغرفة'
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/23 الساعة 11:46
شهدت الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2024 انعكاساً واضحاً للظروف السياسية والاقتصادية المعقدة التي يمر بها الأردن على المستويين الداخلي والإقليمي، فبين ارتفاع الدين العام، وتفاقم نسب البطالة، والضغوطات الإقليمية المتزايدة، كانت هذه الانتخابات مفصلية، ليس فقط في توقيتها، بل أيضاً في سياقها السياسي الخاص، فالملفات الموضوعة على طاولة المجلس القادم تتطلب مجلسًا مسيسًا مدركًا لحجم التحديات الاستراتيجية القادمة ومدى أهميتها لمستقبل الأردن، بالإضافة لأن هذه الانتخابات جرت بعد إقرار حزمة من الإصلاحات السياسية، بما في ذلك التعديلات الدستورية الجديدة، وقوانين الأحزاب والانتخاب، وهي خطوات تعكس التوجه الرسمي نحو تحديث المنظومة السياسية برمتها.
وقد حملت نتائج الانتخابات إشارات مهمة حول طبيعة المشهد السياسي الأردني، حيث أظهرت تبايناً واضحاً بين صعود التيار الإسلامي، ممثلاً بحزب جبهة العمل الإسلامي في الدائرة العامة، وتقدم الأحزاب الوسطية الجديدة في الدوائر المحلية، هذا التباين الذي يعكس ديناميكيات انتخابية متعددة، بعضها يعود إلى قدرة الأحزاب الوسطية على الوصول إلى تحالفات مع بعض الشخصيات التقليدية في الدوائر المحلية والتي تمتلك قواعد شعبية تمكنها من النجاح في الانتخابات ولكن هذه التحالفات اقتصر أثرها على نتائج الدوائر المحلية فمرشحين الدوائر المحلية لم تذهب أصوات قواعدهم الانتخابية لدعم الحزب على القائمة العامة، وبعضها الآخر يرتبط بخصوصية السلوك الانتخابي للناخب الأردني وهو ما سنأتي على ذكره لاحقا في هذا المقال .وصعود التيار الإسلامي في الدائرة العامة لم يكن مفاجئاً ، بل جاء متسقاً مع ما توقعناه بعد نتائج انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية، حيث شهدت تلك الانتخابات تقدماً ملحوظاً للتيار الإسلامي عبر القائمة العامة فيما مقاعد الكليات تفوقت بها القوائم التقليدية، وفي سيناريو مشابه نجحت الأحزاب الوسطية الجديدة، والتي تحالفت كما ذكرنا مع شخصيات تتمتع بالثقل العشائري في الدوائر المحلية، بتحقيق نتائج جيدة على مستوى القوائم المحلية.ولفهم هذا التباين في نتائج الانتخابات ، بين فوز التيار الإسلامي عبر الدوائر العامة والتيارات الوسطية عبر الدوائر المحلية، لا بد من فهم سلوك الناخب الأردني والذي يتسم بالتعقيد والتوازن بين الولاءات الاجتماعية والتوجهات السياسية، وهو ما يعكس طبيعة المجتمع الأردني المتنوعة، ففي الدوائر المحلية، يتأثر الناخب بشكل كبير بالعلاقات العشائرية والروابط الاجتماعية، حيث يفضل التصويت لمرشح العشيرة أو من يحظى بتأييدها، وهذا سلوك سياسي ينبع من حرص الناخب على تعزيز نفوذ عشيرته وضمان تمثيلها في المؤسسات السياسية.على الجانب الآخر، وفي الدائرة العامة، يميل الناخب الأردني إلى التصويت بناءً على العاطفة الدينية أو القضايا القومية، وهذه ثنائية الناخب الأردني اللتي بات يعبر عنها شعبيا بتندر بالقول: "صوت للقبيلة وصوت للشيخ."وعند الوقوف على تفسير نتائج الانتخابات النيابية وفوز حزب جبهة العمل الإسلامي بسبعة عشر مقعدًا عبر القائمة العامة، فهذا يرتبط بعدة عوامل رئيسية ترتبط بالسياقين المحلي والإقليمي، فعلى المستوى المحلي، يمتلك التيار الإسلامي قاعدة جماهيرية منظمة ومتجذرة تمتد لعقود، حيث استفاد الحزب من شبكة قوية من الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الاجتماعية، التي ساهمت في تعزيز حضوره بين الفئات الشعبية، كما لعبت الحرب على غزة دوراً محورياً في تعزيز شعبية التيار الإسلامي في الانتخابات، فقد نجح حزب جبهة العمل الإسلامي باستغلال هذا الصراع بتقديم الخطاب الشعبوي تجاه القضية الفلسطينية، والتي تحظى بتأييد واسع لدى الشعب الأردني، فالتصعيد العسكري في غزة، وما رافقه من تعاطف شعبي واسع مع المقاومة الإسلامية في غزة، أثر بشكل لا يستهان على توجه كثير من الناخبين ، بالتالي، يمكن القول إن تزامن الانتخابات مع الحرب على غزة أعطى دفعة إضافية لهذا التيار، خاصة في مواجهة الأحزاب الوسطية الجديدة التي افتقرت إلى رسالة قوية ومتماسكة في هذا السياق، فالظهور القوي لجبهة العمل الإسلامي مقابل وجود محدود للأحزاب الوسطية وزجها بصراعات مع الإسلاميين كانت هي بالغنى عنها حول الشعارات المرفوعة في المظاهرات آنذاك حسم معركة الشارع بشكل مطلق لحزب جبهة العمل الاسلامي .ولم يكن هذا السبب الوحيد الذي حال دون قدرة الأحزاب الوسطية على النجاح عبر القوائم العامة، فحداثة تجربتها الحزبية جعلها تفتقر إلى الخبرة التنظيمية والقاعدة الشعبية الراسخة التي يتمتع بها خصمها في تيار الإسلام السياسي الذي له تاريخ طويل في العمل السياسي يمتد لأكثر من 75 عاماً، كما أن بعض هذه الأحزاب ، ارتكبت خطأ استراتيجياً حذرنا منه عند بدء الحديث عن تشكيل القوائم العامة فهي لجأت إلى إعادة إنتاج نفس الوجوه السياسية القديمة التي أصبحت مرفوضة شعبياً، فهنا شعر الناخب الأردني أن بعض هذه الأحزاب لا تقدم بديلاً حقيقياً، بل تحاول الحفاظ على النخب التقليدية التي يرى كثير من الأردنيون أنها مسؤولة عن الأزمات الحالية، هذا التوجه أدى إلى عقاب شعبي واضح في صناديق الاقتراع.ختامًا، فإن نزاهة العملية الانتخابية لعبت دوراً حاسماً في تعزيز الثقة بمشروع التحديث السياسي في الأردن، وعكست التزام الدولة بمختلف مؤسساتها بتطوير ممارسات ديمقراطية شفافة تعزز من المشاركة السياسية، فالبناء على هذه التجربة الانتخابية، وتصحيح الأخطاء التي ظهرت خلالها، خطوة ضرورية نحو تحسين العملية الديمقراطية وتحقيق أهداف التحديث السياسي، من خلال معالجة التحديات التي واجهتها الانتخابات وتطوير آليات أكثر كفاءة وعدالة، تمكنا من الاقتراب نحو "الأردن الذي نريد".
وقد حملت نتائج الانتخابات إشارات مهمة حول طبيعة المشهد السياسي الأردني، حيث أظهرت تبايناً واضحاً بين صعود التيار الإسلامي، ممثلاً بحزب جبهة العمل الإسلامي في الدائرة العامة، وتقدم الأحزاب الوسطية الجديدة في الدوائر المحلية، هذا التباين الذي يعكس ديناميكيات انتخابية متعددة، بعضها يعود إلى قدرة الأحزاب الوسطية على الوصول إلى تحالفات مع بعض الشخصيات التقليدية في الدوائر المحلية والتي تمتلك قواعد شعبية تمكنها من النجاح في الانتخابات ولكن هذه التحالفات اقتصر أثرها على نتائج الدوائر المحلية فمرشحين الدوائر المحلية لم تذهب أصوات قواعدهم الانتخابية لدعم الحزب على القائمة العامة، وبعضها الآخر يرتبط بخصوصية السلوك الانتخابي للناخب الأردني وهو ما سنأتي على ذكره لاحقا في هذا المقال .وصعود التيار الإسلامي في الدائرة العامة لم يكن مفاجئاً ، بل جاء متسقاً مع ما توقعناه بعد نتائج انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية، حيث شهدت تلك الانتخابات تقدماً ملحوظاً للتيار الإسلامي عبر القائمة العامة فيما مقاعد الكليات تفوقت بها القوائم التقليدية، وفي سيناريو مشابه نجحت الأحزاب الوسطية الجديدة، والتي تحالفت كما ذكرنا مع شخصيات تتمتع بالثقل العشائري في الدوائر المحلية، بتحقيق نتائج جيدة على مستوى القوائم المحلية.ولفهم هذا التباين في نتائج الانتخابات ، بين فوز التيار الإسلامي عبر الدوائر العامة والتيارات الوسطية عبر الدوائر المحلية، لا بد من فهم سلوك الناخب الأردني والذي يتسم بالتعقيد والتوازن بين الولاءات الاجتماعية والتوجهات السياسية، وهو ما يعكس طبيعة المجتمع الأردني المتنوعة، ففي الدوائر المحلية، يتأثر الناخب بشكل كبير بالعلاقات العشائرية والروابط الاجتماعية، حيث يفضل التصويت لمرشح العشيرة أو من يحظى بتأييدها، وهذا سلوك سياسي ينبع من حرص الناخب على تعزيز نفوذ عشيرته وضمان تمثيلها في المؤسسات السياسية.على الجانب الآخر، وفي الدائرة العامة، يميل الناخب الأردني إلى التصويت بناءً على العاطفة الدينية أو القضايا القومية، وهذه ثنائية الناخب الأردني اللتي بات يعبر عنها شعبيا بتندر بالقول: "صوت للقبيلة وصوت للشيخ."وعند الوقوف على تفسير نتائج الانتخابات النيابية وفوز حزب جبهة العمل الإسلامي بسبعة عشر مقعدًا عبر القائمة العامة، فهذا يرتبط بعدة عوامل رئيسية ترتبط بالسياقين المحلي والإقليمي، فعلى المستوى المحلي، يمتلك التيار الإسلامي قاعدة جماهيرية منظمة ومتجذرة تمتد لعقود، حيث استفاد الحزب من شبكة قوية من الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الاجتماعية، التي ساهمت في تعزيز حضوره بين الفئات الشعبية، كما لعبت الحرب على غزة دوراً محورياً في تعزيز شعبية التيار الإسلامي في الانتخابات، فقد نجح حزب جبهة العمل الإسلامي باستغلال هذا الصراع بتقديم الخطاب الشعبوي تجاه القضية الفلسطينية، والتي تحظى بتأييد واسع لدى الشعب الأردني، فالتصعيد العسكري في غزة، وما رافقه من تعاطف شعبي واسع مع المقاومة الإسلامية في غزة، أثر بشكل لا يستهان على توجه كثير من الناخبين ، بالتالي، يمكن القول إن تزامن الانتخابات مع الحرب على غزة أعطى دفعة إضافية لهذا التيار، خاصة في مواجهة الأحزاب الوسطية الجديدة التي افتقرت إلى رسالة قوية ومتماسكة في هذا السياق، فالظهور القوي لجبهة العمل الإسلامي مقابل وجود محدود للأحزاب الوسطية وزجها بصراعات مع الإسلاميين كانت هي بالغنى عنها حول الشعارات المرفوعة في المظاهرات آنذاك حسم معركة الشارع بشكل مطلق لحزب جبهة العمل الاسلامي .ولم يكن هذا السبب الوحيد الذي حال دون قدرة الأحزاب الوسطية على النجاح عبر القوائم العامة، فحداثة تجربتها الحزبية جعلها تفتقر إلى الخبرة التنظيمية والقاعدة الشعبية الراسخة التي يتمتع بها خصمها في تيار الإسلام السياسي الذي له تاريخ طويل في العمل السياسي يمتد لأكثر من 75 عاماً، كما أن بعض هذه الأحزاب ، ارتكبت خطأ استراتيجياً حذرنا منه عند بدء الحديث عن تشكيل القوائم العامة فهي لجأت إلى إعادة إنتاج نفس الوجوه السياسية القديمة التي أصبحت مرفوضة شعبياً، فهنا شعر الناخب الأردني أن بعض هذه الأحزاب لا تقدم بديلاً حقيقياً، بل تحاول الحفاظ على النخب التقليدية التي يرى كثير من الأردنيون أنها مسؤولة عن الأزمات الحالية، هذا التوجه أدى إلى عقاب شعبي واضح في صناديق الاقتراع.ختامًا، فإن نزاهة العملية الانتخابية لعبت دوراً حاسماً في تعزيز الثقة بمشروع التحديث السياسي في الأردن، وعكست التزام الدولة بمختلف مؤسساتها بتطوير ممارسات ديمقراطية شفافة تعزز من المشاركة السياسية، فالبناء على هذه التجربة الانتخابية، وتصحيح الأخطاء التي ظهرت خلالها، خطوة ضرورية نحو تحسين العملية الديمقراطية وتحقيق أهداف التحديث السياسي، من خلال معالجة التحديات التي واجهتها الانتخابات وتطوير آليات أكثر كفاءة وعدالة، تمكنا من الاقتراب نحو "الأردن الذي نريد".
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/23 الساعة 11:46