الزغول يكتب: ماذا بَعد الانتخابات؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/13 الساعة 21:34
بعدَ أَن شَهِدت المَملكة للمرَّة الأُولى في تاريخِها سباقًا حزبيًا في مضمارِ الاستحقاق الدّستوري من أجلِ تشكيلِ المَجلس النيابيّ العِشرين في تاريخ المَملكة، والذي تنافسَ فيه اثنان وثلاثونَ حزبًا في خمسٍ وعشرين قائمةً حزبيةً على الدائرةِ العامة.
في أثناءِ ذلك، لاحت النتائج الأوَّلية للانتخابات، والتي عَكست تشتتًا واضحًا في أَصواتِ المُقترعين الذين زادَ عددهم عن المليون وستمئة ألف ناخبٍ وناخبةٍ على مستوى المَملكة، حيثُ توزّعت الأصوات على القوائم البالغ عددها خمسةٌ وعشرون، كما ذكرنا، وقد أثمَر عن هذه الأصوات وصولُ عشر قوائمَ حزبية تحت القبة البرلمانية، دخلت من البوابَةِ الواسِعَة للقائِمة العامة.
إِنّ هذا التوزيع والتَّشتت في أصواتِ الناخبين كان أمرًا مُتوقّعًا، وذلك نظرًا لكثرةِ الأحزاب المُتنافسة على اختلاف أيديولوجياتها، إضافةً إلى حَداثةِ الانتخابات الحِزبية، وضعفِ التحالفات الحزبية؛ خصوصًا أنّ مُعظم هذه الأحزاب بَدأت العمل مؤخرًا، كما أنّها لا تمتلكُ الخبرةَ الكافيةَ لخوضِ غمارِ الانتخابات بفاعلية.
لكنّ بعض الأحزابِ على الجانِب الآخر لم تكتفِ بالتنافس في القائمة المخصصة لها فقط، بل زاحمت المُترشحين المستقلين في كافةِ الدوائر المحلية البالغة ثمانيَ عشرة دائرة أخرى، وقد نتج عن هذه المُنافسة وصولُ ثلاثة وستين حزبيًا آخر تحت القبة، وبذلك بلغ عدد النواب الحِزبيين في المجلس العشرين 104 من أصل 138 نائِبًا، أي ما يمثلُ ثلاثة أرباع المجلس.
إنّنا نتطلع اليوم لجني ثمارِ أصوات المواطنين التي توجّهت للأَحزاب ومنحتها الثقة، وأَن نرى برلمانًا يعملُ بِنهج برامِجي حقيقي، يَتبنى قَضايا الشّارع وتطلُعاته، ويسعى لتحسينِ التّشريعات في مختلف المجالات، بدءًا مِن الاقتصاد والتّعليم والصّحة وغيرها، خاصةً أنّ أمام الأحزاب فرصة أكبر لتشكيل التحالفاتِ تحت قُبة البَرلمان، للعمل بشكلٍ جماعي لتطويرِ السياساتِ التي تهدفُ إلى الإصلاح.
إنّ هذا الواقع يُلقي على عاتق الأَحزاب مسؤولية كُبرى، إذ يجبُ عليها أن تُدرك أنّ إرادة النّاخبين، والتي أوصَلتها إلى البَرلمان، هي نَفسها التي قَد تحرمُها من العودةِ في المُستقبل إذا لم تُحقق التوقعات المرجوّة على المستوى التشريعي والرقابي.
لقد صَار واضحًا بأن نجاح الأحزاب اليوم يعززُ من شرعيتها، ويثبتُ دورَها كفاعلٍ رئيسي في المشهد السياسي، ممّا سيُسهم في مستقبلٍ سياسيّ جديدٍ للمَملكة، ويساهمُ في دَفع عمليَّة الإصلاح السياسي قدمًا.
واليوم، وبَعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائِج، يتعينُ على الأحزابِ إعادةُ تَرتيب أوراقها وتوحيدِ صُفوفها، والتركيزُ على تطويرِ برامج حزبيةٍ فعالةٍ ومنتجة تلبّي متطلباتِ وطموحاتِ الأردنيين، وتَسعى لتحقيقِ إصلاحاتٍ حقيقية، كما ينبغي عليها تَعزيز تحالفاتِها وكسبُ المَزيد من ثقة النّاخبين، لضمانِ وجود تأثيرٍ ملموسٍ في العمليةِ التشريعية وصُنع القرار، وتحقيق تحولٍ كبيرٍ نحو استقرارٍ سياسي أكبر.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/13 الساعة 21:34