عنيزات يكتب: شتاء ساخن تحت القبة في تشرين

نسيم عنيزات
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/11 الساعة 21:23
عوامل كثيرة وأسباب عديدة رسمت خريطة مجلس النواب الـ20 وآلية المقاعد بعد ان أفرزت الأصوات واخرجت الصناديق ما في جعبتها معلنة عن مفاجآت ولوحة غير مرسومة او متوقعة في اذهان الكثيرين او المتابعين بحصول جبهة العمل الإسلامي على 31 مقعدا نيابيا من اصل 138.حيث راهن معظم المحللين وتوقع الكثيرون غير ذلك وأن النتائج ستكون ضمن خريطة مختلفة وشكل آخر، غير ان الصناديق أبت غير ذلك واصرت على رسمتها بأن يتصدر التيار الإسلامي المشهد، مخالفة جميع التوقعات ومخلفة مفاجآأت مدوية لدى بعض الاحزاب التي ايضا جاءت نتائجها دون التوقعات وأقل من حساباتها بفارق كبير بشكل متناقض تماما.ومع ذلك علينا ان نضع الخريطة امامنا ونقرأها جيدا وبطريقة أعم واشمل لنصل إلى الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذه النتائج والتي من أهمها وابرزها نسبة التصويت التي دارت حول معدلها الا انها اقل من السابق ومتدنية في ظل منظومة التحديث السياسي وما رافقها من تطورات على المشهد السياسي كان يجب ان تدفع نحو مشاركة أكبر وأفضل.اما العامل الثاني فيتمثل بأحداث غزة وما يتعرض له شعبها من حرب همجية وابادة جماعية حيث استطاعت الحركة الإسلامية ملامسة مشاعر الناس والتقاطع مع الشارع في موقفه الرافض للعدوان والمتضامن مع الشعب الفلسطيني وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الدولة الأردنية، هذا الامر او الشأن دفع بالاغلبية إلى العزوف وعدم الرغبة في المشاركة وبنفس الوقت دفع بانصار الحركة الإسلامية ومؤيديها إلى الاحتشاد ومقارعة صناديق الاقتراع والادلاء باصواتهم بعد ان ترك معارضوها او من ليسوا بصفها الساحة لهم لتفرز صناديقهم ما يقارب الـ 400 الف صوت معلنة حصولهم على 17 مقعدا ضمن القائمة العامة بنتائج غير متوقعة حتى لدى المتفائلين او المتعاطفين.في الوقت الذي عجزت فيه الاحزاب عن فهم الشارع واستمرت على نفس النهج الخطابي التقليدي والاعتماد على الوعود والفزعة والخطابات الرنانة دون ادراك او دراسة للواقع او تقديم برامجها ونظرتها المستقبلية لمعالجة قضايا الناس.وبقيت على هذا الحال والمنوال تشطح بخيالها وترسم لوحاتها البرلمانية وطريقة تحالفاتها تحت القبة لتحقيق منافع او توزيع حصص دون ادراك بأن المياه تسيل في مجرى آخر او تقديم وجبة مكتملة العناصر للناس تشدهم اليها وتدفع بهم إلى المشاركة والتصويت، خاصة وان معظمها شكل حديثا لم يخبرها الشارع او يختبرها من ذي قبل.كما علينا ان نعترف يقينا بأن الانتخابات وما افرزته من نتأئح تؤكد نزاهتها وشفافيتها المطلقة وحيادية الحكومة و أجهزتها بعد نفذت الهيئة المستقلة ما وعدت به والتزمت الحكومة باعلى معايير الشفافية و الديمقراطية والاسس العالمية والاخلاقية واقتصر دورها على تقديم جميع اشكال الدعم اللوجستي للهيئة دون اي تدخل من احد .واننا شهدنا انتخابات نزيهة ونظيفة دون تشويهات بغض النظر عن النتائج التي جاءت بها وافرزها كل من أدلى بصوته او بقي في بيته .هذا الامر يقودنا إلى شأن اخر وهو المشهد الذي سيشهده المجلس وقبته وصوت "المايكروفونات" التي تشي بأن الشتاء تحت القبة سيكون ساخنا على غير عادته على الرغم من برودة الطقس خارجها.بعد ان شعر الاسلاميون بنشوتهم وقدرتهم على تغيير بعض المعادلات وأنهم عادوا لاعبين أساسيين في المشهد القادم.وبنفس الوقت فان الاحزاب الأخرى لن تبقى جالسة متناثرة على المقاعد تتفرج على الأداء بل سيشهد المجلس تحالفا يضم معظم الأحزاب الأخرى لتشكل كتلة كبيرة يتجاوز عددها كتلة الاسلاميين لتفويت الفرصة عليهم من الانفراد او التفرد في المشهد الامر الذي سيولد اجواء ساخنة ومناقشات قوية لم نشهدها في مجالس سابقة.وبالنتيجة فقد فاز الوطن ونجح الأردن الذي رسمت إدارته ملامح المرحلة القادمة، وبانها ماضية نحو الإصلاح والتحديث دون تراجع او تردد.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/11 الساعة 21:23