ماذا عن دعوة 'أردوغان'.. قيام 'تحالف إسلامي' لمواجهة 'إسرائيل'؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/10 الساعة 00:08
منذ أطلق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان, تصريحه المثير واللافت في توقيته كما في مضامينه, وخصوصا ما إستبطنه ورمى إليه في واقع الحال, عندما دعا الى قيام «تحالفٍ إسلامي» لمواجهة النهج «التوسّعي» للكيان الصهيوني, غابت ردود فعل الدول والعواصم ذات الصلة بهذه الدعوة, التي لم تُطرح سابقا, سواء منذ بدء حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير, التي يشنها تحالف الشر الصهيو أميركي, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية, أم خصوصا قبل ذلك بكثير, كون النهج التوسعي الاستيطاني الاستعماري الصهيوني, ليس جديدا على الكيان العنصري, بل هو معروف لدى الرئيس التركي كما كل قادة الدول الإسلامية, منذ 76 عاما على النكبة التي ألمّت بالشعب الفلسطيني.
وإذ جاءت دعوة إردوغان خلال تعقيبه على إعدام جيش الفاشية الصهيونية للناشطة الأميركية/ التركية عائشة نور أُزغي, وخصوصا بعد الزيارة «الأولى», التي قام بها الرئيس المصري لأنقرة في الرابع من الشهر الجاري, ما أشّر من بين أمور أخرى, الى انتهاء القطيعة بين القاهرة وأنقرة, وطيّ صفحة خلافات عميقة بينهما امتدت لأحد عشر عاما, فإن ما ذهب اليه/إردوغان في هذا الشأن, يستدعي التوقّف عنده وتحليل غاياته وخصوصا مدى جدّيته وإمكانية ترجمته على أرض الواقع, حتى لا نقول وصفا آخر, يمكن تفسيره على نحو خاطئ او رغائبي, كما هي الحال في منطقتنا المُفخّخة والمُرهقة, وجاهزية المتربصين للذهاب بعيدا في نبش الأحقاد وإستحضار نظرية المؤامرة.
قيام تحالف إسلامي وفق الصيغة والهدف الذي دعا إليهما الرئيس التركي, ليس سهلا او في متناول اليد, حتى لو حسُنت النيّات وارتفع منسوب الحماسة لدى البعض (على نُدرَتِه), في وقت لا يحاول «مجرّد محاولة» الذين يدعون الى قيام تحالف «وهمي» كهذا, ان يخطوا خطوة ذات مغزى بل وحتى رمزية, تؤشر الى صدقية مسعاهم واستعدادهم للمضي قدما في ترجمة الأقوال إلى أفعال, تتجاوز التصريحات الشعبوبة وتتنكب طريقا جاداً يحتاج الى تضحيات ودفع الأثمان المطلوبة. وإلا لماذا تأخرت دعوة كهذه طوال هذا الوقت الذي جاوز فيه تحالف الشرّ الصهيوأميركي المدى, وداس بإزدراء وغطرسة على كل القوانين والأنظمة, والبروتوكولات الناظمة للعلاقات بين الدول وبخاصة قوانين الحرب وشرعة حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. علما ان قمة عربية اسلامية «استثنائية» عقدت في الرياض يوم 11/11/ 2023, بما هي قمة طارئة «مُشتركة», بين دول جامعة الدول العربية ودول منظمة التعاون الاسلامي. ولم تتُرجم «قراراتها» الى أفعال ملموسة, ولم تجرِ حتى متابعة لما تم «إنجازه» (!!) او التخطيط له او اللجوء للبدائل. في حال «لم» تتجاوب عواصم القرار الدولي مع «المطالب» العربية/ الإسلامية.
من هنا يبدو رد الفعل الصهيوني على دعوة إردوغان العتيدة هذه, الرامية قيام «تحالف إسلامي» لمواجهة نهج التوسّع الصهيوني في المنطقة, داعيا للسخرية, بقدر ما هو سخيف ودعائي. إذ أبدت وسائل إعلام «إسرائيلية» قلقها إزاء دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتشكيل «تحالف إسلامي» تقوده دول إسلامية كبرى, مثل مصر وتركيا لمواجهة «خطر التوسّع الإسرائيلي». عندما قال أردوغان على خلفية مقتل ناشطة تركية/أميركية في مجال حقوق الإنسان خلال مظاهرة في بلدة بيتا قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة: «الخطوة الوحيدة التي ستُوقف تهديد توسّع إسرائيل وغطرستها، هي «التحالف الإسلامي» مع مصر ولبنان وسوريا لوقف إرهابها وسلوكها الإجرامي». مضيفا في حماسة «حماس تدافع عنا عربا ومسلمين»!.. داعيا الى تأسيس «محور» مصري سوري تركي لمواجهة إسرائيل.
في حين سارعَ وزير الخارجية الصهيوني/يسرائيل كاتس للرد على كلام اردوغان بالقول: إنه يواصِل إلقاء الشعب التركي في نار الكراهية والعنف, من أجل أصدقائه في (حماس)، ويعمل منذ سنوات مع إيران على «وشم» الأنظمة العربية المعتدلة في البلاد، على حد زعمه.
مُضيفاً: «اليوم يدعو أردوغان الدول الإسلامية, إلى تشكيل تحالف ضد إسرائيل, بزعم أنها تريد احتلال دول المنطقة، وكذلك تركيا، وهذا كذب وتحريض خطير»، فإسرائيل «تدافع عن حدودها ومواطنيها, ضد أعدائها من محور الشر الشيعي، ومن الأفضل لأردوغان أن يصمت ويخجل».
ماذا عن قول اردوغان: ان «الخطوة (الوحيدة) التي ستُوقف الغطرسة الإسرائيلية, هي التحالف الإسلامي»، مُضيفا أن الخطوات الأخيرة التي «اتخذتها أنقرة» لتحسين العلاقات مع مصر وسوريا تهدِف إلى «خلق خط تضامن» معهما؟.
نُكمِل غداً.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/10 الساعة 00:08