بني طه تكتب: صحتك النفسية هي أولويتنا
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/05 الساعة 12:04
تعد الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من صحة الإنسان؛ فهي تمثل حالة الاستقرار النفسي، والعاطفي، والاجتماعي التي تمكن الفرد من مجابهة ضغوط الحياة والتكيف معها، بالإضافة إلى القدرة على التعلم والعمل بكفاءة. تؤثر الصحة النفسية بشكل مباشر على مجالات الحياة المختلفة، مثل اتخاذ القرارات، بناء العلاقات، وتشكيل عالمنا، وكذلك تساهم في تطور مجتمعنا.
لا يقتصر الأمر على هذه الجوانب فقط، بل إن الصحة النفسية تنعكس أيضاً على صحة الفرد الجسدية؛ فالعلاقة بين العقل والجسد هي علاقة وثيقة ومتكاملة. لذا، يمكن اعتبار الصحة النفسية العمود الفقري لكل إنسان، فهي الأساس الذي تقوم عليه الحياة السليمة والمتوازنة.الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللذين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات، وإقامة العلاقات، وتشكيل العالم الذي نعيش فيه. والصحة النفسية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وهي حاسمة الأهمية للتنمية الشخصية والمجتمعية والاقتصادية.والصحة النفسية لا تقتصر على غياب الاضطرابات النفسية. فهي جزء من سلسلة متصلة معقدة، تختلف من شخص إلى آخر، وتتسم بدرجات متفاوتة من الصعوبة والضيق، وبحصائل اجتماعية وسريرية قد تكون مختلفة للغاية.أهمية الصحة النفسيةيمكننا أن نقول باختصار إن أهمية الصحة النفسية تكمن في أنها تساعد الشخص في أن يعيش حياته على أكمل وجه بإنتاجية ويستمتع بها، فضلًا عن كونها تقلل احتمال إصابته بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية.نستعرض أبرز النقاط التي توضح أهمية الصحة النفسية للشخص:● تحسين الصحة الجسدية: للصحة النفسية تأثير كبير على الصحة الجسدية، إذ إن إهمالها أو ضعفها يزيد احتمال الإصابة بأمراض عديدة قد تكون خطرة، منها: أمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، والقولون العصبي.● المساعدة في الشفاء من الأمراض العضوية: يكون احتمال انتصار مصابي السرطان الذين يعانون من مشكلات نفسية، حتى وإن كانت بسيطة، أقل مقارنةً بذوي الصحة النفسية الجيدة.● تعزيز جودة النوم: تعدّ اضطرابات النوم، مثل الأرق (Insomnia)، من المشكلات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية.● رفع مستويات الطاقة: تعمل الصحة النفسية السيئة على استنزاف الطاقة، مما يؤدي إلى الشعور المتواصل بالتعب والإنهاك الذي لا يتوقف إلا مع علاج المشكلة أو الاضطراب النفسي.● تجنب العادات السلبية: تؤدي الصحة النفسية السيئة في بعض الحالات إلى اللجوء إلى العادات السلبية بهدف التعامل مع الأعراض النفسية المزعجة، مثل اللجوء إلى التدخين أو استخدام الأدوية المهدئة دون استشارة الطبيب.● الحفاظ على التفاؤل: تساعد الصحة النفسية الجيدة في التعامل مع العقبات والصعوبات بمنظور متفائل، مما يؤدي إلى تجاوزها وعدم تركها تؤثر في حياة الشخص وإنجازاته.● المساعدة في التعامل مع التغيرات الحياتية: عند التعرّض إلى حدث يؤدي إلى تغيرات جذرية في الحياة، مثل الزواج أو الانتقال من عمل إلى آخر، تبرز أهمية الصحة النفسية في المساعدة في التعامل مع التغيرات وتجاوزها دون أضرار نفسية.● زيادة الإنتاجية: تؤدي الصحة النفسية المتعبة وما يترافق معها من اضطرابات نفسية إلى ضعف الإنتاجية وتأخر تسليم المهام في العمل، بالإضافة إلى كثرة الإجازات المرضية.● تحسين العلاقات مع الآخرين: تؤدي الصحة النفسية السيئة إلى مضاعفات عديدة تؤثر سلبًا في العلاقات مع الآخرين، مثل اللجوء إلى الانعزال عنهم.● الحفاظ على وزن صحي: تبرز أهمية الصحة النفسية أيضًا في تحسين نمط حياة الشخص ووقايته من حدوث زيادة كبيرة في وزنه، فمن يعاني من مشكلة نفسية أو اضطراب نفسي قد يقل اهتمامه بممارسة الرياضة واختيار الغذاء الصحي، مما يفضي إلى زيادة الوزن.أهمية الصحة النفسية في المجتمع:● المجتمع الذي يتمتع أفراده بالصحة النفسية: يصبح أكثر استقرارًا وتماسكًا، ويكون أقل عرضة للصراعات التي تهدد هذا التماسك، حيث تحكم أفراده علاقات التعاون والتنافس من أجل صالح المجتمع، وليس الصالح الشخصي فقط. بذلك تسود روح الفريق وتختفي مظاهر الفردية والأنانية، مما ينعكس بالفائدة على المجتمع ويساعده على تحقيق أهدافه.● المجتمع الذي يتمتع بصحة نفسية: المجتمع أكثر إنتاجًا وتقدمًا، حيث يشعر الأفراد بالانتماء لهذا المجتمع ومن ثم بالمسؤولية تجاهه، مما يدفعهم إلى العمل بجد وإخلاص في سبيل رفاهية المجتمع.● المجتمع الذي يتمتع أفراده بالصحة النفسية: يكون أقل تعرضًا للسلوكيات المرضية المنحرفة التي قد يقوم بها بعض الأفراد المضطرين، ومن ثم لا يحدث خروج على القيم والمعايير والأعراف التي تحكم المجتمع. حتى في حالة وجود بعض السلوكيات المنحرفة، فإن الأفراد الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه مجتمعهم هم من يتصدون لها بحزم وقوة حفاظًا على تماسك مجتمعهم.● المجتمع الذي يتمتع أفراده بقدر من الصحة النفسية: يكون أقل تعرضًا للمشكلات الاجتماعية المرضية، مثل الجريمة والإدمان والانحراف، التي تهدد كيان المجتمع وتماسكه. فمثل هذه المشكلات تنتشر في المجتمعات التي يسود بين أفرادها الشعور بعدم التوافق وفقدان القدرة على تحقيق رغباتهم وإشباع دوافعهم بشكل إيجابي يحظى بالقبول الاجتماعي.للصحة النفسية إذن أهمية قصوى تنعكس إيجابياتها على كل من الفرد والمجتمع. ولتحقيق تلك الصحة النفسية للأفراد، هناك العديد من الأدوار التي يجب أن تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع، ومن أهم هذه المؤسسات نجد الأسرة، المدرسة، والمجتمع. فالصحة النفسية ترتبط بالصحة الجسدية والعقلية للإنسان وتتكامل معها، فلا تكتمل الصحة الجسدية والعقلية بدون الصحة النفسية التي تدفع الإنسان ليحيا بسعادة وبطريقة أفضل.تحسين الصحة النفسيةيوجد بعض الخطوات التي يُمكن أن تُساعدك في المحافظة على صحتك النفسية وتحسينها، ومن بينها:● لموازنة بين المشاعر: من المهم أن يتحلى الإنسان بنظرةٍ إيجابيةٍ للأشياء التي تدور حوله. ولكن هذا لا يعني أننا لن نشعر بالحزن أو الغضب أو الانزعاج في المواقف التي تتطلب ذلك، بل على العكس تمامًا، فإنّ هذه المشاعر تُساعد في تجاوز المواقف بسرعةٍ أكبر. لذلك يكون الحل دومًا بالموازنة بين المشاعر الإيجابية والسلبية، وعدم السماح بسيطرة المشاعر السلبية لفترةٍ طويلةٍ.● التمسك بالمشاعر والأفكار الإيجابية: التركيز على الأفكار الإيجابية يُساهم في تحسين الصحة النفسية، كما أن الابتعاد عن أي مصدرٍ للمعلومات السلبية والتوقف عن مشاهدة أو قراءة الأخبار يمكن أن يساعد في تحقيق ذلك.● الشعور بالامتنان: أي أن تكون مُدركًا لكل شيءٍ جميلٍ في الحياة مهما كان صغيرًا، وأن تكون ممتنًا لذلك. من المفيد أن تقوم بتدوين الأشياء الإيجابية التي تُشعرك بالامتنان في دفترٍ صغيرٍ يوميًا، أو على الأقل تَذكر هذه الأشياء عند نهاية كل يومٍ، حتى لو كانت مجرد لقاءٍ مع الأصدقاء أو ملاحظةٍ جيدةٍ سمعتها أو وجبةٍ لذيذةٍ استمتعت بمذاقها. ويساعد ذلك في تحسين نظرتك للحياة، خصوصًا في أوقات التوتر التي يصعب فيها رؤية الأشياء الإيجابية. ● النشاط الجسدي وممارسة الرياضة: تُساعد ممارسة الرياضة بشكلٍ منتظمٍ في تخفيف شدة التوتر وتقليل مشاعر الاكتئاب، بالإضافة إلى تحسين المزاج بشكلٍ عام. يُنصح بممارسة أي نشاطٍ رياضي لمدة ٣٠ دقيقة في اليوم، مثل المشي في الهواء الطلق.● النوم والراحة: إنّ عدم الحصول على ساعات نومٍ كافيةٍ يُمكن أن يكون سببًا في الشعور بالانزعاج والمزاج السيئ، كما يجعل الشخص أكثر عصبيةً وتوترًا. يُمكن أن يتطور ذلك على المدى الطويل إلى الإصابة بالاكتئاب، لذلك من الضروري أن تنال قسطًا كافيًا من النوم يوميًا من أجل صحتك النفسية والجسدية.● النظام الغذائي الصحي: إنّ فوائد اتباع نظامٍ غذائيٍ متوازنٍ وصحيٍ لا تقتصر على الصحة الجسدية فقط، بل يُمكن أن يلعب الغذاء دورًا مهمًا في تحسين الصحة النفسية، حيثُ إن نقص بعض الفيتامينات والعناصر الغذائية يؤثر على المزاج، مثل فيتامين B12 الذي يرتبط انخفاض مستوياته في الجسم بالإصابة بالاكتئاب.● إنشاء علاقات اجتماعية جيدة: إنّ البشر بطبيعتهم مخلوقاتٌ اجتماعيةٌ ويُحبون التواصل مع بعضهم. فالتواجد مع العائلة والأصدقاء يُمكن أن يُساعدك في تخفيف التوتر، خصوصًا عندما تُجالس أشخاصًا يتمتعون بنظرةٍ إيجابيةٍ ومتفائلةٍ. بالإضافة إلى إنشاء علاقاتٍ أخرى مع المجتمع، مثل الانضمام إلى مجموعات رعاية الهواة أو الانخراط في الأعمال التطوعية التي تمنحك دعمًا وطاقةً كبيرةً.● ممارسة التأمل: هو تدريبٌ للعقل والجسم يُساعد في تحسين القدرة على التركيز والانتباه. يوجد عدة أنواعٍ للتأمل، مثل اليقظة الذهنية والتأمل التجاوزي. بشكلٍ عام، يحتاج التأمل إلى:- الجلوس في مكانٍ هادئٍ بعيدًا عن أي مصدرٍ يُسبب التشتت أو الانزعاج.- اختيار الوضعية المُناسبة والمريحة، والتي يُمكن أن تكون بالجلوس أو الاستلقاء أو المشي أو أي وضعيةٍ تؤمن الراحة والهدوء للشخص.- محاولة التركيز على شيءٍ معينٍ مثل كلمةٍ أو موضوعٍ ما أو التنفس.● تجربة تقنيات الاسترخاء: تطبيق تقنيات الاسترخاء التي تُساعد في تأمين الراحة للجسم وإبطاء التنفس وتنظيم ضربات القلب وخفض ضغط الدم، وبالتالي السيطرة على الاضطرابات النفسية مثل حالات التوتر والقلق. من ضمن هذه التقنيات:- الاسترخاء التدريجي: من خلال شد عضلات الجسم المختلفة وارتخائها، ويتم ذلك أحيانًا مع استخدام التخيل العقلي أو ممارسة تمارين التنفس.- التصوّر الموجّه: يهدف إلى التركيز على صورةٍ إيجابيةٍ وتخيُلها في عقلك، مما يُساعدك في تحسين التركيز وزيادة الاسترخاء.- التنويم المغناطيسي الذاتي: يهدف إلى وضع الشخص في حالة استرخاءٍ تامّةٍ تُشبه الغفوة، وذلك عند سماع ملاحظةٍ معينةٍ أو مشاهدة إشارةٍ ما.- تمارين التنفس العميق: تُساعد على زيادة الاسترخاء من خلال التركيز على أخذ أنفاسٍ بطيئةٍ ومتساوية الطول وعميقة. العوامل المؤثرة على الصحة النفسيةتتأثر صحتك النفسية بعدة عوامل مختلفة، منها:● عوامل بيولوجية مثل خلل الجينات أو الكيمياء العصبية.● تجارب الحياة مثل المرور بصدمةٍ نفسيةٍ قاسيةٍ أو التعرض لسوء المعاملة من الآخرين.● عوامل وراثية ووجود تاريخ عائلي للأمراض النفسية.● نمط الحياة الذي يشمل النظام الغذائي والنشاط الرياضي السيئ والمواد المُستخدمة، كالأدوية التي يُمكن أن يكون لبعضها تأثير نفسي.العلامات التي تُساعد في اكتشاف الاضطرابات النفسيةتكمن صعوبة تشخيص الاضطرابات النفسية في كونها تتعلق بالمشاعر والأحاسيس، لذلك نحتاج إلى طبيبٍ مختصٍ ليُساعدنا في التشخيص والعلاج. إلّا أنّه يوجد بعض العلامات التي يُمكن أن تدل على سوء الحالة النفسية، مثل:● حدوث تغيراتٍ في الروتين اليومي لتناول الطعام والنوم.● الابتعاد عن الأشخاص الذين تستمتع معهم وترك الأنشطة الترفيهية التي تُمارسها.● انخفاض طاقة الجسم.● عدم الشعور بأهمية أي شيء.● الشعور بالألم دون وجود سببٍ جسديٍ واضح.● الإحساس باليأس والعجز.● زيادة التدخين أو شرب الكحول أو اللجوء إلى تعاطي المخدرات.● التقلبات المزاجية التي تؤثر على علاقاتك مع الآخرين.● التفكير السلبي بأشياء مزعجةٍ وعدم القدرة على نسيانها.● تخيُّل الأصوات والأحداث غير الموجودة وتصديقها.● التفكير بأذية الآخرين أو نفسك (الميول إلى الانتحار مثلًا).● التراجع في القدرة على أداء المهمات اليومية الروتينية.ما هي أفضل الطرق لتحسين الصحة النفسية؟نصائح للمحافظة على الصحة النفسية:● تواصل مع الآخرين. قم بإنشاء علاقات قوية مع الأشخاص الذين بإمكانهم أن يدعموك وحافظ عليها.● العب! خطط لبعض التسلية!● اطلب المساعدة. كل شخص يتعثر في طريقه، فلا تتردد في طلب الدعم عندما تحتاجه.● اعتنِ بنفسك. احرص على تناول طعام صحي وممارسة الرياضة بانتظام.● احصل على قسط من الراحة. النوم الجيد أساسي لصحتك النفسية.● تعامل مع الضغوط. استخدم تقنيات مثل التأمل أو تمارين التنفس للتخفيف من التوتر.● فكر في اليوم. عش اللحظة الحالية ولا تركز كثيراً على الماضي أو المستقبل.كيف أعالج نفسي من المرض النفسي بنفسي؟بعض الطرق في العلاج النفسي:يمارس معظم ممارسي الصحة النفسية واحدًا من ستة أنواع من العلاج النفسي:● العلاج السُّلُوكي. ● العلاج المعرفي. ● العلاج بين الأشخاص (Interpersonal therapy). ● التحليل النفسي. ● العلاج النفسي الديناميكي. ● العلاج النفسي الداعم. في المقال القادم سنتحدث عن تفاصيل طرق العلاج المعرفي السلوكي..
لا يقتصر الأمر على هذه الجوانب فقط، بل إن الصحة النفسية تنعكس أيضاً على صحة الفرد الجسدية؛ فالعلاقة بين العقل والجسد هي علاقة وثيقة ومتكاملة. لذا، يمكن اعتبار الصحة النفسية العمود الفقري لكل إنسان، فهي الأساس الذي تقوم عليه الحياة السليمة والمتوازنة.الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللذين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات، وإقامة العلاقات، وتشكيل العالم الذي نعيش فيه. والصحة النفسية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وهي حاسمة الأهمية للتنمية الشخصية والمجتمعية والاقتصادية.والصحة النفسية لا تقتصر على غياب الاضطرابات النفسية. فهي جزء من سلسلة متصلة معقدة، تختلف من شخص إلى آخر، وتتسم بدرجات متفاوتة من الصعوبة والضيق، وبحصائل اجتماعية وسريرية قد تكون مختلفة للغاية.أهمية الصحة النفسيةيمكننا أن نقول باختصار إن أهمية الصحة النفسية تكمن في أنها تساعد الشخص في أن يعيش حياته على أكمل وجه بإنتاجية ويستمتع بها، فضلًا عن كونها تقلل احتمال إصابته بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية.نستعرض أبرز النقاط التي توضح أهمية الصحة النفسية للشخص:● تحسين الصحة الجسدية: للصحة النفسية تأثير كبير على الصحة الجسدية، إذ إن إهمالها أو ضعفها يزيد احتمال الإصابة بأمراض عديدة قد تكون خطرة، منها: أمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، والقولون العصبي.● المساعدة في الشفاء من الأمراض العضوية: يكون احتمال انتصار مصابي السرطان الذين يعانون من مشكلات نفسية، حتى وإن كانت بسيطة، أقل مقارنةً بذوي الصحة النفسية الجيدة.● تعزيز جودة النوم: تعدّ اضطرابات النوم، مثل الأرق (Insomnia)، من المشكلات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية.● رفع مستويات الطاقة: تعمل الصحة النفسية السيئة على استنزاف الطاقة، مما يؤدي إلى الشعور المتواصل بالتعب والإنهاك الذي لا يتوقف إلا مع علاج المشكلة أو الاضطراب النفسي.● تجنب العادات السلبية: تؤدي الصحة النفسية السيئة في بعض الحالات إلى اللجوء إلى العادات السلبية بهدف التعامل مع الأعراض النفسية المزعجة، مثل اللجوء إلى التدخين أو استخدام الأدوية المهدئة دون استشارة الطبيب.● الحفاظ على التفاؤل: تساعد الصحة النفسية الجيدة في التعامل مع العقبات والصعوبات بمنظور متفائل، مما يؤدي إلى تجاوزها وعدم تركها تؤثر في حياة الشخص وإنجازاته.● المساعدة في التعامل مع التغيرات الحياتية: عند التعرّض إلى حدث يؤدي إلى تغيرات جذرية في الحياة، مثل الزواج أو الانتقال من عمل إلى آخر، تبرز أهمية الصحة النفسية في المساعدة في التعامل مع التغيرات وتجاوزها دون أضرار نفسية.● زيادة الإنتاجية: تؤدي الصحة النفسية المتعبة وما يترافق معها من اضطرابات نفسية إلى ضعف الإنتاجية وتأخر تسليم المهام في العمل، بالإضافة إلى كثرة الإجازات المرضية.● تحسين العلاقات مع الآخرين: تؤدي الصحة النفسية السيئة إلى مضاعفات عديدة تؤثر سلبًا في العلاقات مع الآخرين، مثل اللجوء إلى الانعزال عنهم.● الحفاظ على وزن صحي: تبرز أهمية الصحة النفسية أيضًا في تحسين نمط حياة الشخص ووقايته من حدوث زيادة كبيرة في وزنه، فمن يعاني من مشكلة نفسية أو اضطراب نفسي قد يقل اهتمامه بممارسة الرياضة واختيار الغذاء الصحي، مما يفضي إلى زيادة الوزن.أهمية الصحة النفسية في المجتمع:● المجتمع الذي يتمتع أفراده بالصحة النفسية: يصبح أكثر استقرارًا وتماسكًا، ويكون أقل عرضة للصراعات التي تهدد هذا التماسك، حيث تحكم أفراده علاقات التعاون والتنافس من أجل صالح المجتمع، وليس الصالح الشخصي فقط. بذلك تسود روح الفريق وتختفي مظاهر الفردية والأنانية، مما ينعكس بالفائدة على المجتمع ويساعده على تحقيق أهدافه.● المجتمع الذي يتمتع بصحة نفسية: المجتمع أكثر إنتاجًا وتقدمًا، حيث يشعر الأفراد بالانتماء لهذا المجتمع ومن ثم بالمسؤولية تجاهه، مما يدفعهم إلى العمل بجد وإخلاص في سبيل رفاهية المجتمع.● المجتمع الذي يتمتع أفراده بالصحة النفسية: يكون أقل تعرضًا للسلوكيات المرضية المنحرفة التي قد يقوم بها بعض الأفراد المضطرين، ومن ثم لا يحدث خروج على القيم والمعايير والأعراف التي تحكم المجتمع. حتى في حالة وجود بعض السلوكيات المنحرفة، فإن الأفراد الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه مجتمعهم هم من يتصدون لها بحزم وقوة حفاظًا على تماسك مجتمعهم.● المجتمع الذي يتمتع أفراده بقدر من الصحة النفسية: يكون أقل تعرضًا للمشكلات الاجتماعية المرضية، مثل الجريمة والإدمان والانحراف، التي تهدد كيان المجتمع وتماسكه. فمثل هذه المشكلات تنتشر في المجتمعات التي يسود بين أفرادها الشعور بعدم التوافق وفقدان القدرة على تحقيق رغباتهم وإشباع دوافعهم بشكل إيجابي يحظى بالقبول الاجتماعي.للصحة النفسية إذن أهمية قصوى تنعكس إيجابياتها على كل من الفرد والمجتمع. ولتحقيق تلك الصحة النفسية للأفراد، هناك العديد من الأدوار التي يجب أن تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع، ومن أهم هذه المؤسسات نجد الأسرة، المدرسة، والمجتمع. فالصحة النفسية ترتبط بالصحة الجسدية والعقلية للإنسان وتتكامل معها، فلا تكتمل الصحة الجسدية والعقلية بدون الصحة النفسية التي تدفع الإنسان ليحيا بسعادة وبطريقة أفضل.تحسين الصحة النفسيةيوجد بعض الخطوات التي يُمكن أن تُساعدك في المحافظة على صحتك النفسية وتحسينها، ومن بينها:● لموازنة بين المشاعر: من المهم أن يتحلى الإنسان بنظرةٍ إيجابيةٍ للأشياء التي تدور حوله. ولكن هذا لا يعني أننا لن نشعر بالحزن أو الغضب أو الانزعاج في المواقف التي تتطلب ذلك، بل على العكس تمامًا، فإنّ هذه المشاعر تُساعد في تجاوز المواقف بسرعةٍ أكبر. لذلك يكون الحل دومًا بالموازنة بين المشاعر الإيجابية والسلبية، وعدم السماح بسيطرة المشاعر السلبية لفترةٍ طويلةٍ.● التمسك بالمشاعر والأفكار الإيجابية: التركيز على الأفكار الإيجابية يُساهم في تحسين الصحة النفسية، كما أن الابتعاد عن أي مصدرٍ للمعلومات السلبية والتوقف عن مشاهدة أو قراءة الأخبار يمكن أن يساعد في تحقيق ذلك.● الشعور بالامتنان: أي أن تكون مُدركًا لكل شيءٍ جميلٍ في الحياة مهما كان صغيرًا، وأن تكون ممتنًا لذلك. من المفيد أن تقوم بتدوين الأشياء الإيجابية التي تُشعرك بالامتنان في دفترٍ صغيرٍ يوميًا، أو على الأقل تَذكر هذه الأشياء عند نهاية كل يومٍ، حتى لو كانت مجرد لقاءٍ مع الأصدقاء أو ملاحظةٍ جيدةٍ سمعتها أو وجبةٍ لذيذةٍ استمتعت بمذاقها. ويساعد ذلك في تحسين نظرتك للحياة، خصوصًا في أوقات التوتر التي يصعب فيها رؤية الأشياء الإيجابية. ● النشاط الجسدي وممارسة الرياضة: تُساعد ممارسة الرياضة بشكلٍ منتظمٍ في تخفيف شدة التوتر وتقليل مشاعر الاكتئاب، بالإضافة إلى تحسين المزاج بشكلٍ عام. يُنصح بممارسة أي نشاطٍ رياضي لمدة ٣٠ دقيقة في اليوم، مثل المشي في الهواء الطلق.● النوم والراحة: إنّ عدم الحصول على ساعات نومٍ كافيةٍ يُمكن أن يكون سببًا في الشعور بالانزعاج والمزاج السيئ، كما يجعل الشخص أكثر عصبيةً وتوترًا. يُمكن أن يتطور ذلك على المدى الطويل إلى الإصابة بالاكتئاب، لذلك من الضروري أن تنال قسطًا كافيًا من النوم يوميًا من أجل صحتك النفسية والجسدية.● النظام الغذائي الصحي: إنّ فوائد اتباع نظامٍ غذائيٍ متوازنٍ وصحيٍ لا تقتصر على الصحة الجسدية فقط، بل يُمكن أن يلعب الغذاء دورًا مهمًا في تحسين الصحة النفسية، حيثُ إن نقص بعض الفيتامينات والعناصر الغذائية يؤثر على المزاج، مثل فيتامين B12 الذي يرتبط انخفاض مستوياته في الجسم بالإصابة بالاكتئاب.● إنشاء علاقات اجتماعية جيدة: إنّ البشر بطبيعتهم مخلوقاتٌ اجتماعيةٌ ويُحبون التواصل مع بعضهم. فالتواجد مع العائلة والأصدقاء يُمكن أن يُساعدك في تخفيف التوتر، خصوصًا عندما تُجالس أشخاصًا يتمتعون بنظرةٍ إيجابيةٍ ومتفائلةٍ. بالإضافة إلى إنشاء علاقاتٍ أخرى مع المجتمع، مثل الانضمام إلى مجموعات رعاية الهواة أو الانخراط في الأعمال التطوعية التي تمنحك دعمًا وطاقةً كبيرةً.● ممارسة التأمل: هو تدريبٌ للعقل والجسم يُساعد في تحسين القدرة على التركيز والانتباه. يوجد عدة أنواعٍ للتأمل، مثل اليقظة الذهنية والتأمل التجاوزي. بشكلٍ عام، يحتاج التأمل إلى:- الجلوس في مكانٍ هادئٍ بعيدًا عن أي مصدرٍ يُسبب التشتت أو الانزعاج.- اختيار الوضعية المُناسبة والمريحة، والتي يُمكن أن تكون بالجلوس أو الاستلقاء أو المشي أو أي وضعيةٍ تؤمن الراحة والهدوء للشخص.- محاولة التركيز على شيءٍ معينٍ مثل كلمةٍ أو موضوعٍ ما أو التنفس.● تجربة تقنيات الاسترخاء: تطبيق تقنيات الاسترخاء التي تُساعد في تأمين الراحة للجسم وإبطاء التنفس وتنظيم ضربات القلب وخفض ضغط الدم، وبالتالي السيطرة على الاضطرابات النفسية مثل حالات التوتر والقلق. من ضمن هذه التقنيات:- الاسترخاء التدريجي: من خلال شد عضلات الجسم المختلفة وارتخائها، ويتم ذلك أحيانًا مع استخدام التخيل العقلي أو ممارسة تمارين التنفس.- التصوّر الموجّه: يهدف إلى التركيز على صورةٍ إيجابيةٍ وتخيُلها في عقلك، مما يُساعدك في تحسين التركيز وزيادة الاسترخاء.- التنويم المغناطيسي الذاتي: يهدف إلى وضع الشخص في حالة استرخاءٍ تامّةٍ تُشبه الغفوة، وذلك عند سماع ملاحظةٍ معينةٍ أو مشاهدة إشارةٍ ما.- تمارين التنفس العميق: تُساعد على زيادة الاسترخاء من خلال التركيز على أخذ أنفاسٍ بطيئةٍ ومتساوية الطول وعميقة. العوامل المؤثرة على الصحة النفسيةتتأثر صحتك النفسية بعدة عوامل مختلفة، منها:● عوامل بيولوجية مثل خلل الجينات أو الكيمياء العصبية.● تجارب الحياة مثل المرور بصدمةٍ نفسيةٍ قاسيةٍ أو التعرض لسوء المعاملة من الآخرين.● عوامل وراثية ووجود تاريخ عائلي للأمراض النفسية.● نمط الحياة الذي يشمل النظام الغذائي والنشاط الرياضي السيئ والمواد المُستخدمة، كالأدوية التي يُمكن أن يكون لبعضها تأثير نفسي.العلامات التي تُساعد في اكتشاف الاضطرابات النفسيةتكمن صعوبة تشخيص الاضطرابات النفسية في كونها تتعلق بالمشاعر والأحاسيس، لذلك نحتاج إلى طبيبٍ مختصٍ ليُساعدنا في التشخيص والعلاج. إلّا أنّه يوجد بعض العلامات التي يُمكن أن تدل على سوء الحالة النفسية، مثل:● حدوث تغيراتٍ في الروتين اليومي لتناول الطعام والنوم.● الابتعاد عن الأشخاص الذين تستمتع معهم وترك الأنشطة الترفيهية التي تُمارسها.● انخفاض طاقة الجسم.● عدم الشعور بأهمية أي شيء.● الشعور بالألم دون وجود سببٍ جسديٍ واضح.● الإحساس باليأس والعجز.● زيادة التدخين أو شرب الكحول أو اللجوء إلى تعاطي المخدرات.● التقلبات المزاجية التي تؤثر على علاقاتك مع الآخرين.● التفكير السلبي بأشياء مزعجةٍ وعدم القدرة على نسيانها.● تخيُّل الأصوات والأحداث غير الموجودة وتصديقها.● التفكير بأذية الآخرين أو نفسك (الميول إلى الانتحار مثلًا).● التراجع في القدرة على أداء المهمات اليومية الروتينية.ما هي أفضل الطرق لتحسين الصحة النفسية؟نصائح للمحافظة على الصحة النفسية:● تواصل مع الآخرين. قم بإنشاء علاقات قوية مع الأشخاص الذين بإمكانهم أن يدعموك وحافظ عليها.● العب! خطط لبعض التسلية!● اطلب المساعدة. كل شخص يتعثر في طريقه، فلا تتردد في طلب الدعم عندما تحتاجه.● اعتنِ بنفسك. احرص على تناول طعام صحي وممارسة الرياضة بانتظام.● احصل على قسط من الراحة. النوم الجيد أساسي لصحتك النفسية.● تعامل مع الضغوط. استخدم تقنيات مثل التأمل أو تمارين التنفس للتخفيف من التوتر.● فكر في اليوم. عش اللحظة الحالية ولا تركز كثيراً على الماضي أو المستقبل.كيف أعالج نفسي من المرض النفسي بنفسي؟بعض الطرق في العلاج النفسي:يمارس معظم ممارسي الصحة النفسية واحدًا من ستة أنواع من العلاج النفسي:● العلاج السُّلُوكي. ● العلاج المعرفي. ● العلاج بين الأشخاص (Interpersonal therapy). ● التحليل النفسي. ● العلاج النفسي الديناميكي. ● العلاج النفسي الداعم. في المقال القادم سنتحدث عن تفاصيل طرق العلاج المعرفي السلوكي..
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/05 الساعة 12:04