بطَّاح يكتب: لماذا 'يمكن' أن تفوز 'هاريس' في الانتخابات الأمريكية؟!

د. أحمد بطّاح
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/04 الساعة 21:20
برغم دخولها المتأخر إلى السباق الرئاسي في الولايات المتحدة وذلك بعد انسحاب "بايدن" منه، أبدت "كاميلا هاريس" مرشحة الحزب الديمقراطي حيوية مُلفتة وقدرة على المنافسة إلى درجة أنها أصبحت تتقدم في استطلاعات الرأي الوطنية على ترامب، وقد كان غريباً بعض الشيء أن تتمكن بسرعة من الظفر بتأييد معظم المرشحين المحتملين (نيوسوم حاكم كاليفورنيا شابيرو حاكم بنسلفانيا وغيرهم) بمجرد طرح اسمها من قبل الرئيس المنسحب "بايدن"، كما كان غريباً بعض الشيء أن تتمكن من جمع تبرعات أكثر حتى من تلك التي جمعها "ترامب" وهو مرشح "الأغنياء" من أقطاب الحزب الجمهوري وداعميه.
إنّ المستقرئ لمجريات الحملة الانتخابية " لهاريس" يجد أنّ هناك مؤشرات واعدة عديدة قد "تمكنها" من الفوز رغم أنّ من المبكر التنبؤ بذلك حيث ما زالت هناك مدة ولو قليلة قبل يوم الانتخابات في 05/11/2024، وما زالت محصلة "المناظرة" المُجدولة في 10/09/2024 بينها وبين ترامب في علم الغيب، فضلاً عن متغيرات أخرى قد تحدث، ولعلّنا يمكن أن نشير إلى هذه المؤشرات على النحو الآتي:
أولاً: إمكانية حصولها على "صوت المرأة" حيث يشكل هذا الصوت نسبة مُعتبّرة من الناخبين الأمريكيين، وحيث أنّ كثيراً منهن -ومن المواطنين الأمريكيين بشكل عام في الواقع- يشعرون بأنه قد آن الأوان لأن تصبح سيدة رئيسة لأمريكا وبخاصة أنّ "هيلاري كلينتون" التي ترشحت في انتخابات 2016 ضد "ترامب" تفوقت عليه بما يزيد عن مليوني صوت ولكنها خُذلت من قبل المُجمَّع الانتخابي (Electoral College) الذي صوت المندوبون فيه لترامب. ولعلّنا يجب ألّا ننسى أنّ كثيرات من السيدات الأمريكيات لا يذكرن بالخير منافس "هاريس" أيّ ترامب الذي اشتكت منه كثير من النساء في المحاكم، وأُدين في قضية "شراء الصمت" (حاول شراء سكوت الممثلة الإباحية دانيالز) كما أنه يقف ضد حق المرأة في الإجهاض (Abortion).
ثانياً: إمكانية دعمها بشكل كبير من قبل الأقليات (Minorities) في الولايات المتحدة فهي تنتمي إلى الأقليات (والدها من جامايكا ووالدتها تعود إلى أصول هندية)، وإذا تذكرنا أنّ الأقليات في الولايات المتحدة (السود، اللاتينيون، ذوو الأصول الشرقية من صينيين وهنود، ذوو الأصول العربية والشرق أوسطية ….) ذات تأثير غير هيّن في الانتخابات أدركنا أهمية أن تكسب "هاريس" هذه الأصوات وبخاصة أنّ منافسها "ترامب" يُمثّل "البيض" الأمريكيين بشكل عام.
ثالثاً: إمكانية دعمها من قبل الدولة العميقة أو المؤسسة (Establishment) في الولايات المتحدة حيث أنها تدرجت في المواقع الرسمية كمدعية عامة في كاليفورنيا، ثم عضو في مجلس الشيوخ (Senate)، ثم نائبة رئيس بينما لم ينتمِ غريمها ترامب إلى المؤسسة حيث لم يشغل أيّ موقع رسمي قبل أن يصبح رئيساً (2016 - 2020).
رابعاً: السجل النظيف "لهاريس" حيث لم يُسجل عليها أيّة جرائم أو مخالفات خطيرة للقوانين والأنظمة الأمريكية بينما يُعد خصمها ترامب "مُجرماً مُداناً" من قبل القضاء الأمريكي في قضية "شراء الصمت"، والأخطر أنه مازال مُتهماً في قضية هجوم أنصاره على الكونغرس ومحاولة تغييره لنتائج انتخابات 2020، ولعلّ كثيرين من الأمريكيين لا يشعرون بارتياح لإعادة انتخاب "ترامب" المُدان في قضية جنائية، والمتهم في قضايا أخرى ذات طابع سياسي كالهجوم على مبنى الكونغرس، الأمر الذي يصب في مصلحة "هاريس".
خامساً: اختيارها المُوفّق لنائبها المُنتظر، فنائبها السيد "تيم والز" سياسي وتربوي عمل مدرساً وجندياً في الحرس الوطني ثم عضواً في مجلس النواب ثم حاكماً لولاية مينيسوتا والأهم أنّ اختياره سوف يساعد في كسب كثير من أصوات المسلمين وبالذات في ولاية مينيسوتا التي يحكمها منذ عام 2018، بل من المتوقع أن يساعد اختيار "هاريس" لوالز كنائب للرئيس على البطاقة الانتخابية في كسب أصوات الكثيرين من سكان ما يُسمى "بولايات الصدأ" (ويسكونسون، بنسلفانيا، ميشيغان) حيث يعتبره كثيرون من سكان هذه الولايات قريباً من همومهم وتطلعاتهم.
سادساً: تمكنها من المنافسة القوية على أصوات ما يسمى بالولايات المتأرجحة (swing states) وهي سبع ولايات غير واضحة الهوية الانتخابية (ديموقراطية أو جمهورية)، ومعلوم أنّ "بايدن" ربح انتخابات الرئاسة ضد ترامب في عام 2020 لأنه ربح أصوات الناخبين في هذه الولايات، ولكنه وحزبه الديموقراطي بدأ يخسر أصوات الناخبين في هذه الولايات وبالذات ميشيغان حيث يعيش كثير من العرب والمسلمين بسبب الحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل على غزة، إلّا أنّ انسحاب "بايدن" وترشح "هاريس" أدّى إلى تغيير ملحوظ وإن لم يكن نهائياً في توجهات الناخبين في هذه الولايات، وتشير الاستطلاعات إلى أنّ حظوظ "هاريس" في معظم هذه الولايات المتأرجحة أفضل من حظوظ منافسها ترامب.
مرة أخرى لا أحد يستطيع التنبؤ بمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، ولكن هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن "هاريس" صاحبة فرصة حقيقية في الفوز على ترامب والحيلولة دون عودته إلى البيت الأبيض بكل ما تعنيه هذه العودة: أمريكياً، وعالمياً، وإنّ غداً لناظره قريب!
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/04 الساعة 21:20