غدايره يكتب: الإعلام والانتخابات: هل حققنا أقصى استفادة؟

سامر جميل غدايره
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/03 الساعة 09:50
نحن على أعتاب تجربة ديمقراطية جديدة، تجربة نعلق عليها آمالاً كبيرة في أن تسهم في بناء مستقبل أفضل لوطننا، بما نتوقعه ونأمل به من مجلس نيابي قادم متنوع يكون عونا للمواطن وللوطن ومؤسساته لا عبء عليها.
والانتخابات هي المحك الحقيقي لهذه التجربة، وهي فرصة للمواطن للتعبير عن رأيه واختيار من يمثله على اسس ومعايير تلتزم بالقدرة والكفاءة على القيام بالادوار المطلوبة من النائب تشريعا ورقابيا.ولكن هل نحن مستعدون لهذه التجربة وخصوصا ونخن نتحدث عن القوائم الوطنية التي اساسها الاحزاب؟ وهل قام الإعلام بدوره على أكمل وجه في تهيئة الرأي العام لهذه المرحلة الحاسمة؟هل هناك فهم تام وكاف لمنظومة القوانين والأنظمة والتعليمات التي تحكم العملية الانتخابية؟هل ساعدنا الرأي العام على محاكمة الأفكار والبرامج والشعارات بدل أن يحاكم الصور؟لماذا ما يزال هناك من لم يفهم آلية التصويت والاقتراع واحتساب النتائج؟لماذا لايوجد اهتمام لدى الرأي العام بالقوائم الوطنية بقدر اهتمامهم بالقوائم المحلية ؟ومن خلال تدريبي مع مشروع الزمالة البرلمانية ادركت ان:لا شك أن الإعلام يلعب دوراً محورياً في أي عملية انتخابية. فهو النافذة التي من خلالها يتعرف المواطن على المرشحين وبرامجهم، وهو المنصة التي يتحاور فيها مختلف الأطراف السياسية.ولكن هل كان إعلامنا على مستوى هذه المسؤولية؟ هل قدم لنا التحليلات والمعلومات التي نحتاجها لاتخاذ قرار مستنير؟ أم اكتفى بنقل الأخبار السطحية دون الخوض في عمق القضايا؟لقد شهدنا في الفترة الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالانتخابات، ولكن هذا الاهتمام لم يقابله اهتمام مماثل من قبل وسائل الإعلام. فبدلاً من أن يكون الإعلام حافزًا للحوار والنقاش، تحول إلى منصة للتنافس على الأخبار الخفيفة وزيادة نسب المشاهدة.لقد غاب عن بعض إعلامنا التحليل العميق للبرامج الانتخابية، وتقييمها من زاوية مصالح المواطن. لقد غابت عنا النقاشات الحوارية التي تستهدف توضيح الرؤى المختلفة وتسليط الضوء على نقاط الخلاف والاتفاق. لقد غابت عنا أيضاً التحقيقات الاستقصائية التي تكشف الحقائق وتفضح الممارسات غير الشريفة.إن غياب هذا النوع من الإعلام يؤدي إلى تدهور مستوى الحوار العام، ويجعل المواطن عاجزاً عن اتخاذ قرار مستنير. فبدلاً من أن يكون لدينا جمهور واعٍ ومشارك، لدينا جمهور سلبي يعتمد على الشائعات والأخبار الزائفة في تكوين رأيه.الإعلام الوطني الأردني اعلام مسؤول ومهني لكن هذا لا يعني أن نؤشر على بعض أوجه القصور وهنا انا اعلم أن هناك صحف وطنية ومؤسسات إعلامية بذلت جهودا كبيرة في هذا الشأن ،غير إننا بحاجة إلى جهود جماعية تحقق الغاية المنشودة.إننا بحاجة اليوم إلى إعلام يرتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية، إعلام يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، إعلام يتحلى بالموضوعية والحيادية، ويعمل على توعية المواطن وتثقيفه.إننا بحاجة إلى إعلام يساهم في بناء مجتمع ديمقراطي قوي، مجتمع يعتمد على الحوار والتفاهم،وإدارة نقاشات عامة مفيدة .وانا لو سؤلت ماذا نريد من إعلامنا في هذا الاستحقاق الدستوري؟ اقول اريد اعلاما يقدم تحليلات عميقة للبرامج الانتخابية، وأن يقارن بينها من حيث أثرها على حياة المواطن ويدير نقاشات حوارية بين المرشحين وبين الخبراء والمختصين، وأن يسمح للمواطن بالمشاركة في هذه النقاشات.نريد تحقيقات استقصائية تكشف الحقائق وتفضح الممارسات غير الشريفة وان يقدم تغطية متوازنة لجميع المرشحين والأحزاب السياسية، وأن يمنحهم الفرصة نفسها للتعبير عن آرائهم.نريد اعلام يقوم بالتوعية والتثقيف وأن يساهم في توعية المواطن بحقوقه وواجباته، وأن يثقفه بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.إننا نؤمن بأن الإعلام القوي هو ركن أساسي من أركان الدولة و الديمقراطية، وأن الإعلام الضعيف هو تهديد لها.ختامًا، أود أن أؤكد على أن المسؤولية لا تقع على عاتق الإعلام وحده، بل تقع أيضاً على الجمهور. علينا أن نكون أكثر انتقائية في اختيار مصادر معلوماتنا، وأن نتحقق من صحة الأخبار قبل تداولها،علينا أيضاً أن نشارك في الحوار العام، وأن نعبر عن آرائنا بحرية ومسؤولية.فقط من خلال التعاون بين الإعلام والجمهور يمكننا بناء مجتمع ديمقراطي قوي ومزدهر.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/03 الساعة 09:50