بركات العبادي يكتب: تهديدات النشاط الزلزالي في الأردن

الدكتور بركات النمر العبادي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/26 الساعة 14:23

يرتبط النشاط الزلزالي في الاردن ، بالنشاط الزلزالي في المنطقة المحيطة ، للإشتراكهم في التاريخ و التركيب الجيولوجي والجيومورفلوجي ، فالجيولوجيا الأساسية للأردن ، فهو يقع في منطقة تكتونية نشطة بسبب موقعه على الحدود بين الصفائح التكتونية و الصدوع و الأخاديد الأساسية ، حيث تقع المملكة على حافة الصفيحة العربية ، التي تتلاقى مع الصفيحة الأفريقية في الجنوب الشرقي ومع الصفيحة الأوروبية في الشمال الغربي ، و هذا التفاعل بين الصفائح يعد هو المسؤول عن النشاط الزلزالي في الاردن والمنطق ، اما الصدوع الأكثر أهمية في الأردن ، فهو صدع البحر الأحمر أو صدع البحر الأحمر الشرقي ، وهو امتداد للصدع الكبير الذي يمتد من البحر الأحمر إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط حيث مصب نهر العاصي ، هذا الصدع هو مصدر رئيسي للهزات الأرضية في الاردن .

كما أن التاريخ الزلزالي للأردن ، شهد العديد من الهزات الأرضية على مر العصور، بعض الهزات الكبرى التاريخية أدت إلى أضرار كبيرة في المدن القديمة مثل البتراء وجرش ومدينة السلط وعمان ، مما يظهر طبيعة النشاط الزلزالي في المنطقة ، ويمكن إستحضار بعضاً من مشاهد التاريخ الزلزالي المتوفرة في الأرشيف الأردني الموثقة و المشهوره ، ففي عام 1759 ، فقد وقع زلزال مدمر في الحادي عشر من يوليو 1759 شمل مناطق واسعة من الاردن وفلسطين، وكذلك وقع زلزال في الأول من ينايرعام 1837 شمل مناطق واسعة من الاردن و سوريا (الشام) ، وقد اثر هذا الزلزال على مدن كبرى ، مثل ( نابلس وجرش ) ونتج عنه دمار كبير وسقطت العديد من المباني ، وفي الحادي عشر من يوليو عام 1927 وقع زلزال أخر كان مركزه قرب البحر الأحمر، تقدر قوة الزلزال بين 6.2 -6.5 على مقياس ريختر وأمتد تأثيره إلى الأردن وفلسطين ، وكان من أقوى الزلازل في القرن العشرين و تسبّب في دمار كبير في العديد من المدن والقرى، بما في ذلك عمان، وأدى إلى وفاة العديد من الأشخاص ، و تشير التقديرات إلى أن الزلزال أدى إلى وفاة حوالي 500 شخص ، وعدد المصابين بالآلاف ، حيث تعرض العديد من الأشخاص لإصابات خطيرة.
وفي الثالث عشر من يوليو عام 1995 ، وقع زلزال في منطقة البحر الأحمر، وأثر على أجزاء من الأردن، وكان زلزالاً كبيراً نسبياً، وأدى إلى بعض الأضرار في المناطق القريبة من مركز الزلزال، وقد تم رصد تأثيره في المناطق المحيطة مثل عمان، كما وقع زلزال في الحادي عشر من مارس عام 2011 وقد أثر على الأردن رغم ان مركزه كان في في اليابان ، وقد اثر الزلزال بشكل غير مباشر على الأردن من خلال التوابع التي سجلت فيها، ولكن لم تكن الأضرار كبيرة .
ويعد زلزال تشيلي الكبير من أشد الزلازل التي وقعت في القرن العشرين ، ففي الثاني و العشرين من عام 1960 وقع هذا الزلزال وهو أقوى زلزال على الإطلاق سجل على سطح الأرض، ووسجل 9,5 درجه على مقياس درجة العزم ، وقد حدث الزلزال في المساء ونتج عنه تسونامي تأثر به جنوب تشيلي ، هاواي، اليابان، الفلبين، شرق نيوزيلندا، جنوب شرق أستراليا، وجزر ألالوتيان في ألاسكا، وكانت حصيلة القتلى والخسائر المالية الناجمة عن هذه الكارثة غير مؤكدة وقد نُشرت تقديرات مختلفة للعدد الإجمالي للقتلى من الزلزال وأمواج تسونامي التي نتجت عن الزلزال، يتراوح عدد القتلى بين 1000 و 6000 قتيل،أما الخسائر المالية تراوحت من 400 و 800 مليون دولار أمريكي، ما يعادل 4.01 مليار دولار إلى 8.021 مليار دولار في عام 2022 حسب معدل التضخم)*
في علم الزلازل ، لا يوجد حتى الآن وسيلة دقيقة للتنبؤ بالزلازل قبل حدوثها بفترة زمنية محددة، لكن هناك بعض الملاحظات والتقنيات التي يمكن أن تقدم إشارات مبكرة حول النشاط الزلزالي: العلامات الجيوفيزيائية: منها التغيرات في مستوى المياه الجوفية: قبل حدوث الزلازل، يمكن أن تلاحظ تغييرات في مستوى المياه الجوفية أو في التركيب الكيميائي للمياه. لكن هذه التغيرات ليست دائما واضحة أو متسقة وكذلك الضغوط التكتونية: يمكن أن تتسبب التغيرات في الضغوط التكتونية في حدوث انزلاقات صغيرة في الصخور يمكن أن تكون مؤشرًا محتملًا على النشاط الزلزالي، لكن التنبؤ بدقة لا يزال صعباً، ويمكن ان تظهر علامات جيولوجية: مثل تشققات في الأرض في بعض الأحيان، أو تغييرات في البنية الجيولوجية في المناطق المعرضة للزلازل. لكن هذه العلامات قد تكون غير واضحة أو غير كافية للتنبؤ بزلزال كبير ، وكذلك النشاط الزلزالي السابق:الزلازل الصغيرة أو التوابع: قد تسبق الزلازل الكبيرة أحيانًا مجموعة من الزلازل الصغيرة أو التوابع،لكن لا يمكن الاعتماد على هذه التوابع دائمًا كعلامة حاسمة على وقوع زلزال كبير.
التقنيات الحالية للرصد الزلزالي :
1-الرصد المبكر: يتم استخدام الشبكات الزلزالية لرصد النشاط الزلزالي والتنبؤ بالهزات الأرضية،هذه الشبكات يمكن أن تكشف عن النشاط الزلزالي المبكر وتقديم تحذيرات قبل وصول الموجات الرئيسية للزلزال، لكن التحذير يكون عادةً ثوانٍ إلى دقائق قبل حدوث الزلزال.
2--الرصد عبر الأقمار الصناعية:التغيرات في سطح الأرض: تساهم تقنية الرصد عبر الأقمار الصناعية في متابعة التغيرات في سطح الأرض والتنبؤ بالنشاط الزلزالي، يمكن استخدام هذه التقنية لرصد التغيرات الكبيرة التي قد تشير إلى حدوث زلزال.
التحديات في التنبؤ بالزلازل:
1-عدم اليقين: على الرغم من تقدم التكنولوجيا، فإن التنبؤ بالزلازل بدقة لا يزال غير ممكن، يمكن أن توفر البيانات والإشارات السابقة بعض المؤشرات، لكن لا يمكن تحديد الوقت والمكان المحددين للزلزال بدقة .
.2- التأثيرات البيئية: التغيرات البيئية والعوامل الجيولوجية المختلفة تجعل من الصعب التنبؤ بالزلازل بشكل موثوق.
اما عن مستقبل التنبؤ بالزلازل: البحوث المستمرة: تستمر الأبحاث في تحسين فهمنا للنشاط الزلزالي وإيجاد طرق جديدة لرصد وتوقع الزلازل ، وكذلك الابتكارات التقنية: يمكن أن تسهم الابتكارات التقنية في تحسين القدرة على التنبؤ بالزلازل أو على الأقل تقديم تحذيرات مبكرة أكثر دقة ، اما عن مستقبل الزلازل في الاردن ، فان توقعات النشاط الزلزالي تعتمد على عدة عوامل تتعلق بالجغرافيا الجيولوجية والنشاط التكتوني في المنطقة :
التكنولوجيا الحديثة: استخدام شبكات رصد الزلازل المتقدمة يساعد في تحسين القدرة على رصد النشاط الزلزالي وتحليل البيانات للتنبؤ بالزلازل المحتملة، يمكن لهذه الشبكات الكشف عن النشاط الزلزالي المبكر وتقديم تنبيهات.
النمذجة الجيولوجية: النماذج الجيولوجية تساعد في تقييم الاحتمالات المستقبلية وتقدير التأثيرات المحتملة على المنطقة، تُمكن هذه النماذج من تحليل سيناريوهات مختلفة وتقدير مدى تأثير الزلازل على المناطق السكنية والبنية التحتية، وفي الاردن لابد من اتخاذ إجراءات و خطوات عملية للتخفيف من حدة التاثيرات المحتملة للزلازل من |أهمها :تحسين البناء: تحسين معايير البناء والتشييد لضمان مقاومة المباني للزلازل يُعتبر من الإجراءات الأساسية لتقليل الأضرار المحتملة.لتدريب والتوعية: التوعية العامة والتدريب على كيفية التصرف أثناء الزلازل يمكن أن يساعد في تقليل الأضرار والخسائر ، خطط الطوارئ: تطوير وتنفيذ خطط طوارئ متكاملة يمكن أن يساعد في الاستجابة السريعة وتخفيف تأثير الزلازل. التعاون الدولي: استمرار الدراسات والبحوث الجيولوجية لتوفير بيانات أكثر دقة حول النشاط الزلزالي وتحسين التوقعات المستقبلية وذلك بالتعاون مع المؤسسات العلمية الدولية يمكن أن يساعد في تبادل المعرفة والخبرات لتحسين فهم النشاط الزلزالي وإدارة المخاطر تستمر الدراسات والبحوث الجيولوجية لتوفير بيانات أكثر دقة حول النشاط الزلزالي وتحسين التوقعات المستقبلية.
وفي الختام ، الله أسأل ان يحفظ الاردن وسائرشعوب العالم من كل مكروه ، وأن يجنبهم خطر الزلازل.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/26 الساعة 14:23