إلى متى أيها العرب؟

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/26 الساعة 01:23
للأسف لم نترك نحن العرب خيارا لأعدائنا قبل أصدقائنا كي يرونا في العين الجليلة إلا ما تيسر من المجاملات، والتعامل من خلال البروتوكولات المرسومة أو ما تقتضيه المصلحة من خلال الخطاب السياسي الذي لا يفيدنا بشيء حينما نطرح أنفسنا كأمة تنافس في سلم الأمم المتحضرة التي أشبعت الدول فيها مواطنيها بالرخاء الاجتماعي وحققت لهم الأمن والرعاية المناسبة، وأخذت على عاتقها رسم السياسات المستقبلية للأجيال، ما جعل شعوبها ينخرطون طوعا في التعايش مع الآخرين حتى لو كانوا مهاجرين أو من إثنيات وديانات أخرى بالحد المعقول، ذلك أن القوانين التي حكمت بها تلك الدول تأمن الحدود الفاصلة بين الواجبات والحقوق بين الناس، فيما نحن لا نزال نعاني من فقر مدقع في العديد من القوانين والأنظمة، بل أصاب انتماؤنا وهن شديد لأوطاننا.
وفي اختصار للحالة التي نعاني منها ويغفل عنها السواد الأعظم من شعوب العرب، فلم نسمع يوما لرئيس دولة يتحدث عن العرب كأمة حملت الإسلام وكدينّ يحض على التسامح والعدل والتفكير وتحقيق الرخاء للبشر، سوى الملك عبدالله الثاني الذي ينتهز أي فرصة على منبر هيئة الأمم المتحدة كي يشرح بالتفصيل عما يدور في بلاد العرب وكيفية الوصول إلى تعاون عربي ينخرط فيه جميع الأطراف من قادة ورؤساء ويحث الجميع كي يضعوا خارطة طريق لوقف هذا العنف المستمر في عديد من دول العرب، ويحاجج عن الأمة من خلال معطيات أكبر شأنً لوقف هذا النزف، وهو الأول في هبته لمساعدة إخوتنا الفلسطينيين الذين تخلى عنهم البعض، إلى من رحم الله.ورغم أننا كعرب نقدم أنفسنا في تلك الصورة للمزاحمين على الصدارة في سلم الحضارة العالمية وكفاعلين جداً على صعد السياسة والاقتصاد ونمتلك مخزونا هائلا من سير وبطولات وحكايات التاريخ والأدب والتأليف، يقابله مخزون هائل من الثروات النفطية والمعادن، ومئات الملايين من البشر استطاع غالبيتهم هزم الأمية منذ عقود والآلاف منهم برزوا كعباقرة في العلوم والطب، إلا أننا لم نتقدم فعلا في تفكيرنا لتحقيق غاية البشر في التغيير الحقيقي لبنيتنا الفكرية والاجتماعية والسياسية ولا أنماطها الإنتاجية والاستهلاكية من الناحية الاقتصادية.فنحن كجزء من صورة قاتمة عن العالم الثالث، نرى كيف نهضت الشعوب ودولها في شرق العالم الثالث وتطورت دول كانت تعاني من ويلات الاستعمار والحروب الأهلية والفقر والأمراض، وأصبحت خلال عقدين من الزمن تطاول دول الغرب المتطورة، كماليزيا والصين وكوريا وسنغافورا، ونحن تأخرنا عن الجميع بإصرار إلا في مجال واحد هو الصراع والاقتتال وتدمير منجزاتنا والاستهزاء والحط من قدر الشقيق.إن مجرد فكرة طرح شخصية الإرهابي العربي الذي يعيش منذ عصر أسلافه وسط صحراء مخيفة، وأنه يحاكي الذئاب والوحوش في نزعته لسفك الدماء والانتقام لمجرد إساءة لفظية جعلتنا سجناء نظرة الدونية في سلم شعوب العالم حتى لو تكلمنا بكل اللغات وامتلكنا أكبر الشركات العالمية أو متعددة الجنسية، سنبقى ذات الشخصية التي روجت لها السينما العالمية والصحافة الغربية التي هيمنت عليها سلطة الصهيونية المتحكمة بالنفوذ المالي والسياسي في الولايات المتحدة وعواصم أوروبا الرئيسية، والأكثر إيلاماً، أننا لم نسعَ لتغيير هذه الصورة في داخلنا وبين أوساطنا الاجتماعية كعرب مسلمين، قبل أن نحاول تغييرها أمام العالم الغربي الذي يمتلك أدوات التصنيف.إن المشكلة عند العرب والأمم الأخرى هي مشكلة اتصالات وجهل معرفي بالتاريخ واعتماد مصادر غير عادلة بل ومغرضة، ولم نسمع لأحد يدعو شعوب الغرب مثلا إلى فهم خصائص وعناصر المنطقة العربية بعيدا عن وجود اليهود الأوروبيين الذين قتلتهم أوروبا ولفظتهم دولها، وساعدتهم على أن يتحولوا إلى لصوص عالميين يحتلون أرضا ليست لهم، ويفاوضون اليوم على الاعتراف بدولة أحادية الدين يهودية خالصة، ليس لها مثيل في العالم كله ولعل الحرب الظالمة على أهلنا في غزة والضفة الغربية قد فتحت أعين غالبية دول العالم لنصرة غزة رغم أنوف قادتها.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/26 الساعة 01:23