الزعبي يكتب: الأفقر مائيا، ماذا بعد؟

الاستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/24 الساعة 20:59
قبل عام وتحديدا بتاريخ 21/82023 كنت قد كتبت مقالا في جريدة الغد الأردنية، تحت عنوان "الأردن وخط الفقر المائي المطلق" وقد اشرت فيه إلى ان حصة الفرد الأردني من مياه الشرب قد انخفضت إلى 61 متر مكعب في السنه، وفي ذلك الوقت كان الأردن يصنف الدولة قبل الاخيرة في العالم من حيث حصة الفرد من المياه، هذا مع العلم بانه قبل عشر سنوات كان الأردن يصنف ضمن افقر عشر دول، وقبل خمس سنوات، كان من افقر خمس دول في العالم، والعام الماضي، الدولة قبل الاخيرة، واليوم الدولة الأفقر مائيا، وهذا ما صرح به معالي وزير المياه والري لبرنامج مسارات والمنشور في موقع عمون بتاريخ 22/8/2024، وهو يستحق الشكر على هذه الصراحة.
ان تراجع الأردن إلى هذا المستوى، وبدون منافس، يعني بان حصة الفرد المقيم على الارض الأردنية من المياه تكون قد انخفضت دون الرقم الذي اشرنا له في العام الماضي، وتكون بذلك قد اقتربت من 45 متر مكعب من المياه المخصصة لأغراض الشرب. ومأ يؤكد ذلك ان كميات المياه المتاحة لأغراض الشرب ومن كافة المصادر هي 519 مليون متر مكعب (حسب معطيات وزارة المياه) وعدد سكان الأردن في بداية النصف الثاني لعام 2024 بلغ 11.630 مليون نسمه تقريبا ( حسب دائرة الإحصاءات العامة، والمنشور في جريدة الغد بتاريخ 11/7/2024، ثلثهم من غير الاردنيين، حسب معطيات المجلس الأعلى للسكان، والمنشور بتاريخ 3/7/2023) وهذا يعني بان حصة الفرد الأردني من المياه ومن كافة المصادر والبالغة 1093 مليون متر مكعب سنويا، ولكافّة الاستخدامات (الزراعة والشرب والصناعة وغيرها) تكون حوالي 95 متر مكعب فقط. وهنا نشير إلى ان كميات المياه المخصصة لأغراض الزراعة هي حوالي 531 متر مكعب. ومن باب الإنصاف، لا بد من الإشارة إلى ان التدابير المتخذة من قبل وزارة الزراعة للاستغلال الامثل للمياه لرفع كميات الانتاج، للمساهمة في الامن الغذائي يجب ان تشكر عليها.ان استمرار الوضع وللسنوات الخمس القادمة، وهي السنوات المتوقع ان يتم فيها تنفيذ مشروع الناقل الوطني، من المتوقع ان تنخفض حصة الفرد من مياه الشرب إلى رقم كارثي، حوالي 40 متر مكعب (في حال عدم توفر اي مصدر جديد وغير تقليدي)، اخذين بعين الاعتبار نسبة النمو السكاني الطبيعية والبالغة 1.9% (حسب معطيات دائرة الإحصاءات العامة). ان لغة الأرقام المتوفرة لدينا اليوم من حيث عدد السكان ونسبة النمو السكاني وكميات المياه المتاحة وفي حال نفذ مشروع الناقل الوطني (عن طريق تجزئة العطاء لضمان التنفيذ باقل التكاليف، والمحافظة على اسعار معقوله للمتر المكعب للمواطن)، والتي ستصبح في عام 2030 حوالي 820 مليون متر مكعب (إلا في حالة اللجو لمزيدا من الاستنزاف للمياه الجوفية، والتي نضخ منها بما يقارب 200 مليون متر مكعب سنويا فوق الحد الامن لها، حسب بيانات وزارة المياه) وفي جميع الاحوال فاننا، سنعود إلى إيصال حصة الفرد من مياه الشرب إلى حوالي 65 متر مكعب.ان مثل هذا الوضع، يتطلب من الحكومة ان تسخر كافة الإمكانات والموارد لتدارك الأمر، والتي منها تسريع وتيرة الحد من الفاقد المائي (تصل إلى 52%من المياه الجارية في الشبكات بشتى اشكالها، والتي احد اسبابها اهترأ الشبكات، والمواطن ليس طرفاً فيها، بل ندرة الضخ في الشبكات يودي إلى تلفها، حسب بيانات وزارة المياه، وبالمناسبة تتساوى تقريبا مع نسبة الفاقد التعليمي في الأردن، حسب تصريحات وزير التربية والتعليم العام الماضي) للوصول بها إلى النسبة المقبولة نوعا ما والتي يجب ان تكون بحدود 10%، والإسراع في توسيع شبكات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي لرفع كفاءتها وتجويد مخرجاتها بالكامل لرفع كميات المياه من 186 (حسب معطيات وزارة المياه) إلى 250 -300 مليون متر مكعب واستخدامها في قطاع الزراعة (يستخدم 167 مليون منها لاغراض الزراعة) بدلا من استخدام المياه الجوفية، والإسراع في التوسع استخدام مصادر الطاقة المتجددة والرخيصة نوعاً ما لتخفيض تكلفة الطاقة المستخدمة في قطاع المياه والبالغة 9% من كميات الطاقة المنتجة.ان تسخير كافة الجهود وتفعيلها على ارض الواقع في هذا القطاع، يضمن لنا تحقيق اهداف التنمية المستدامة والرؤية الاقتصادية والتي هي موضع اهتمام من قبل جلالة الملك وسمو ولي العهد لمستقبل الدولة الأردنية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/24 الساعة 20:59