الضمور يكتب: الهوس بالنشر في المجلات العلمية.. هل يهدد جودة البحث الأكاديمي في الجامعات العربية؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/19 الساعة 22:48
في السنوات الأخيرة، تصاعد الاهتمام بمكان نشر الأبحاث العلمية في الجامعات الأردنية والعربية، مما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير هذا التوجه على جودة الأبحاث المنشورة. في مقال حديث نشرته مجلة Nature الأمريكية بتاريخ 9 أغسطس 2024، أثيرت مسألة ضرورة إعادة النظر في كيفية تقديم الأبحاث في السير الذاتية للباحثين، حيث اقترح المقال الاكتفاء بذكر عناوين الأبحاث فقط، دون ذكر أسماء المجلات أو الدوريات التي نُشرت فيها، مع وضع روابط مباشرة تقود إلى تلك الأبحاث.هذا الاقتراح يأتي في وقت بات فيه الهوس بمكان النشر وتصنيف المجلات العلمية يشكل عبئاً كبيراً على الباحثين، الذين يسعون جاهدين لنشر أبحاثهم في مجلات ذات معامل تأثير عالٍ وتصنيف مرتفع (Q1). ومع ذلك، يشير بعض النقاد إلى أن العديد من هذه المجلات أصبحت ذات طابع تجاري بحت، حيث يُنظر إلى ارتفاع كلفة النشر فيها كمعيار لجودة البحث، رغم أن هذا الارتفاع لا يعكس بالضرورة قيمة البحث أو أهميته العلمية.إضافة إلى ذلك، أصبح ارتفاع عدد الاستشهادات بالأبحاث هدفاً يسعى إليه العديد من الباحثين، لكنه لا يعني بالضرورة جودة البحث أو أهميته. في الواقع، هناك طرق غير أخلاقية تُستخدم لزيادة عدد الاستشهادات بشكل مصطنع، مثل “مافيا الاستشهادات” أو “الاتفاقيات المتبادلة” بين الباحثين، مما يضلل المجتمع الأكاديمي بشأن قيمة هذه الأبحاث.وقد تطرقت مجلة Nature إلى تساؤل هام حول ما إذا كان أحد يتذكر اسم المجلة التي نشر فيها ألكسندر فليمنج بحثه الشهير عن البنسلين، لتؤكد أن قيمة البحث تكمن في تأثيره العلمي وليس في المجلة التي نشرته. وفي هذا السياق، بدأت بعض الجامعات، مثل جامعة إدنبرة البريطانية، في تبني نهج جديد يتمثل في عرض عناوين الأبحاث فقط مع وضع روابط مباشرة لها، دون الإشارة إلى أسماء المجلات.هذا التحول قد يكون له آثار إيجابية كبيرة، حيث يمكن أن يساهم في تخفيف الضغط عن الباحثين ويساعدهم على التركيز على جودة أبحاثهم بدلاً من السعي وراء النشر في مجلات ذات تصنيف عالٍ. كما يمكن أن يعيد للمجلات العلمية الجامعية دورها الحقيقي بعد أن تراجعت مكانتها في ظل السباق المحموم نحو النشر الدولي.ورغم ذلك، يظل التحدي الأكبر أمام الجامعات العربية في كيفية التصدي لظواهر سلبية جديدة بدأت تنتشر في الأوساط الأكاديمية، مثل مصانع الأوراق البحثية والمجلات المفترسة، والتي تهدد بإفساد البحث العلمي وتحويله إلى وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية دون تحقيق الفائدة العلمية الحقيقية.في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن النظام الأكاديمي من استعادة توازنه والتركيز على جودة البحث العلمي بدلاً من التركيز على أماكن النشر؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا التحول إلى رفع مستوى النزاهة والشفافية في البحث العلمي؟ هذه التساؤلات ستبقى محور الاهتمام في المستقبل القريب.ا د هاني
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/19 الساعة 22:48