هل سمعتم... بـ'دبلوماسية الخيزران'؟؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/08 الساعة 00:46
ثمة مصطلحات في السياسة كما في العمل والعلاقات الدبلوماسية, يتم «نَحّتها» على وجه السرعة, خاصة إذا ما شكّلت خطوة أو خطوات مُتدحرجة تقوم بها دولة تجاه أخرى, أو مجموعة إقليمية تجاه مجموعة أخرى, ما بالك إذا ما أسفرتْ تلك الخطوة/الخطوات التي تُوصف غالباً بأنها خطوة «دراماتيكية» أو «غير مسبوقة» أو «إختراق", على النحو الذي شهدناه في ذروة «تداعيات» الحرب الباردة, وتدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي, وبدرجة أقل مع جمهورية الصين الشعبية, في عهد الزعيم الصيني «ماو تسي تونغ", أوائل سبعينيات القرن الماضي, والتي سُميَت حينذاك (أقصد الخطوة الأميركية تجاه الصين بـ"دبلوماسية البينغ بونغ"/Ping- Pong Dilomacy).
إذ قام «9» لاعبين من فريق تنس الطاولة الأميركي, في شهر نيسان/1971, برحلة «تاريخية» إلى الصين، ليصبحوا أول وفد أميركي يزور الصين منذ عقود. ما شكّل بداية لما أصبح يُعرف باسم «دبلوماسية البينغ بونغ». كما ساعدت/الرحلة في إرساء الأساس لاقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الصين والولايات المتحدة. (كانت واشنطن تعترف بـ"تايوان» المُمثل الوحيد للشعب الصيني «الملياري", بل الأدهى من ذلك أنها/تايوان كانت تحتل مقعداً «دائم العضوية» في مجلس الأمن الدولي). كما أدّت «دبلوماسية البينغ بونغ» إلى تحسين التفاهم بين الشعبيْن والتبادلات الثقافية بين البلدين.وإذ فتحت تلك الدبلوماسية الطريق للرئيس الأميركي وقتذاك/ ريتشارد نيكسون, إلى بيجين والإجتماع مع الزعيم الصيني/"ماو", فإن الخطوة الأميركية «التاريخية", تجاه الصين, لم تكن بريئة بالمُطلق, خاصة أن الولايات المتحدة كانت «غارقة» ومُثخنة بالجِراح في الحرب العدوانية التي شنتها على فيتنام, ودعماً لنظامٍ «عسكري» عميل, اقامته في الجزء الجنوبي من جمهورية فيتنام الموحدة, بل رامت من بين أمور أخرى «استثمار» الخلِاف الصيني ــ السوفياتي.. السياسي وخصوصاً العقائدي/الحزبي, المُحتدم والضاري بين موسكو وبيجين, والذي وصل ذروته في إندلاع أسوأ اشتباكات حدودية/ عسكرية في آذار العام 1969, بين أكبر وأهم بلديْن شيوعيّين في العالم.ما علينا..ليس هذا موضوعنا الرئيس, بل أضأنا عليه من أجل مواصلة الحديث عن «بعض» المُصطلحات والمُسميات» والأوصاف التي أُطلِقت على دبلومسية شبيه بدبلوماسية البينغ بونغ وإسهامها في إذابة جليد العِداء بين واشنطن وبيجين, في سبعينيات القرن الماضي (وليس كما هي عليه الآن من توتر واحتمالات مفتوحة للمواجهة الساخنة, جرّاء السياسات العدوانية التي انتهجتها الإدارات الأميركية المُتعاقبة وبخاصة إدارة بايدن وقبلها إدارة ترمب).هناك أيضاً «دبلوماسية الزلازل» حيث تغتنم دولة ما, حدوث زالزال مُدمر في دولة ما على سطح كوكبنا, لا تربطها علاقات «جيدة» مع تلك الدولة, فتسارِع إلى إرسال معونات غذائية وفِرق طبية وأخرى إغاثية وثالثة مُتخصصة في الإنقاذ من تحت الأنقاض. ما يُسهم بدرجة أو أخرى في تحسين العلاقات بين البلدين, وربما ما هو أكثر. كذلك تحضر هنا «دبلوماسية اللحظات الأخيرة", التي تلجأ اليها دول عند حدوث تدهور في علاقات بلدين أو أكثر, تكاد تصل إلى إعلان حرب, من قبل دولة أو أكثر على دولة أخرى وربما أكثر, فيقوم زعيم الدولة تلك بمساعٍ لتخفيف حدة التوتر, أو الحؤول دون إندلاع الحرب. وربما يُشاركه رهط آخر من الزعماء مساعيه هذه, مع شعورهم بقرب الإنزلاق إلى الحرب. ناهيك عن «دبلوماسية الشتائم» التي برعَ فيها الرئيس الأميركي (الآفل نجمه) جوزيف بايدن, خاصة تجاه نظيره الروسي/فلاديمير بوتين, الذي لم يُبادِله شتائمه المُهينة وغير المألوفة في «قاموس الرؤساء والسياسيين", ما بالك رئيس الدولة التي تزعم (زوراً كما يجب التنويه), أنها زعيمة «العالم الحر", بل تمنّى بوتين لبايدن.. «الرُشد والشفاء».نأتي إلى «دبلوماسية الخيّزران", توفيراً للوقت والمساحة, خاصة أن هذه الدبلوماسية «الجديدة والأولى» في ما نحسب, التي يُعلن فيها زعيم دولة تسلّم منصبه مؤخراً بعد وفاة سلفه, أنه سينتهِجها رسمياً في علاقات بلاده مع دول العالم. إذ يدور حديثنا حول «جمهورية فيتنام الاشتراكية» وما أدراك ما «فيتنام» في التاريخ الإنساني والنضالي الحديث, وخصوصاً في ذاكرة الشعوب المُستعمَرة, وتلك التي عانت من عدوانية المعسكر الغربي بقيادته الأميركية, وقبله إمبراطورتَيّ الإستعمار القديمتيْن البريطانية والفرنسية, ناهيك عن المُستعمِرين الألمان والهولنديين والبرتغاليين والإسبان والبجيكيين.وإذ انتخِبَ الحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام, السبت الماضي رئيس البلاد، (تو لام)، زعيماً له, خلفاً للأمين العام الراحل مؤخراً/«نغوين فو ترونغ». وكان الأخير/الراحل نغوين فو ترونغ، هيَّمنَ على السياسة الفيتنامية, منذ أن أصبح رئيساً للحزب عام/2011. كما إنتُخبَ لفترة ولاية ثالثة كأمين عام/2021. وكان «ايديولوجياً» ينظر إلى الفساد باعتباره أخطر تهديد يواجه الحزب. فإن «تو لام» الرئيس الجديد للحزب، قال في أول خطاب له: إن تولّيه زمام الأمور كان بسبب «الحاجة المُلحة لضمان قيادة الحزب»، مُشيراً إلى أنه سيُحافظ على إرث سلفه، لا سيما «حملة مكافحة الفساد» التي هزّت النُخبة السياسية والتجارية في البلاد, والنهج البراغماتي للسياسة الخارجية المعروف باسم (دبلوماسية الخيزران). وهي عبارة صاغها الزعيم الراحل/ترونغ, في إشارة إلى (المُرونة، والإنحناء, ولكن «عدم الإنكسار», في مُواجهة «الرياح المُعاكسة المُتغيرة للجغرافيا السياسية العالمية»).
إذ قام «9» لاعبين من فريق تنس الطاولة الأميركي, في شهر نيسان/1971, برحلة «تاريخية» إلى الصين، ليصبحوا أول وفد أميركي يزور الصين منذ عقود. ما شكّل بداية لما أصبح يُعرف باسم «دبلوماسية البينغ بونغ». كما ساعدت/الرحلة في إرساء الأساس لاقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الصين والولايات المتحدة. (كانت واشنطن تعترف بـ"تايوان» المُمثل الوحيد للشعب الصيني «الملياري", بل الأدهى من ذلك أنها/تايوان كانت تحتل مقعداً «دائم العضوية» في مجلس الأمن الدولي). كما أدّت «دبلوماسية البينغ بونغ» إلى تحسين التفاهم بين الشعبيْن والتبادلات الثقافية بين البلدين.وإذ فتحت تلك الدبلوماسية الطريق للرئيس الأميركي وقتذاك/ ريتشارد نيكسون, إلى بيجين والإجتماع مع الزعيم الصيني/"ماو", فإن الخطوة الأميركية «التاريخية", تجاه الصين, لم تكن بريئة بالمُطلق, خاصة أن الولايات المتحدة كانت «غارقة» ومُثخنة بالجِراح في الحرب العدوانية التي شنتها على فيتنام, ودعماً لنظامٍ «عسكري» عميل, اقامته في الجزء الجنوبي من جمهورية فيتنام الموحدة, بل رامت من بين أمور أخرى «استثمار» الخلِاف الصيني ــ السوفياتي.. السياسي وخصوصاً العقائدي/الحزبي, المُحتدم والضاري بين موسكو وبيجين, والذي وصل ذروته في إندلاع أسوأ اشتباكات حدودية/ عسكرية في آذار العام 1969, بين أكبر وأهم بلديْن شيوعيّين في العالم.ما علينا..ليس هذا موضوعنا الرئيس, بل أضأنا عليه من أجل مواصلة الحديث عن «بعض» المُصطلحات والمُسميات» والأوصاف التي أُطلِقت على دبلومسية شبيه بدبلوماسية البينغ بونغ وإسهامها في إذابة جليد العِداء بين واشنطن وبيجين, في سبعينيات القرن الماضي (وليس كما هي عليه الآن من توتر واحتمالات مفتوحة للمواجهة الساخنة, جرّاء السياسات العدوانية التي انتهجتها الإدارات الأميركية المُتعاقبة وبخاصة إدارة بايدن وقبلها إدارة ترمب).هناك أيضاً «دبلوماسية الزلازل» حيث تغتنم دولة ما, حدوث زالزال مُدمر في دولة ما على سطح كوكبنا, لا تربطها علاقات «جيدة» مع تلك الدولة, فتسارِع إلى إرسال معونات غذائية وفِرق طبية وأخرى إغاثية وثالثة مُتخصصة في الإنقاذ من تحت الأنقاض. ما يُسهم بدرجة أو أخرى في تحسين العلاقات بين البلدين, وربما ما هو أكثر. كذلك تحضر هنا «دبلوماسية اللحظات الأخيرة", التي تلجأ اليها دول عند حدوث تدهور في علاقات بلدين أو أكثر, تكاد تصل إلى إعلان حرب, من قبل دولة أو أكثر على دولة أخرى وربما أكثر, فيقوم زعيم الدولة تلك بمساعٍ لتخفيف حدة التوتر, أو الحؤول دون إندلاع الحرب. وربما يُشاركه رهط آخر من الزعماء مساعيه هذه, مع شعورهم بقرب الإنزلاق إلى الحرب. ناهيك عن «دبلوماسية الشتائم» التي برعَ فيها الرئيس الأميركي (الآفل نجمه) جوزيف بايدن, خاصة تجاه نظيره الروسي/فلاديمير بوتين, الذي لم يُبادِله شتائمه المُهينة وغير المألوفة في «قاموس الرؤساء والسياسيين", ما بالك رئيس الدولة التي تزعم (زوراً كما يجب التنويه), أنها زعيمة «العالم الحر", بل تمنّى بوتين لبايدن.. «الرُشد والشفاء».نأتي إلى «دبلوماسية الخيّزران", توفيراً للوقت والمساحة, خاصة أن هذه الدبلوماسية «الجديدة والأولى» في ما نحسب, التي يُعلن فيها زعيم دولة تسلّم منصبه مؤخراً بعد وفاة سلفه, أنه سينتهِجها رسمياً في علاقات بلاده مع دول العالم. إذ يدور حديثنا حول «جمهورية فيتنام الاشتراكية» وما أدراك ما «فيتنام» في التاريخ الإنساني والنضالي الحديث, وخصوصاً في ذاكرة الشعوب المُستعمَرة, وتلك التي عانت من عدوانية المعسكر الغربي بقيادته الأميركية, وقبله إمبراطورتَيّ الإستعمار القديمتيْن البريطانية والفرنسية, ناهيك عن المُستعمِرين الألمان والهولنديين والبرتغاليين والإسبان والبجيكيين.وإذ انتخِبَ الحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام, السبت الماضي رئيس البلاد، (تو لام)، زعيماً له, خلفاً للأمين العام الراحل مؤخراً/«نغوين فو ترونغ». وكان الأخير/الراحل نغوين فو ترونغ، هيَّمنَ على السياسة الفيتنامية, منذ أن أصبح رئيساً للحزب عام/2011. كما إنتُخبَ لفترة ولاية ثالثة كأمين عام/2021. وكان «ايديولوجياً» ينظر إلى الفساد باعتباره أخطر تهديد يواجه الحزب. فإن «تو لام» الرئيس الجديد للحزب، قال في أول خطاب له: إن تولّيه زمام الأمور كان بسبب «الحاجة المُلحة لضمان قيادة الحزب»، مُشيراً إلى أنه سيُحافظ على إرث سلفه، لا سيما «حملة مكافحة الفساد» التي هزّت النُخبة السياسية والتجارية في البلاد, والنهج البراغماتي للسياسة الخارجية المعروف باسم (دبلوماسية الخيزران). وهي عبارة صاغها الزعيم الراحل/ترونغ, في إشارة إلى (المُرونة، والإنحناء, ولكن «عدم الإنكسار», في مُواجهة «الرياح المُعاكسة المُتغيرة للجغرافيا السياسية العالمية»).
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/08 الساعة 00:46