الزعبي يكتب: مشروع العطارات.. ماذا بعد قرار التحكيم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/07 الساعة 22:33
يعتبر مشروع توليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي والمسمى بمشروع العطارات، اكبر مشروع ينفذ في المملكة حتى تاريخه، وبتكلفة مالية تقدر بحوالي 2.1 مليار دولار، وينفذ من قبل ائتلاف لعدد من الشركات العالمية، الا ان الحصة الاكبر فيها للشركات الصينية.
مذكراً بان وجود الصخر الزيتي في الاردن ينتشر على مساحات واسعة من اراضي المملكة (من وسط المملكة وحتى وادي الشلالة شمالاً، والذي اقيمت علية محطة المانية لتقطير النفط قبل الحرب العالمية الاولى، حسب وثائق كنت قد اطلعت عليها لدى المرحوم المهندس كمال جريسات، مدير عام سلطة المصادر في بداية تسعينات القرن الماضي وكذلك من قبل المهندس محمد ابو عجميه اطال الله في عمره، الجيولوجي الاكثر خبرة في جيولوجية الاردن وتراكيه التحت سطحية وثرواته الطبيعية) ويشكل الاحتياطي منه ما يزيد عن 40 مليار طن، وهذا ما اثبتته الدراسات السابقة من قبل العاملين في سلطة المصادر الطبيعية خلال العقود الماضية والذي تشرفت بان اكون احدهم خلال العقد الاخير من تسعينات القرن الماضي. الامر الذي يضع الاردن من بين الدول الاكبر في احتياطيات هذا الخام، كما ويتميز هذا الخام في الاردن بانخفاض نسبة الرطوبة بشكل كبير مقارنة مع مكامن الصخور الزيتية في العالم كالصخور الزيتية في كندا او استونيا وغيرها من الدول. كما وتقدر القيمة الحرارية للصخور الزيتية الاردنية بحوالي 7.5 ميجا جول/كغم من الصخر.
ان اتفاقية تنفيذ المشروع كانت قد وقعت ما بين الحكومة الاردنية والائتلاف العالمي بقيادة الشركات الصينية عام 2013، لكي يتم تزويد المملكة ب 15℅ من حاجة المملكة من الكهرباء، والتي تبين فيما بعد بان تكلفة شراء الكهرباء من الائتلاف ستلحق خسائر في الحكومة الاردنية لا تقل عن 200 مليون سنوياً، وذلك بسبب وجود مصادر اخرى لتوليد الطاقة الكهربائية بتكلفة اقل.
كما تبين لاحقاً بان احتياجات المملكة من الكهرباء تتراوح ما بين 4500 الى 5000 ميجا واط، وليس كما ورد في استرتيجية الطاقة في العقد الماضي من انها ستكون حوالي 8000 ميجا واط. يضاف الى ذلك وجود فائض من انتاج الكهرباء من الشركات المولدة لها من المصادر المختلفة كالنفط والغاز والطاقة الشمسية وغيرها.
من المحتمل ان تكون الحكومة وضعت خطتها في ذلك الوقت، بهدف تصدير الكهرباء الى بعض الدول المجاورة وبالاخص لبنان، والذي لم تتمكن من التصدير اليه لاسباب متعلقة بالسياسية الاقليمية والعقوبات المفروضة على سوريا (قانون قيصر)، واقتصر التصدير الى شركة كهرباء القدس الفلسطينية.
ان صدور قرار التحكيم والذي اعتمد على معيار العائد الاستثماري كاسأس لتقدير الغبن الذي لحق بالحكومة الاردنية، ووجد بان العائد الاستثماري مجدي ومقبول للحكومة الاردنية ممثلة بشركة الكهرباء والائتلاف الدولي المنفذ للمشروع. اي ان تنفيذ الاتفاقية اصبح امر واقع، وقد تلجاء الحكومة للتفاواض مع الائتلاف لتعديل بعض البنود لتحسينها لصالح شركة الكهرباء، او ابقاء الوضع على ما هو عليه في حال رفض الائتلاف الدولي المنفذ للمشروع اية تعديلات.
ان مثل هذا الوضع يرتب على الحكومة التعامل مع الطاقة الكهربائية المنتجة من مشروع العطارات ومن بين هذه الحلول ان تقوم الحكومة بتزويد القطاع الصناعي بالطاقة الكهربائية وتخفيض التكلفة كنوع من الدعم للقطاع الصناعي والذي يعاني اصلاً من ارتفاع تكلفة الانتاج بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة، الامر الذي سيخلق قطاع قوياً وقادراً على المنافسة في المنتج الاردني الصناعي في الاسواق الاقليمية والعالمية. كما انني اعتقد انه من الممكن استغلال الطاقة الكهربائية في مشروع الناقل الوطني للمياه كمساهمة من الحكومة بدلاً من انشاء محطة خاصة لتوليد الطاقة لاغراض تنفيذ مشروع الناقل الوطني، مما سيخفض تكلفة تنفيذ المشروع والتي ستنعكس على تكلفة انتاج المتر المكعب من المياه المحلاة من مياه خليج العقبة. ان مشروع الناقل الوطني هو محط اهتمام كبير من قبل جلالة الملك وسمو ولي العهد.
ان المحافظة على تنفيذ بنود اتفاقيات الاستثمار مع الشركات العالمية والمستثمرين، يساهم في تعزيز ثقة الشركات العالمية والمستثمرين الاجانب في البيئة الاستثمارية في الاردن في ظل الاستقرار السياسي والامني الذي يتمتع في الاردن والذي جاء نتيجة جهود مكثفة من جلالة الملك يجب البناء عليه لتحقيق اهداف الرؤياء الاقتصادية للدولة الاردنية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/07 الساعة 22:33