الدم مقابل الدم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/07 الساعة 01:37
في لقاء تلفزيوني عبر قناة 24 الاسرائيلية استشاط أحد المعلقين غضباً، مدعياً أن أرض فلسطين هي أرض أجداده منذ ثلاثة آلاف سنة، وكال كلاما هذراً وصب جام غضبه على الفلسطينيين بأقبح ما يختلج في صدره، و ادعى أن الفلسطينيين ليسوا سوى قطعان بشرية جاءت من مختلف الدول، ومهددا من خلف المذياع لقتل الفلسطينيين والعرب وطرد الذين بقوا على أرضهم أو ما تبقى منها، بما يسمونهم عرب إسرائيل، وهذا الوصف لا ينطبق على فلسطينيي «عرب الداخل»، ولكنه نسي أن أجداده وآباءه قد جاؤوا مطرودين من كافة دول شرق أوروبا وروسيا، بل ومن بريطانيا التي تخلصت منهم وأوهبتهم أرضاً ليست لهم.
فإذا كان العرب في فلسطين قبل أن تُقطعّ البلاد العربية كقطع الحلوى، ليسوا أصحاب الأرض من شمال فلسطين حتى حدود سيناء، فكيف تعرفوا على أحفاد هرتزل و دافيد فولفسون و أوتو واربورج و حاييم وايزمان و جابونتسكي وناحوم سوكولوف و ديفيد بن غوريون وناحوم غولدمان و إيهود أفريل وغيرهم من آباطرة القتل والانتهازية الذين استغلوا خضوع أرض فلسطين تحت الإنتداب البريطاني كي يسلبوا أراضي الفلسطينيين الذين آووهم و أحسنوا لهم، قبل أن تشكل تلك العصابات الإجرامية جيشاً مدججا بالأسلحة الثقيلة تحت بصر قيادة الجيش البريطاني والانقضاض على قرى عربية مسالمة فقضوا على سكان عشرات القرى، إلى أن غادرت بريطانيا أرض فلسطين وتركتها تحت تصرفهم.
وهنا أقتبس من أوراق الجريمة المنظمة التي كانت تديرها عصابات يهودية في الولايات المتحدة، لنفهم كيف استطاع بارونات القمار وشبكات الدعارة السيطرة على القرار الأميركي، ففي نهاية القرن التاسع عشر أدار الراهب (مونك إيستمان) عصابة يهودية قوية تنافست مع العصابات الإيطالية والأيرلندية للسيطرة على العالم السفلي لمدينة نيويورك وعصابة أخرى سيئة السمعة، تعرف باسم (لينوكس أفينيو جانج) بقيادة «هاري هورويتز» وتألفت من أعضاء يهود وبعض الأعضاء الإيطاليين،حيث كانت واحدة من أكثر العصابات عنفًا في أوائل القرن العشرين، كانت شخصيات الجريمة المنظمة اليهودية مثل أرنولد روثشتاين تتحكم في مجموعة واسعة من المؤسسات الإجرامية مثل التهريب والقروض والمقامرة والمراهنات وحوّل الجريمة المنظمة من نشاط بلطجية وسفاحين إلى شركة كبيرة و في الوقت نفسه، فإن مافيا التهريب اليهودية المعروفة باسم (عصابة بيربل) سيطرت على عالم الجريمة.
بعد هذا قامت العصابة اليهودية -الإيطالية المعروفة (بشركة القتل العمد) و رجال العصابات اليهود مثل (ماير لانسكي وميكي كوهين وهارولد روثمان والهولندي شولتز وباغسي سيجل) علاقات وثيقة مع الإيطاليين، شكلت في نهاية المطاف نقابة إجرامية واسعة التنظيم، غالبيتها من اليهود والإيطاليين عرفت في الصحافة باسم (نقابة الجريمة الوطنية) وأصبحت مجموعات الجريمة اليهودية–الإيطالية مترابطة بشكل متزايد في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي وكانت عائلة (كوهين) الإجرامية في لوس أنجلوس ولاس فيغاس جزءًا من المافيا اليهودية والمافيا الإيطالية وغالبًا ما كانت الخطوط الفاصلة بين المنظمتين الإجراميتين العرقيتين غير واضحة طوال القرن العشرين.
هنا لا ننتهي من الغرائب للمجتمع اليهودي الصهيوني، فقد تورط رجال العصابات اليهود الأمريكيون في العديد من الأنشطة الإجرامية المختلفة، بما في ذلك القتل والابتزاز والتهريب والدعارة والمخدرات و سيطر زعيم المافيا اليهودية الأمريكية «كيد كان» على مدينة «مينيابوليس» لأكثر من أربعة عقود ولا يزال أكثر رجال العصابات شهرة في تاريخ مينيسوتا، حيث غذت الجريمة المنظمة اليهودية معاداة السامية ما أقلقت بشدة الجالية اليهودية، وكان لهم الدور الكبير في دعم إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ودعمها بكافة الوسائل من أموال وأسلحة ضمنتها لوبيات يهودية لتبتز غالبية أعضاء الكونغرس عبر التاريخ.
لهذا نرى أن الدماء التي جرت على أرض فلسطين من قبل أن تقوم دولة الكيان هي الدماء التي لا نزال نراها يومياً في قطاع غزة بأكمله وفي الضفة الغربية وتأجيج عصابات عربية تتقاتل مع بعضها البعض دون أي تدخل من حكومة الاحتلال، و أي إنسان صاحب عقل ومروءة يجب عليه أن يرى الدّم مقابل الدمّ، فإن كان الدم الفلسطيني ليس غالياً فهو عند الله أغلى، وإن بقيت هذه الدولة الإجرامية عمياء فإن نهايتها بدأت كما هو مذكور بالتوراة والإنجيل والقرآن، وستعود إلى الشتات مجدداً طال الزمان أو قصُر.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/08/07 الساعة 01:37