الصقر يكتب: قانون يهودية الدولة وتصفية القضية الفلسطينية..

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/13 الساعة 17:27

يستهدف قانون يهودية الدولة الذي أقره الكنيست الاسرائيلي مؤخرا، تصفية القضية الفلسطينية وإسقاط حق العودة نهائيا بالرغم من إعتراف دول العالم أجمع بهذا الحق إضافة الى القرارات العديدة التي أصدرها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تعترف بحق الشعب الفلسطيني في العودة الى دياره التي شردته منها العصابات الصهيونية التي ارتكبت العديد من الجرائم الدامية في عموم القرى والبلدات الفلسطينية.

قانون يهودية الدولة يفرض واقعا جديدا على الأرض يجعل من المستحيل تطبيق حل الدولتين وهو يعني أن إسرائيل تقود حربا دينية في المنطقة بما ينسف كل أمل في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنه يقوض أي حديث عن إمكانية التعايش المشترك.

كما أن القانون يشكل تسويغا للأساطير الصهيونية المضللة وينذر بمرحلة جديدة لمشروع صهيوني أكثر اتساعاً وشمولية وهو مشروع إسرائيل الكبرى (من النيل الى الفرات) ويشكل أيضا تجسيدا لمفهوم الترانسفير الصهيوني للفلسطينيين من وطنهم حينما تحين الظروف الموائمة للتهجير بطرق مختلفة الأشكال والصيغ.

على أنه لا بد من الاشارة الى أن القانون يلقى رفضا شديدا من القوى التقدمية واليسارية في إسرائيل وفي مقدمتها عضو الكنيست عن الحزب الشيوعي دوف حنين، الذي وصف القانون بأنه عنصري ومناهض للديمقراطية، وأنه يضع المنطقة على صفيح ساخن كونه يحدد حق تقرير المصير للشعب اليهودي فقط وأن القدس الكبرى عاصمة دولة الشعب اليهودي. وكما أكد حنين فإن القانون يكرس نهج الأبارتهايد، ويؤسس لأيديولوجيا إسرائيل الكبرى.

ومن تلك القوى التقدمية التي عارضت القانون الاديب الاسرائيلي ب. ميخائيل الذي نشر مقالا في صحيفة هآرتس أكد فيه أن قادة إسرائيل يقودون البلاد الى الانتحار فيما أكد الروائي اليهودي المعروف مايكل شوبون الذي زار الأراضي الفلسطينية مؤخراً، أن الاحتلال الإسرائيلي أكثر فظاعة بكثير من نظام الفصل العنصري.. فلهم منا كل الاحترام والتقدير على هذه المواقف المشرفة ولنداءاتهم المدوية لتعزيز النضال المشترك للإسرائيليين والفلسطينيين لاسقاط هذا القانون..

وأعتقد أن القانون لن يلحق الضرر بالعرب و الشعب الفلسطيني فحسب، بل أن اليهود في إسرائيل سيدفعون الثمن أيضا، حيث لن يكون هناك مستقبل لأي سلام في المنطقة يضمن الأمن والاستقرار بل أنه سيزيد من وتيرة الاحتقان العنف والتوتر.

وإنني ومن هذا المنبر أحيي موقف القائمة العربية المشتركة في الكنيست التي تضم ثلاثة عشر عضوا والتي أجمعت على أن قانون يهودية الدولة قانون استعماري مناهض لكل القيم الديمقراطية التي تزعم إسرائيل أنها تنفرد بها في وسط بيئة عربية تتميز بالشمولية والدكتاتورية والتسلط، وهو نظام فصل عنصري، وبناء عليه فإنه يتوجب على السلطة الفلسطينية أن تعلن إنسحابها من اتفاقيات أوسلو كون قانون يهودية الدولة يمهد لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ويكرس لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التاريخية تجسيدا لوعد بلفور المشؤوم الذي أعلنه في عام 1917..

كما أحيي تلويحهم بالاستقالة الجماعية والدعوة الى المظاهرات والاعتصامات والاضرابات في عموم الأراضي الفلسطينية لرفض القانون وعرض هذه القضية مجددا على المحافل الدولية وخاصة دول الاتحاد الاوروبي لكشف زيف الادعاءات الاسرائيلية الباطلة.

وفي إطار سيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية، ها هي إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب تمارس الضغوط على الاردن، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، لوقف الدعم المقدم لوكالة الغوث الدولية الأونروا بهدف تضييق الخناق على اللاجئين الفلسطينيين الذين تقدم لهم الاونروا الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية، بما يؤدي الى تصفية الوكالة وإلغاء صفة لاجئ عن أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني يقيمون في الاردن، كوسيلة للضغط على هؤلاء اللاجئين للقبول بصفقة القرن المصممة حسب الاملاءات والشروط الاسرائيلية والاميركية.

أنا أعتقد جازما أن ردود الفعل العربية وتحديدا الفلسطينية والاردنية الرسمية والشعبية لم تصل الى مستوى فداحة جريمة قانون يهودية الدولة، فالاردن هو الدولة الاكثر تضررا من هذا القانون سواء من حيث الترانسفير والوطن البديل وإلغاء حق العودة أو من حيث التركيبة السكانية فهو أكبر دولة مانحة ومضيفة للاجئين الفلسطينيين، والخطاب الرسمي الاردني يؤكد دائما على حق هؤلاء اللاجئين في العودة الى ديارهم وهو الحق الذي يؤكد قانون يهودية الدولة على إسقاطه بشكل نهائي.

فهل تتحرك الحكومة والقوى والفعاليات النقابية والحزبية والشعبية لمواجهة قانون هذا القانون الباطل وذلك لتأكيد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي تم تهجيرهم منها تحت وطأة العصابات الصهيونية المدججة بالسلاح والعتاد..

Awadsaud55@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/13 الساعة 17:27