التل يكتب: اصل وصورة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/29 الساعة 23:23
اعمل أكثر من ثمانية عشر ساعة في اليوم الواحد ، تبدأ من قبيل صلاة الفجر. واحرص خلال ساعات عملي، ان تكون اعمالي اصيلة لاصورة، لذلك وبالرغم من انني اتقن استخدام وسائل العمل العصرية، فانني اتجنب استخدام الكثير منها، فجزء كبير من هذه الوسائل تحول اعمالنا بما فيها علاقاتنا الاجتماعية الى مجرد صور لاروح فيها. فانا مثلا ضد استخدام نظام (الزوم) لعقد الإجتماعات، لان هذا النظام لايفقد الإجتماعات خصوصيتها فقط، بل لانه يفقدها ماهو اهم من ذلك، فهو يفقدها مضامين اللقاء الإنساني، وأولها دفء المشاعر الإنسانية، وحرارة النقاس، فالفرق بين اجتماع (الزوم) والاجتماع المباشر كالفرق بين الاصل والصورة، أحدهما بلا روح هو الاجتماع عبر تطبيق (زوم) ، لذلك فانني استمتع بالمشاركة المباشرة في الإجتماعات الجادة، خاصة اجتماعات فرق عمل جماعة عمان لحوارات المستقبل، التي تزيد احيانا عن العشرة اجتماعات في الاسبوع، ولا تقل عن الخمسة اجتماعات في الأسبوع، ناهيك عن الندوات وحلقات النقاش التي تعقدها الجماعة، والتي تشكل اجتماعات فرق عملها مصدرا ثرياللمعرفة، لان اعضاء هذه الفرق يجمعون بين المعرفة النظرية بسبب الدرجات العلمية التي يحملونها، وبين التجارب العملية الميدانية التيتوفرت لهم، ناهيك عن تمثيلهم لمختلف طبقات المجتمع الاردني واتجاهاته الفكرية والسياسية، ومن ثم فان اجتماعات هذه الفرق فوق انها تحسن توظيف مالدى كل عضوا من اعضائها من إمكانيات مهما كانت قليلة، وهذه واحدة من فوائد العمل الجماعي، فان هذه الإجتماعات تشكل ايضا ارضية مناسبة لتبادل المعارف والخبرات للخروج بتصورات اقرب ماتكون الى الدقة لمواجهة مايعاني منه مجتمعنا، تربويا وتعليميا واقتصاديا وصحيا وقانونيا وفي مجال الخدمات، وفي سائر مجالات حياتنا، وهي تصورات تحولت حتى الآن الى ثمانين مبادرة وبرنامج عمل وورقة حال، تغطي مختلف جوانب حياة المجتمع الاردني، امضي وزملائي وزميلاتي من اعضاء الجماعة اوقاتا طويلة في متابعة تنفيذها من قبل الجهات ذات العلاقة، دون ان نمل من تهرب بعض هذه الجهات من لقائنا، لان الكثير منها لايريد ان يعمل، لانه يعلم ان نظم المتابعة ومبدء الحساب والعقاب معطلة في بلدنا، لكننا نؤمن بان بعض هذه الجهات انما تهرب من ضميرها الذي نمثله، ولكننا نؤمن بان الضمير لابد من ان يصحو في نهاية المطاف.بالاضافة الى كل ما تقدم فهناك اللقاءات الخاصة المغلقة التي نعقدها مع الكثير من الجهات أفراد ومؤسسات في مخزلف أنحاء المملكة، لنتبادل معهم الراي المشورة مما يثري عمل جماعة عمان لحوارات المستقبل. ويساعدني على بناء شبكة علاقات واسعة مع مختلف الوان الطيف الاردني ومستوياته. غير عدم ايماني بنظام (الزوم) ومثل قناعتي بالاجتماع المباشر بين الناس، فانا مازلت اؤمن بقراءة الورق، فبالرغم من دخولي الى مواقع الصحف للاطلاع عليها فور صدورها الكترونيا، فانني حريص على قراءة نسخها الورقية بصورة يومية، فاحس بدف التواصل مع الورق والكلمة المكتوبة عليه، واشعر بانها أكثر رسوخا في الذاكرة من الكلمة التي تقرأ من وراء شاشات الجوال وغيره، تماما مثل الفرق ببن روح الأصل وجمود صورته.ومثل حرصي على قراءة الورق صحفا وكتبا، فإنني حريص على الكتابة بالقلم وعلى الورق، وبالرغم من انني امتلك ارشيفا الكترونيا لمقالاتي، فانا اشد حرصا على امتلاك هذا الارشيف ورقيا، وبهذا الارشيف الورقي اتحاشى اخطارا كثيرة، اقلها خطر دخول (هكر) قد يدمر كل شئ في ثوانا معدودة.اضافة الى ان الارشيف الالكتروني هو مجرد صورة بينما الأرشيف الورقي اصل، وشتان بين الصورة والأصل، وشتان بين التفاعل الإنساني والتفاغل عبر شاشات وسائل التواصل الاجتماعي في كل شئ.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/29 الساعة 23:23