رجالات أردنية لا تنحني للصغائر

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/25 الساعة 00:40
كي لا أكون من الغافلين، فإنني أزعم بأني عاصرت ثلة من الرعيل القديم و كثير من المتقدمين ممن حملوا على عاتقهم مسؤولية حماية هذا الوطن وشعبه وعرش مملكته وقيادته الحكيمة في ظل ظروف استثنائية عصيبة، حيث كان الزمان يسرف بمنح قيادات دولٍ جاهرت في العداء لهذا البلد العظيم الذي استوعب جميع مكونات المجتمع،
إذ كانت تلك القيادات العسكرية الخارجية على الأغلب تتحكم بخفافيش إنسيةٍ لهدم بناء هذه الدولة ، ولولا وقفة الزعامات في المجتمع الأردني والقامات عالية الشأن، لما وصلنا إلى ما نحن فيه من استقرار وازدهار سياسي، وقيادة حكيمة تدرك أن هناك دعامات وروافع تستند على إرث تاريخي لا يمكن نسيانها إلا من كان في قلبه حقد، و لولا حماة الوطن من العمالقة في جيشنا الأردني وقيادات مخلصة في الأجهزة الاستخبارية ممن حباهم الله حب تراب هذا الوطن و حرصهم على أمنّه وكرامته، لما كان الأردن لا قدر الله كما رأينا من ثورات حولنا، دمرت بنيانها وهدمت عروشها وتشرد أهلها ، ولكن الله دفع عنا البلاء كي لا نُفتن، بل جعل هذا البلد المضياف وجهة للأشقاء من جميع أنحاء الدول القريبة والأبعد .
نعم لا يزال الكبار بأنفسهم والصالحين المصلحين من ذوي القامات الباسقة من شمال الوطن حتى جنوبه، اللذين شهدوا معارك فلسطين والجولان ودافعوا عنها بما استطاعوا ومن خدموا سنوات طويلة في الخدمة العسكرية والمدنية والقضائية ولم يمدوا أيديهم إلى المحرمات، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يزلّ على قيد الحياة ويستذكرون كل خطوة مشوا فيها للحفاظ على الوطن وقيادته وشعبه عندما اختبأ الإنتهازيون في زمن ماض، وغيرهم ممن أدار ظهره واتبع سبل "البزنس"، ثم نشأ نشأة لا يعرف جغرافية الأردن ولا تاريخ العظماء الذين أسّسوا الدولة ، بل تم استثناءاهم من التاريخ برمته، ليتصدر المشهد من لا يعرف معادن الرجال ولا صفاتهم وليس لديهم أي تصنيف يليق بتلك الشخصيات العريقة .
اليوم لا نخشى على رجال لا زالوا في حضرة الوطن، بل الخشية على مستقبل وطننا وشعبه وكيانه السياسي والاجتماعي والثقافي من زمرة ليس لهم دراية ولم يقرأوا دستور المملكة ولا قوانينها وكأن أعينهم أغمضت عن الحقيقة و إطاعة هواهم ، وهذا ما يذهب بنا إلى مجاهيل القادم … حيث الشرارة لا تدري من أين اشتعلت لا قدر الله ، وليس أصدق مثالاً إلا ما رأينا قبل أسابيع حيث تمكنت أجهزتنا الأمنية والعسكرية من السيطرة على معاقين عقلياً كانوا ينوون لمخطط لو تم تنفيذه لعدنا إلى مربع الإرهاب لا سمح الله، و كل هذا ليس سوى غدر وخيانة.
نحن نعلم جيداً أن هناك قيادات حكيمة في أعلى مناصب القيادة وعلى يقينهم نستقم وننعم بالراحة والأمان والطمأنينة، ولكن في المقابل هناك من البعض لا يعرفون معادن الرجال ولا يقرأون في سيرهم الذاتية وتاريخهم السياسي والأمني، ولو سألتهم في كتب التاريخ لما وجدنا عندهم أي فكرة عن أي شخصية خدمت أبائهم وأبنائهم ولها الفضل الأكبر عليهم عندما اختبأت ساعات الرولكس و سافرت الحوالات المالية خارج البلد و سارعوا إلى المطارات العالمية، وهم منا وليس من الأغراب ، ثم بعد كل هذا لا يقيمون أي قيمة للرعيل الذي حمل على كتفيه مهمة الإخلاص والتفاني معاهدين الله أن يبقى هذا البلد آمنا مطمئنا دون أي مطمع أو مطمح ، وكثيرا أرى منهم من يبتسم وفي حلقه غصة، حينما يستذكر العقود الخوالي ثم يسرد علينا تاريخًا ماجداً لهذا التراب الطاهر .
نحن اليوم على مفترق طرق، فالإقليم محترق و الضغوط تمارس لتركيعنا، بيَد أن القيادة والشعب متكاتفان ، وعلينا أن ندرك مدى خطورة هذه المرحلة، فلا تزال غزة تعاني من إبادة جماعية لا تتوقف والعالم يتفرج وهناك من يريد أن يضع له قدماً لحساب مصالحه و لا تزال بيننا عقليات لا تستوعب الظرف الحرج لدولتنا في ظل عدم يقين لما سيحصل من انتخابات أمريكية وعودة دونالد ترامب ومعسكره و التمترس لرئيس الكيان الصهيوني والمجاعة في قطاع غزة، ثم نرى بعض الطارئين لا يحسبون أي حساب لقامات أوصلتهم لما هم فيه اليوم بزعمهم أنهم أخطأوا تقدير الوضع .. ومع هذا فإن جيشنا الأردني سيبقى صمام الأمن والأمان والاستقرار لهذا البلد العزيز و برعاية الله تعالى، لأن الماء الذي شرب منه أشقاؤنا اللاجئين لا يزال سلسبيلا، يعلمه الله ولا نعلمه، وها هي قواتنا الباسلة ترفع جاهزيتها للحفاظ على أمن الوطن والشعب و قطع الطريق على كل من تسول له يده ، والله المستعان.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/25 الساعة 00:40