'حزب الله.. الاستثمار الإيراني الأهم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/25 الساعة 00:39
معادلات إيران في المنطقة العربية بدأت في الفترة الأولى بعد عودة الخميني إلى ايران نهاية السبعينات، وقتها بدأنا نسمع بشعار تصدير الثورة وهو شعار يظهر بأشكال مختلفة مع كل دولة شمولية حيث كان في زمن الاتحاد السوفيتي على شكل نشر للشيوعية وإنشاء أحزاب شيوعية في أي دولة يمكن العمل فيها ،وكانت بداية ايران في لبنان الذي كان في حينه غارقا في حرب أهلية واقتتال له أطراف فلسطينية ولبنانية وبدعم من دول داخل وخارج الإقليم،لكن لبنان كانت فيه طائفة شيعية ضمن تركيبة المجتمع والنظام السياسي اللبناني القائم على المحاصصة والطائفية، وكانت حركة أمل اللبنانية التي كان لها مقاتلين في الساحة والعنوان الشيعي، لكن ايران لم تكن تريد شيعة فقط بل شيعة مؤمنين بولاية الفقيه اي مرجعيتهم السياسية والطائفية والمالية في طهران حيث الأمام ومرشد الثورة، فكان ظهور حزب الله الذي خاض أول معاركه مع حركة امل الشيعية ليصبح العنوان والممثل للشيعة وصاحب القوة العسكرية ،واكتفت حركة امل بالدور الذي أعطاها اياه حزب الله.
لكن الحرب العراقية الإيرانية اثرت سلبا على مشروع تصدير الثورة او صناعة تنظيمات تقوم على ولاية الفقيه، لكن إيران سخرت الأحزاب العراقية التي كان كثير من اتباعها في ايران ليكونوا مقاتلين ضد بلادهم وهو امر متوقع لان ولاية الفقيه تلغي الوطنية والعروبة والدين لمصلحة التبعية المطلقة لمرشد الثورة والطائفة.
لكن ظروف المنطقة عادت وقدمت على أيدي أميركا وغيرها خدمات جليلة لإيران في العراق وسوريا واليمن، فضلا عن علاقة قوية ومرجعية مع بعض تنظيمات السنة مثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية التي كانت قبل ظهور حماس، ومن زار خيام مبعدي الجهاد الإسلامي في مرج الزهور في لبنان عام ١٩٩٣ كان يرى فيها كما رايت صور قادة إيران معلقة إجلالا واحتراما.
وجاءت "حماس التي" نسجت علاقات مع إيران رغم محاولتها بناء شبكة علاقات أوسع، لكن معادلات الإقليم وظروفا أخرى جعلت "حماس" حليفا استراتيجيا لإيران.
قائمة المرتبطين بإيران استراتيجيا اليوم تضم دولا وتنظيمات، لكن تجربة العدوان على غزة أكدت حقيقة مهمة وهي أن إيران لا تصنف كل التنظيمات التي ترتبط بها بمستوى واحد، فرغم دعمها قبل العدوان على غزة "حماس"، إلا أنها مع بداية العدوان انسحبت إلى الخلف خطوات بل حاولت أن تخلي مسؤليتها عما حدث في السابع من أكتوبر، وكانت بعض اذرع إيران في اليمن ولبنان والعراق تحاول إثبات مساندتها لغزة، أما إيران الدولة فقد اكتفت بالحد الأدنى من الموقف السياسي، وحتى عندما أطلقت صواريخ ومسيرات كانت كل الدول بما فيها إسرائيل تعلم بموعد إطلاقها فإنها كانت رد اعتبار على هجوم إسرائيلي على قنصلية إيران في سوريا وليس انتقاما لأهل غزة .
الأداة الاستراتيجية لإيران في الإقليم هي حزب الله الذي يقوم على عقيدة الإيمان بولاية الفقيه والتبعية الطائفية والعسكرية للحرس الثوري، وهو الذي يقوم بأدوار مهمة في التنسيق مع بقية أتباع إيران في اليمن وسوريا والعراق وفلسطين، وهو الوكيل الإقليمي للحرس الثوري، بل أنه الأداة الأهم في قيام إيران بمنع سقوط النظام السوري إضافة إلى روسيا.
حزب الله العنوان الإقليمي الأكبر في أدوات إيران وهو صاحب دور في تنسيق العمل مع كل التنظيمات المرتبطة بالحرس الثوري، أي المدير الإقليمي الذي تثق القيادة الإيرانية بخبرته وولاءه ولأنه يحكم لبنان عمليا وما لا يريده في لبنان لا يكون بما في ذلك وجود رئيس الدولة أو فعالية الحكومة.
في فترة العدوان على غزة ظهر الدور التنسيقي الإقليمي للحزب وربما توزيع الأدوار على اليمن والعراق وسوريا، ومن فيها من تنظيمات موالية لإيران تماما مثلما كان الدور المركزي وما زال للحزب في سوريا.
حزب الله بقيمته الكبرى لدى إيران والحرس الثوري لن تسمح إيران بالظروف الإقليمية بما فيها العدوان على غزة أن يكون الحزب وقوته وحضوره ثمنا مقابل أي قضية، فكل القضايا أدوات لخدمة المشروع الإيراني الذي لا يمكنه البقاء دون دور حزب الله..
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/25 الساعة 00:39