فلسطينِيّو الفصائل الـ'14' توافقوا... أتُصدّقون..؟؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/24 الساعة 00:22
أخيرا وصل ماراثون «المُصالحة وإنهاء الإنقسام» بين الفصائل الفلسطينية الـ«14» (إقرأ بين فتح وحماس), المتواصل/المارثون فصولاً ومحطات وعواصم واجتماعات منذ 17 عاماً, دون تحقيق أي نتيجة تُذكر, بل أسهم ذلك كله في تعميق الخلافات, وسيادة لغة التخوين واحتكار الوطنية و«الشرعية», وغيرها من المُصطلحات التي يعُجّ بها قاموس الحركتيْن, كلما شعرتْ احداهما أن «الرياح» الدولية والإقليمية, تًهُب لصاح أشرعة سفنها المُبحرة في بحار وأنهار ودبلوماسية هذه العاصمة العربية, الإقليمية أو تلك الدولية.
نقول: وصلَ الماراثون «الفصائلي» الفلسطيني, في محطته «الصينية» يوم أول من أمس, إلى ما يمكن وصفه بـِ«استراحة» مُلتبِسة إن صحّ القول, يصعب القول دونما تشاؤم أنها تؤسس إلى مصالحة حقيقية, أو حتى مُجرد خطوة «نوعية» وجادة على طريق إنهاء الإنقسام, رغم كل البنود والشروحات التي حفِل بها «إعلان بيجين». إن لجهة ما قيل عن «ضمّ» كافة القوى في إطار منظمة التحرير, بهدف الوصول إلى «وحدة وطنية شاملة", أم خصوصاً إلى (تشكيل حكومة توافق وطني «مؤقتة»).
وإذ يقال في هذا الشأن إن «الشيطان يكمن في التفاصيل», وفي قول آخر.. «العِبرة بالتنفيذ», فإن العمومية التي ميّزت صياغة «هذيْن البنديْن", يدفع للإعتقاد ان من صاغهما, أو اقترحهما على النحو الذي جاءتا فيه, إنما قصدَ عدم تفجير الإجتماع وخشية الإعلان عن فشل لقاء بيجين, الذي تم تأجيله أكثر من مرة لأسباب واهية وغير مُقنعة.
دعونا هنا نذهب إلى بعض النقاط «والأفخاخ», التي استبطنتها البنود «الأربعة» التي تم التوافق على أن تكون"المرحعية», عند تنفيذ ما وردَ في «إعلان بيجين». حيث جاء في ديباجته ما يلي: «انطلاقاً من اتفاقية الوفاق الوطني التي وُقعت في القاهرة بتاريخ 4 آيار 2011، وإعلان الجزائر الذي وُقّع في 12 تشرين الأول/2022، قرّرت الفصائل الاستمرار في متابعة تنفيذ اتفاقيات إنهاء الانقسام بمساعدة مصر والجزائر والصين وروسيا».
مُحددة/الفصائل في البيان «أربعة بنود» مُتعلقة بـ«متابعة تنفيذ اتفاقيات إنهاء الانقسام»، أولها: الالتزام بـ «قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة, وخصوصاً القرارات 181، 2334 وضمان حق العودة طبقاً للقرار 194.
أما «الثاني» فَنصّ على «حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإنهائه, وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة, وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها, ونضالها من أجل تحقيق ذلك بكل الأشكال المتاحة».
فيما ركّز البند «الثالث» على «تشكيل حكومة وفاق وطني (مُؤقتة), بتوافق الفصائل الفلسطينية وبـ(بقرار من الرئيس), بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به, ولتُمارس الحكومة المُشكّلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة, بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة». مُضيفاً/ البيان: أن الحكومة المَرجوة «ستبدأ بتوحيد المؤسسات كافة في أراضي الدولة الفلسطينية», والمباشرة في إعادة إعمار القطاع، والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بـ(أسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد).
أما البند الرابع/والأخير فَجاء كما يلي: من أجل تعميق الشراكة «السياسية» في تحمّل المسؤولية الوطنية, ومن أجل تطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، تم تأكيد الاتفاق على تفعيل وانتظام (الإطار القيادي «المؤقت» المُوحِّد للشراكة في صنع القرار السياسي)، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة في 4 آيار 2011، وذلك (إلى أن يتم تنفيذ الخطوات «العملية» لتشكيل المجلس الوطني الجديد, وفقاً لقانون الانتخابات المعتمد).
فـَ"مَن يملك القدرة (دع عنك الرغبة)على تفكيك كل تلك الألغاز والعبارات والمصطلحات الغامضة, المقصودة بذاتها ولذاتها, دون أن يقع في مطب التفسيرات الرغابية وإبداء حسن نيات, لم يستطع مُعدو هذا البيان المُغرق في غموضه تضمينها «نقصد حُسن النيات» في تلك البنود الأربعة المُفخّخة؟. وإلاّ كيف نُفسر العبارات التالية المُسربلة بالغموض هي الأخرى، وغياب التفاصيل عنها؟. إذ أشار البيان إلى اتفاق الفصائل على «آلية جماعية» لتنفيذ بنود الإعلان من كافة جوانبه. ما هي هذه الآلية ومَن هم المُولجون وضعها وتنفيذها»؟.... لا جواب بالطبع.. فهل هذا مُجرد سهو أو صدفة؟.
كذك فقد اعتبرتْ الفصائل أن اجتماع «الأمناء العامّين» نقطة انطلاق, لعمل «الطواقم الوطنية المُشترِكة», وقرّروا وضع «أجندة زمنية» لتطبيق هذا الإعلان.
فما هي هذه الأجندة الزمنية؟. متى تبدأ الطواقم عملها؟ ومِن أين تبدأ؟. وما هي صلاحية هذه الطواقم؟. والفترة الزمنية التي ستُنهي عملها فيها؟. بل والسؤال الأكثر خطورة هو أن هذه الطواقم لم يَرِد أي ذكر لها في جميع لقاءات وحوارات الفصائل, في القاهرة والجزائر وموسكو وبيجين السابقة, ثم ظهرت «فجأة» في «إعلان بيجين» الذي صدرَ للتو, فقط وخصوصاً بعد لقاء"الأمناء العامين» للفصائل, بما هم/ الأمناء العامّون, قاموا بمنح «الضوء الأخضر» وصافرة الإنطلاق لتلك الطاقم.
أما كان لهم ان يتواضعوا ويبادروا للإلتقاء في ما بينهم, قبل وقت طويل من تدهور الحال الفلسطينية المُتسارع؟, كون القضية الفلسطينية, بل والمشروع الوطني الفلسطيني يمر في المرحلة الأخطر منذ مائة عام, وتتهده التصفية وتهجير ما تبقى من شعبه داخل فلسطين التاريخية؟.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/24 الساعة 00:22