عن مسلسل المصالحة الفلسطينية طويل الحلقات.. الذي بات بلا جمهور!
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/17 الساعة 01:49
مرة أخرى ويبدو انها لن تكون الأخيرة, راج في فضاء المشهد الفلسطيني المأزوم والمحتقن والمفتوح على إحتمالات كارثية, تشي بها جملة التحرّكات والمساعي (غير الحميدة) التي تدور خلف الأبواب المغلقة, وفي دهاليز الاجهزة الإستخبارية والغرف السوداء, التي تجد لها قنوات سياسية ودبلوماسية وخصوصا إعلامية داعمة, ناهيك عن السيل الذي لا ينتهي من الأكاذيب وانصاف الحقائق, وتلك الأحبولات وبالونات الإختبار, التي يبرع في بثّها تحالف الشرالصهيواميركي, المدعوم من دول الغرب الإستعماري وبخاصة الإتحاد الأوروبي.
نقول مرة أخرى برز «خبر» في الفضاء الفلسطيني, يتحدث عن قرب عقد جلسة حوار (تأجلت أكثر من مرة مترافقة مع حملات تخوين وغمزات تواطؤ وعمالة لهذه العاصمة او تلك), يهدف ــ كما يرطن المتحاورون ــ الى تحقيق مصالحة, لم تتحقق من أسف طوال 17 عاما خلتْ.
وإذ قيل على لسان مسؤوليْن فلسطينيْين اول امس/الإثنين، أن حركتي «فتح» و«حماس» ستجتمعان في العشرين والحادي والعشرين من تموز الجاري في العاصمة الصينية/ بيجين تلبية لدعوة صينية، في لقاء يَعقبه اجتماع لكل الفصائل الفلسطينية، للبحث في سبُل «إنهاء» الانقسام والوضع الفلسطيني الراهن. فإنه كان لافتاً التصريح الذي ادلى به صبري صيدم أمين سر المجلس الثوري في حركة «فتح»، لإحدى وكالات الأنباء الدولية, ومفاده أن اللقاء سيعقد في الصين في العشرين والحادي والعشرين من الشهر الجاري، وأنه «من المُمكن» أن يُعقد لقاء «ثنائي» بين حركتي «فتح"و"حماس» قبيل انعقاد اجتماع الفصائل.
هنا يتوجب التوقف عند هذا التصريح الذي يستبطن من بين أمور أخرى إحتمال التذرع بأسباب واهية «لـ"تطيير» الإجتماع بين حركتين, يعلم الشعب الفلسطيني قبل غيره, أنهما إحتكرتا المشهد الفلسطيني وتحكّمتا في مساراته المتشعبة, او قل على نحو أكثر وضوحا, أنهما حالتا دون الشعب الفلسطيني, بهذه الدرجة التمثيلية او تلك, وقدرته على إحداث نقلة نوعية في الحال الصعب والخطير, الذي آل اليه المشروع الوطني الفلسطيني, قبل السابع من اكتوبر 2023, والأشهر التسعة التي تلته حتى الان.
هنا ايضا يجب وبالضرورة التوقف عند ما قاله مسؤول حركة فتح/صبري صيدم, بأنه «من الممكن» عقد لقاء «ثنائي» بين الحركتيٍن, خاصة إذا ما علمنا ان الذي سيرأس وفد حركة «حماس» هو رئيس مكتبها السياسي/إسماعيل هنية، فيما يرأس وفد حركة فتح» نائب رئيس الحركة محمود العالول، وفق مصادر"فتح». فلماذا إذاً يذهبان الى الصين ما دامت ثمة إحتمالات بعدم عقد لقاء ثنائي, يعلم الجميع انهما/الحركتان صاحبتا القرار اولاً وأخيرا, وأن الفصائل الأخرى مع الإحترام لها, وإن كان بعضها مُجرد «رقم» توظفه هذه الحركة او تلك للزعم بأنها الأكثر تمثيلا و"تحالفات", فيما لا حضور مؤثراً لمعظمها, لا في القرار ولا في الميدان ولا في اي شيء آخر؟.
وإذا ما أضفنا الى سبق, ما كشفه احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (هل ما تزال مؤثرة في المشهد وفي القرار), لصحيفة «العربي الجديد» اللندنية اول امس/الإثنين, عن استئناف حوار المصالحة الفلسطينية بين الفصائل، مطلع الأسبوع المقبل في الصين، مشيراً إلى أن «حواراً ثنائياً» سيعقد بين حركتي حماس وفتح يوم 20 تموز الجاري، على أن يعقبه في اليوم التالي/21 تموز اجتماع آخر لجميع الفصائل. فإننا نكون أما «بلبلة» وإنعدام يقين, خاصة ان صيدم والمجدلاني يمكن «إحتسابهما» بهذه الكيفية او تلك على سلطة الحكم الذاتي في رام الله/ اي فتح.
ما الذي إستجد حقا حتى إتفقت الحركتان على اللقاء في الصين, بعد ان كان مقررا ان تلتقيا في قبل شهر من الآن؟.
يواصل مجدلاني الحديث لـ"العربي الجديد", مبررا عدم اللقاء في حزيران الماضي على نحو يبعث على الدهشة حتى لا نقول الغضب ودعوته لعدم الإستخفاف بعقول الشعب الفلسطيني, إذ يقول حول ما استجد بعد إلغاء الاجتماعات الشهر الماضي: «أجندة الاجتماع لم تكن جاهزة الشهر الماضي»، (نقطة.. ولا تفصيل او تفسير آخر, إنها الأجندة..لا أكثر ولا أقل!!), ثم يذهب الى التشديد على الدور الكبير والهام الذي تقوم به الصين في تقريب وجهات النظر, وإتاحة الفرصة لـ"جميع الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام الداخلي».
ليس ثمة حاجة للإسترسال والإسهاب في الحديث عن كوارث الإنقسام, والصراع المحموم بين فتح وحماس على التمثيل وإحتكار الحقيقة, فيما يمر المشروع الوطني الفلسطيني, في مرحلة أكثر خطورة من المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ 76 عاما حتى الآن, خاصة ان «تصفيتها» وتهجير الشعب الفلسطيني من وطن آبائه وأجداده, وسلخه عن تاريخه وثقافته وتراثه, بات موضوعا بـ"جدية» وأفعال «ميدانية", على جدول أعمال التحالف الصهيو أميركي, مدعوما في شكل علني, وآخر سرّي, من عواصم دولية وإقليمية, لا تجد حرجا في إعلان إنحيازها لتلك المشروعات الإستعمارية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/17 الساعة 01:49