خاب سعي الإرهاب

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/12 الساعة 00:34

بينما تقوم قوة أمنية تابعة لقوات الدرك بواجبها أثناء اصطفافها في الطوق خارج موقع مهرجان الفحيص، امتدت إليها يد الغدر والخيانة، فقامت بتفجير مركبة الدرك، مما نتج عنه استشهاد الرقيب الدركي علي عدنان قوقزة، وإصابة أربعة من مرتبات الدرك، واثنان من مرتبات الأمن العام. تعازينا الحارة لذوي الشهيد، وتمنياتنا بالشفاء العاجل للجرحى.

ولنا أن نسأل، هذه النفس البريئة التي اعتدي عليها، بأي ذنب قتلت؟ وما الحجة التي تحملها اليد الغادرة في إزهاق روح بلا سبب أو ذنب؟ وكيف يستطيع الغادر أن يتحمّل دموع الأم أو الأخت أو الزوجة أو الأب؟ وما جواب القاتل عن جريمته يوم القيامة؟

إن هذا العمل الإرهابي الجبان، الذي يهدف إلى إثارة الرعب والإخلال بالأمن والأمان، وتهديد أرواح وممتلكات الناس، عمل عبثي، لن ينال من قوة الأردنيين ولا وحدتهم، بل سيكون سببا في تكاتفهم، والتفافهم حول قيادتهم، وقواتهم الأمنية. فقواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزتنا الأمنية، هي درع الوطن وسياجه، وأفرادها هم أبناؤنا وإخواننا وآباؤنا، وأولاد عمنا وعشيرتنا. فليسوا مستوردين من الخارج، إنهم منا ونحن منهم.

عند الحديث عن الإرهاب الأسود، لا نتحدث عن دين أو ملة، أو فكر أو رأي، إنما نتحدث عن مجرمين، وقطاع طرق، نحدث عن حيوانات مفترسة جائعة تشتاق لرائحة الدماء، أشكالها تشبه البشر، وأفعالها لا تمت للإنسانية أو الدين أو الأخلاق بصلة.

العنف والقتل هو خيار الجبناء، هؤلاء الذين لا يملكون الحجة أو البرهان، ولا يستمعون لصوت العقل أو الحكمة، ولا يراعون قرابة أو جوار. أخرَجوا أنفسهم من دائرة العقلاء، وأدخلوها في قفص العنف والجريمة، مما يزيد من قبحهم وسواد وجوههم.

هذه الأعمال الشيطانية، من تفجير أو اعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة، لا تترك بصماتها القذرة على الأشخاص الذين تم الاعتداء عليهم فقط، بل تتجاوز آثارها إلى المجتمع حيث تنشر الخوف بين أفراده بعد أن كانوا ينعمون بالأمن والأمن وراحة البال، في وسط منطقة ملتهبة بالدماء والدمار.

كما أن لهذه الأفعال الإجرامية الجبانة دورا سلبيا على الاقتصاد الوطني، أي على لقمة عيش الناس وخاصة الفقراء، مما يزيد من فقرهم وحاجتهم، ففي الوقت الذي تعلن فيه وزيرة السياحة أنّ هذا القطاع الحيويّ بدأ ينتعش ويتحسن في ظل الظروف الصعبة لمنطقتنا، تأتي هذه الأعمال العبثية كمحاولة لتدمير هذا النموّ والتحسن، ومحاولة تقديم البلاد بصورة بلد هشّ ينعدم فيه الأمان، مما يفاقم من أزمة العاملين في السياحة، ويؤثر على دخل الأفراد، وعلى الدخل الوطني للبلاد.

أرواح تزهق، وأجساد تمزق، حزن وبكاء، وخوف وفقر، هذه هي نتائج الأعمال الإرهابية التي تستهر بحياة الناس وأمنهم، مما يدل على أن أصحابها يخوضون حربا قذرة ضد البلاد والعباد.

لا بدّ أن نقف صفا واحدا متماسكا ضد الإرهاب وزبانيته، مهما كانت دوافعهم أو معتقداتهم، لأنها دوافع لا تصدر عن عقل واع، ولا عن فهم صحيح لدين أو معتقد. وكل واحد منا عليه أن يتحمل هذه المسؤولية، فنحن في سفينة واحدة، إما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا.

إن حق الحياة هو حق مقدس من حقوق الإنسان، جاءت الأديان والمواثيق الدولية لحفظه، فالعبث به يشكل حربا على الإنسانية كلها، مما يجعل مقاومة الإرهاب والتصدي له مسؤولية دولية وإنسانية.

مِنْ اعتمادنا على الله تعالى، ثم مِنْ ثقتنا بأجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة، نقول لكل مجرم: إن محاولتكم إفشال النموذج الأرني في المحافظة على أمن البلاد ووحدتها، ستؤول إلى الفشل والخسران، وخاب سعيكم.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/12 الساعة 00:34