النائب غازي ذنيبات يوجه رسالة الى رباب.. وانا اركي ربابتي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/03 الساعة 09:59
مدار الساعة -كتب النائب غازي ذنيبات - رباب التي عادت ذات يوم من مدرستها باكية، بعد ان سمعت وطالعت ما خطه الحاقدون والحاسدون والذباب الالكتروني المريض عن ابيها من الاتهامات الفاحشة والباطلة، وقالوا فيه ما قالوا، فاجأتني اليوم وهي تسألني اين كنت يا أبي؟
حبيبتي….. اصدقك يا بنيتي انه لم يؤلمني، ولم يكن اشد قسوة علي في حياتي من دموعك الزكية، التي كنت اتجاهلها ، خاصة عندما كنت تعودين من المدرسة، من اتهامات قريب حاقد، او صديق مأزوم موتور ملوث، ما حسبت يوما ان يكون يحمل في قلبه الذي لا يتجاوز حجمه قبضة اليد كل هذا السوء، وهذا الحقد الدفين، يتهمني مرة بخيانة الوطن ،ومرة بخيانة الامانة، وهو ملوث بالفساد والافساد من ساسه وحتى مفرق رأسه، يتغنى بالشرف، والشرف والنزاهة منه براء.
حبيبتي الغالية وقرة عيني رباب لقد كنت اقف في خندق المدافع عنك وعن زميلاتك اللواتي لم يدركن مثل كثير من الاردنيين ان المقاتلين في الخنادق ليس متاحا لهم دائما ان يقولوا اين كانوا، وماذا قدموا، وماذا فعلوا.
حبيتي رباب.
كان يمكن وبسهولة ويسر ان اظل واقفا على الرصيف صامتا، او ان اهتف كما يهتفون، والعن الحكومات، ورؤساء الحكومات، ومجالس النواب، وكل المسؤولين، وان اتهم الكل بالفساد ولا بأس أن اعرج على جراح اهلنا في فلسطين المجاهدة الصابرة، وان ارقص على جراحهم ودمائهم الطاهرة، وفي النهاية كما يقول اخواننا المصريون (اهو كله كلام)، وهكذا تنتهي الحكاية ونكون ابطالا من كرتون مهترئ.
هل ترين كم كان سهلا ومتاحا ان نشتري تصفيق الناس، كذبا بهذا الثمن البسيط، واعتقد يا ابت لو اردت ان العب هذا الدور لكنت قادرا وبامتياز، كما قال لي احد الاصدقاء من رؤساء مجلس النواب.
لكن يا حبيتي الغالية، التي آلمتني ولا زالت دمودعك المنهمرة تؤلمني، آليت على نفسي والله على ما اقول شهيد ومن اول يوم ولجت فيه الى العمل العام قبل نحو اربعين سنة ان اكون صادقا مع الله ومع الناس، متصالحا مع نفسي اولا وآخرا، مهما كان الطريق صعبا شائكا، فزميلاتك ومثلهن كثير من اللواتي يشمنني ويشتمن كل سلطات الدولة اليوم، كان يمكن ان يقذفننا بالحجارة، وما فوقها غدا اذا وجدن ان مصروف الجيب الذين يأخذنه من اهاليهن لا يكفي لايصالهن الى مدارسهن، او ان رواتب ابآئهن لم تعد تكفي لشراء ربطة خبز.
بنيتي رباب.
حتى لا أطيل عليك وعلى غيرك، لا انكر انني اخترت طائعا مقتنعا ان اكون مع الوطن والدولة التي بنت الاردن وحمت الوطن على مدى مئة عام، بعد ان انقذته من براثن الجهل والتخلف الذي رزحنا تحته ومعنا كل الامة ما ينوف على خمسمائة عام من القهر والظلم والتسلط والجبروت العثماني، الذي يتغنى به بعض الجهلة الذين لا يقرأون التاريخ، عهد استقوى فيه البلاطجة، وقطاع الطرق، وغاب القانون وغابت سلطة انفاذ الحق والعدل، وساد الجهل والتخلف، حيث لا مدارس ولا جامعات، ولا مستشفيات، ولا امن، ولا حياة، حتى ان اجدادك قبائل الحجاب الحجازية التي حكمت الكرك ما يزيد على الف عام، قد قضوا في مذبحة يندى لها الجبين ذات يوم عيد، بين قتيل ومشرد على يد احد ولاة الدولة التي يسمونها العلية العادلة... ؟
بنيتي .
كنت اقاتل من اجل دولة ليست ذات موارد كثيرة، الا عرق ابنائها وكفاحهم، ورشاد قيادتها وادارتها للدولة التي لا زالت تحمي رغيف الخبز للفقراء وسط محيط عربي محبط متخم بالخيرات من جانب، ومتخم بالمجاعات من جانب آخر، وفي آن معا، لم يستثني منهم الا بعض دول نفطية ادام الله عليها نعمتها.
كنت اناضل مع الدولة للحفاظ على الحد الادنى لرواتب الموظفين والجنود والمتقاعدين حتى لا يفيقوا من نومهم ذات يوم ليجدوا ان رواتبهم لم تعد تكفي لشراء زوج حذاء كما حدث في ما يزيد على خمس عشرة دولة عربية ماثلة امام اعينكم.
كنت اقاتل مع كل الشرفاء في هذا الوطن من اجل مشردي ومنكوبي الاعراف البالية (ضحايا الجلوات العشائرية ) المساكين الذين شردوا من بيوتهم بلا ذنب ولا جناية ،واخذوا بجريرة غيرهم بعيدا عن سيادة القانون.
كنت اقاتل مع كل شريف من اجل المعوزين والمتعثرين الذين توزعوا بين سجون الدولة، او سجنوا انفسهم في بيوتهم ومخابئهم، ناهيك عن اؤلئك الذي اختاروا المنافي خارج حدود الوطن، ولا ذنب لهم الا تعثر مصالحهم ونضوب مواردهم في كارثة صحية عالمية لم تصنعها ايديهم.
حبيتي :
لقد كنت اقاتل مع كثيرين من اخواني من اجل سيادة القانون مراعيا مصالحكم ومصالح اهلكم، ولكن زميلاتك مثل كثيرين من اهل بلدي كثير منهم لا يعلمون يركضون خلف شعارات فارغة، يقوم عليها فريق من المغرضين الذين لا يريدون الخير لكم ولا لبلدكم، ولا لأهلكم.
حبيبتي رباب.
بالصراحة والصدق الذي لم ولن احيد عنه، ومن خلالك يا بنيتي وانا اغادر الملعب اناشدك ومعك كل شريف في هذا البلد ان يكون الولاء للوطن وقيادة هذا الوطن التي يتسنمها جلالة الملك حفظه الله، وولي عهده الامين، والاسرة الشريفة التي لا يزال كثير من الجوار العربي يتحسرون الما لما حل بهم بعدهم رغم ما تكتنزه اوطانهم من ثروات، وخيرات .
حبيتي الغالية : لقد كنت صادقا مع الله ومع نفسي، ومع وطني ،وابناء وطني، بعيدا عن التهريج والزيف وكانت هناك اخطاء، بلا شك من متلازمات العمل والاداء ، لكن احمد الله انه لم يكن هناك خطايا، ولا ازكي نفسي انني انهيت هذه الدورة البرلمانية وانت تعلمين ان شقيقك خالد متعطل عن العمل مثل ملايين في هذا العالم ممن لا بجدون عملا.
ولو عدت الكرة يا رباب فلن اغير جلدي، وسأظل مؤمنا بقدسية هذا الوطن الذي يضم تحت جناحيه ابناءه وابناء امته الذين لجأوا اليه بعد ان جار عليهم الزمن، وجارت عليهم حكوماتهم، وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت.
وختاما حسبنا الله في كل كذاب مزاود وكل حاقد يسعى الى الخراب، وحفظ الله الوطن المقدس ارضه وماءه وسماءه، وحفظ الله الدولة الاردنية خيمة وارفة تنشر الخير والمحبة، وتحضن تحت جناحيها شيوخا واطفالا ونساء لا قبل لهم بما حل بغيرهم ممن سلكوا طريق خراب البيوت، ورعى الله سيد البلاد وحكيمها وراعيها جلالة الملك، وولي عهده واسرته المباركة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/03 الساعة 09:59