أبو البصل يكتب: من هي اليد العليا في موازين القوى السياسية الأردنية؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/02 الساعة 13:55
يُعَدُّ مشروع الأحزاب من أهم المشاريع الوطنية في الأردن، ويؤسِّس لمرحلة جديدة تقود الوطن نحو العمل الجماعي والمنظَّم، مما سينعكس إيجابياً على الإنجاز والتطوير في كافة مجالات الحياة.
لكن الشباب، خصوصاً "من وجهة نظري"، سيصطدمون بعقبة كبيرة تتمثَّل في الإحساس بالغبن والاستغلال من قبل بعض الأحزاب الناشئة التي تستغل حماسهم وتوظفه لمصالحها الخاصة، لا سيما تلك الأحزاب المبنية على الأشخاص.
بعض هذه الأحزاب قائمٌ على شخص لم ينجح في الانتخابات السابقة وفقد قواعده الشعبية نظرا لكشف الوعود والأكاذيب التي مارسها في استغلال حماس الشباب وضعفهم ووعود متعلقة بالوظائف والتنفيعات، فقرر العودة من خلال بوابة الأحزاب.
وبعضها يستغل حماس الشباب المحبط بوعود متعلقة بالمستقبل وأنه سيكون جزءاً منه، وإقناعهم بأنه مدعوم وأنه المستقبل القادم لا محالة.
كما أن هنالك أحزابا أخرى قررت الدخول إلى هذا المضمار متسلحة بالمال "مهما كان لونه".
إلا أن الجانب المشرق يتمثل بوجود أحزاب تبدو لغاية اللحظة وطنية بامتياز وتطرح أفكارا منطقية مقاربة للواقع.
وللحفاظ على هذا المشروع يجب الانتباه إلى الشباب وحمايتهم من الوقوع في فخ الاستغلال كي لا يكبلهم الإحباط ويدخل إلى قلوبهم سريعا فينقلبون على الفكرة بشكل عام ويكفروا بها.
فمن خلال التأمل العميق في سلوك المجتمع الأردني وتفكيره الجمعي، نجد أن الأردنيين بطبيعتهم يتبعون عواطفهم فيندفعون خلفها جميعا، ويحبطون جميعا، وكل ذلك بوتيرة متناهية السرعة.
ولإحداث هذه المنعة وتفادي الاصطدام بهذا الحائط، لا بد من وضع خارطة للشباب تتجلى في ثلاث قواعد:
القاعدة الأولى: شارك وأشتبك.. فالمرحلة مفصلية وسترسم ملامح المستقبل.
ينبغي على الشباب المشاركة في هذه التجربة، وعدم الحكم عليها بالفشل قبل خوضها، وإلا فلن يتمكنوا من حصد ثمارها، أو أن يكون لهم الحق في انتقادها في حال فشلها.
القاعدة الثانية: كل وعود كبيرة هي كاذبة!
فالتجربة الأردنية مع الأحزاب رغم تواضعها إلا أنها لا تزال تنتظر تحقيق وعود وبرامج إصلاحية تتكرر في كل إنتخابات نيابية أو بلدية من مرشحي بعض الأحزاب القديمة أو المرشحين المستقلين.
ورغم عدم تحقيق أي جزء من هذه الوعود وإنعدام فعالية هذه الأحزاب على أرض الواقع، إلا أنها تعود لتكرار وعودها وبرامجها في كل عام وفي مواسم معينة للحفاظ على حصتها من الكعكة السياسية.
وبكل أسف تتبع بعض الأحزاب الناشئة النهج ذاته، ولكن من زاوية أخرى وبوعود مبهرة وبرامج أقرب إلى الخيال من الواقع.
القاعدة الثالثة والأهم: لا تصمتوا.. فأنتم اليد العليا وأصحاب الموقف الأقوى.
من خلال الحديث مع بعض التجارب التي أصيبت بالإحباط مبكرا، وروت تجاربها المؤلمة مع بعض هذه الأحزاب بكل حرقة، تبين أنها تخشى من فرق ولجان قانونية يتحصن بها الحزب، وتشكلت لديهم قناعة مفادها أن أي حديث عن تجربة سيئة سيقودهم إلى السجن.
إلا أن الواقع اليوم يؤشر على أن الشباب هم أصحاب اليد العليا، فالحديث عن أي تجربة سيئة أو تعامل غير لائق من قبل الأمين العام أو الهيئة الإدارية في الحزب ومن كانوا يصفونهم دائما بأنهم "أصحاب نفوذ"، سيتسبب في فقدان هذا الحزب أو الشخص لجزء كبير من فرصه بالاستمرار وتواجده على الخارطة السياسية الجديدة، على عكس الاعتقاد السائد أن الحديث سيتسبب بضياع مستقبلهم أو تشويه حاضرهم!.
ففكرة الأحزاب بالأساس تقوم على مشاركة الجميع في القرار السياسي ومراقبة الحزب في تنفيذ البرامج والعمل بشكل جماعي، ما يجعل قمع الأصوات داخله أو عدم احترامه لمنتسبيه سيجعله حزبا سيء السمعة وغير قادر على كسب المزيد من المؤيدين، ما يعني بالضرورة عدم قدرته على زيادة حصته من الكعكة السياسية.
فلو خرج الجميع عن صمتهم عوضا عن التخلي عن الفكرة، سيشكلون درعا اجتماعيا يخيف "المتنفذين في الأحزاب" من احتقار أو تهميش أي عضو بغض النظر عن مدى فاعليته أو ثقله الاجتماعي، ويجبرهم على احترام عقولهم والعمل على برامج واقعية يستطيع تنفيذها، وذلك لتجنب انتحاره السياسي والتخلي عنه بشكل جماعي.
وأخيرا أدعو الجميع إلى استغلال هذه الفرصة والتكاتف لإنجاح المشروع قبل أن يفشل و"يقع الفأس بالرأس".
مدار الساعة ـ نشر في 2024/07/02 الساعة 13:55