قلطتان مهمّتان
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/11 الساعة 02:42
القلطة في القضاء العشائري الأردني . هي اصدار سابقة قانونية جديدة لم ترد في أحكام القضاة الآخرين . يقدم لها القاضي بقوله ... أنا قالط عليها وحظي يدخل على الله . وغالباً ما تتميز القلطة الجديدة بمعالجة حدث مهم في حياة الأردنيين الذين كانوا يحتكمون إلى قضاتهم العشائريين . حتى الغاء قانون القوانين العشائرية وقانون الاشراف على البدو عام 1976... معنى القلطة التقدم .. اقلط عالفراش ارتاح ... اقلط على الميسور من الطعام ... القلطة الأولى جاءت من اللوزيين في حادثة الاعتداء على رقيب السير الذي اعترض تجمع فاردة عطلت حركة المرور . أعلن اللوزيون أنهم لن يوفروا غطاء اجتماعيّاً أو عشائرياً للمعتدين على رجل الأمن ( جاهات .. واسطات .. عباءات في صيوان الصلح .. فنجان قهوة مع تبويس لحى ) وشدّدوا على سيادة القانون والتصرف تحت مظلته وليس تحت أي مظلة أخرى . كما سهّلوا على الأمن العام ضبط المشتبه بهم لمواجهة القضاء .. جاءت مبادرة اللوزيين بعد عشرات الحوادث المخالفة للأنظمة والقوانين ... يمزط الفاعل بإجرآت عشائرية انتهت بالصلح دون عقاب الجاني . مما دفع غيره للتجرؤ على الناس والقوانين وهو يعرف أن رأسمال القضيّة فنجان قهوة .. وضع اللوزيون سابقة لمعالجة كسر القانون في الألفيّة الثالثة .
وقد أخذ البعض من العادات العشائرية مطيّة للإفلات من العقوبة . طالما يأخذ القضاء المدني بتخفيف العقوبة في حال اسقاط الحق الشخصي من قبل المجني عليه أو ذويه ... القلطة الثانية جاءت من الحاج محمد دخل الله النوايسه جار شهداء مؤتة في المزار الجنوبي الذي فجع بقتل ولده صقر . قلط الرجل لأول مرّه في تاريخ الأردن ( من المملكة الأولى إلى المملكة الرابعة ) على سابقة عشائرية لعادة أرهقت كثيراً من الأردنيين بالجلوة العشائرية .. افرغت منازل كثيرة من سكانها فجأة ... تغيير مدارس الطلاب .... ابتعاد الموظفين من الجنسين عن أماكن عملهم التي كانوا يصلونها بسهولة قبل الجلوة ... وأحياناً حالات طلاق وخراب بيوت إذا كان الجاني من نفس عائلة المجني عليه . سامح محمد دخل الله النوايسه بالجلوة مكتفياً بمحاكمة قاتل ابنه في دار القضاء ... لم تهتم وسائل الاعلام بقلطة أبو النّواس وقلطة اللوزيين اهتمامها بأحداث جانبيّة هنا وهناك .. مع أن المبادرة التي أقدم عليها جار مؤتة سابقة تؤسس لإنهاء معاناة عشرات العائلات الجالية عن قراها ومنازلها .. قضية أقلقت الحكومة والحكام الاداريين منذ عقود طويلة . فعادة الثأر في قضايا القتل لم تزل معششة في رؤوس كثير ذوي الضحايا رغم الحكم على الجاني بالعقوبة القصوى ... مبادرة اللوزيين والنوايسه يجب أن لا تمر كخبر يختفي صداه بعد أيام خلف الجديد من الأخبار . لا بد من البناء عليها من قبل الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لإحداث نقلة نوعية في سيادة القانون .. دون تدخل العشائرية أو اللجوء اليها لتعذيب الأبرياء ... ونحن نأخذ بالحسبان فجيعة الحاج محمد النوايسه وعائلته بفقدان ابنه صقر . فإننا نقدر له شرف القلطة التي لم يسبقه اليها أحد في التاريخ الأردني .
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/11 الساعة 02:42