البكاء المر
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/27 الساعة 08:44
شاهدت مقطعا أمس لكلب ينهش لحم سيدة مسنة من غزة... أطلقوه وهم يعرفون أنها وحيدة في منزلها من دون ماء ولا كهرباء ولا طعام، من دون شيء سوى الهوية والصبروفلسطين...
كم تمنيت يا سيدتي في تلك اللحظة لو أني كنت الحاجز بين فك الكلب وجسدك الطاهر...ولينهش لحمي وعظمي، كنت سأموت لأجل الدفاع عن مسنة فلسطينية..كنت سأموت على التراب الطاهر، كنت سأدفن في المقابر التي كان ترابها أعلى من غيمات السماء فهو لم يحمل في أحضانه غير الشهداء...ماذا سأكتب لك يا سيدتي، وماذا سأخبر الناس عنك؟..هل أقول أنك السيدة الوحيدة التي لو بصقت علي لمنحتني وسام الشرف، هل أقول للناس أني أنا العربي المكبل بدمعي فقط، وأنا العربي المذبوح قهرا..وأنا العربي الذي رحلت عنه العروبة وتركته على حد اللغة وحد الدمع وحد الهزيمة يمشي...ماذ سأقول للقصائد التي كتبناها من ألف عام..ونثرنا بين أبياتها سيوفنا ورماحنا ودمنا..هل أقول أن كل هذا الشعر كان مجرد كذبة....هل أقول عن الروايات التي أنتجناها والتي غصت بالشوارب والزنود والإنتصارات أنها كانت مجرد هراء...هل اقول أن نزار قاتل بب?قيس فقط؟..وأن عنترة كان مجرد كذبة عابرة، وأن قيس بن الملوح اخترعناه في كتب الأدب..وأن الزمن العباسي كان لحظة انتظار لموعد نضوج التمر على النخل...أبكاني المشهد أمس، خرجت من منزلي مثل ذئب صريع يبحث عن موته في الخلاء بين حبات المطر، وكان نزفه يترك أثرا على خطاه...أبكاني المشهد وتلك المرة الأولى التي تبكي فيها معي الرئة، كنت أظن أن قلبي فقط هو من يبكي لكن شهيقي كان الحزن والزفير من فمي كان الدمع...عاتبت الكرك أمس، وسأعاتب كل يوم الكرك..سأشكوها لله، فقد ولدت على ترابها أردنيا قد يموت كل شيء فيه إلا العروبة وفلسطين..سأعاتب الكرك وأشكوها لكل محاكم التاريخ...سأقول عنها أنها احتضنت جعفر وزيد عبدالله على ترابها وقالت للذين ولدوا في بطنها كونوا مثلهم..وتعلموا منهم كيف تولد المباديء على حد السيوف...سأشكوها لله أيضا، فقد أخبرتنا أن الزعامات فيها إما ولدت في السجون أو قتلت في الحرب أو طوردت...وعليكم أن تسيروا على خطاهم...سأقول للكتب ولقاعات المدارس ولأطفال الحي أن الكرك هي عشقي وبلواي..علمتني في الطفولة...أن ?لسطين مثل السكر كلما زاد في الفم قتل مرارات الهزيمة..علمتني أن دجلة لايختلف عن عين سارة، وأن صلاح الدين ابن عشيرة منها وأن ميشع كان ملكا لأنه استنشق من هوائها...سأقول لكل الناس أنها علمتنا أيضا أن نزرع بساتين منازلنا بالقومية، وأن يزهر العراق على أشجار المنازل مثل زهر اللوز وأن تكون لبنان التفاح..وسوريا النخل الذي يصعد للأعلى، وعلمتنا أن نروي القومية من دمنا، سأخبر التاريخ أن كنائسها لا تدق فيها الأجراس بل تغني، هل شاهدتم جرس كنيسة يغني في مدينة غير الكرك..كان بإمكاني أن أولد من دون قضية، كان بإمكاني أن كون خائنا أو جاسوسا..كان بإمكاني أن أرتمي على أبواب السفارات وأتسول التمويل وأعتبر الحرية مجرد رجعية وأنظر للغرب على أنه مفتاح النجاة، لكنها الكرك ولدتني هكذا، وفلسطين كل حزن الدنيا ودمعها زرعته في جسدي...وها أنا الموزع بين وجع ووجع وبين سكين في الخاصرة وأخرى في القلب..مشهد أمس لم يكن مشهدا، بل كان انتحارا للعروبة والمباديء..كان انتحارا للضمير والإحساس والمشاعر
كم تمنيت يا سيدتي في تلك اللحظة لو أني كنت الحاجز بين فك الكلب وجسدك الطاهر...ولينهش لحمي وعظمي، كنت سأموت لأجل الدفاع عن مسنة فلسطينية..كنت سأموت على التراب الطاهر، كنت سأدفن في المقابر التي كان ترابها أعلى من غيمات السماء فهو لم يحمل في أحضانه غير الشهداء...ماذا سأكتب لك يا سيدتي، وماذا سأخبر الناس عنك؟..هل أقول أنك السيدة الوحيدة التي لو بصقت علي لمنحتني وسام الشرف، هل أقول للناس أني أنا العربي المكبل بدمعي فقط، وأنا العربي المذبوح قهرا..وأنا العربي الذي رحلت عنه العروبة وتركته على حد اللغة وحد الدمع وحد الهزيمة يمشي...ماذ سأقول للقصائد التي كتبناها من ألف عام..ونثرنا بين أبياتها سيوفنا ورماحنا ودمنا..هل أقول أن كل هذا الشعر كان مجرد كذبة....هل أقول عن الروايات التي أنتجناها والتي غصت بالشوارب والزنود والإنتصارات أنها كانت مجرد هراء...هل اقول أن نزار قاتل بب?قيس فقط؟..وأن عنترة كان مجرد كذبة عابرة، وأن قيس بن الملوح اخترعناه في كتب الأدب..وأن الزمن العباسي كان لحظة انتظار لموعد نضوج التمر على النخل...أبكاني المشهد أمس، خرجت من منزلي مثل ذئب صريع يبحث عن موته في الخلاء بين حبات المطر، وكان نزفه يترك أثرا على خطاه...أبكاني المشهد وتلك المرة الأولى التي تبكي فيها معي الرئة، كنت أظن أن قلبي فقط هو من يبكي لكن شهيقي كان الحزن والزفير من فمي كان الدمع...عاتبت الكرك أمس، وسأعاتب كل يوم الكرك..سأشكوها لله، فقد ولدت على ترابها أردنيا قد يموت كل شيء فيه إلا العروبة وفلسطين..سأعاتب الكرك وأشكوها لكل محاكم التاريخ...سأقول عنها أنها احتضنت جعفر وزيد عبدالله على ترابها وقالت للذين ولدوا في بطنها كونوا مثلهم..وتعلموا منهم كيف تولد المباديء على حد السيوف...سأشكوها لله أيضا، فقد أخبرتنا أن الزعامات فيها إما ولدت في السجون أو قتلت في الحرب أو طوردت...وعليكم أن تسيروا على خطاهم...سأقول للكتب ولقاعات المدارس ولأطفال الحي أن الكرك هي عشقي وبلواي..علمتني في الطفولة...أن ?لسطين مثل السكر كلما زاد في الفم قتل مرارات الهزيمة..علمتني أن دجلة لايختلف عن عين سارة، وأن صلاح الدين ابن عشيرة منها وأن ميشع كان ملكا لأنه استنشق من هوائها...سأقول لكل الناس أنها علمتنا أيضا أن نزرع بساتين منازلنا بالقومية، وأن يزهر العراق على أشجار المنازل مثل زهر اللوز وأن تكون لبنان التفاح..وسوريا النخل الذي يصعد للأعلى، وعلمتنا أن نروي القومية من دمنا، سأخبر التاريخ أن كنائسها لا تدق فيها الأجراس بل تغني، هل شاهدتم جرس كنيسة يغني في مدينة غير الكرك..كان بإمكاني أن أولد من دون قضية، كان بإمكاني أن كون خائنا أو جاسوسا..كان بإمكاني أن أرتمي على أبواب السفارات وأتسول التمويل وأعتبر الحرية مجرد رجعية وأنظر للغرب على أنه مفتاح النجاة، لكنها الكرك ولدتني هكذا، وفلسطين كل حزن الدنيا ودمعها زرعته في جسدي...وها أنا الموزع بين وجع ووجع وبين سكين في الخاصرة وأخرى في القلب..مشهد أمس لم يكن مشهدا، بل كان انتحارا للعروبة والمباديء..كان انتحارا للضمير والإحساس والمشاعر
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/27 الساعة 08:44