القضاه : قرار إحالة من بلغت خدمته ٢٥ عاماً؛ خنجر مسموم في خاصرة الضمان الاجتماعي

الدكتور محمد أمين القضاه
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/10 الساعة 21:30
مدار الساعة - كتب : الدكتور محمد أمين القضاهشاعت قبل أيام عديدة شائعة نتنة مفادها أن من ضمن إصلاحات القطاع العام المنوي تطبيقها إحالة كل موظف بلغت خدمته الـ٢٥ عاماً على التقاعد المُبكر شريطة أن تكون خدمةً مشمولة لأحكام الضمان الاجتماعي، وأن هذا الأمر " بحسب الشائعات " سيكون بالاتفاق مع المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي نفسها وضمن شروطٍ وتفاهمات معينة. أنّ مُجّرد الحديث عن هذا الأمر - وليس تطبيقه- لأمرٌ جِدُّ خطير لا بل في غاية الخطورة؛ كيف لا وهو الضرر بعينهِ لكافة من سيطالهم هذا القرار المسموم إن صدر، وهو كذلك سيكون بمثابة خنجرٍ مسموم في خاصرة أهم مؤسسة من مؤسسات الوطن التي تحتضن بين جنباتها ملايين المشتركين والمتقاعدين، وكيف لا يكون ذلك كذلك وجميع الدراسات الاكتوارية حذرت وتحذر من الضرر البالغ الذي سيطال أموال الضمان الاجتماعي التي هي أصلاً ليست مِلكاً للحكومة ولا لأصحاب المعالي وإنما لكل أبناء الشعب.مثل هذا القرار يتناقضُ تناقضاً واضحاً مع نظام الخدمة المدنية وقانون الضمان الاجتماعي فالنظام هو الذي أجازَ انهاء خدمة الموظف الذي أتم المدة المطلوبة للتقاعد المبكر دون اجباره على التقدم للمؤسسة للحصول على الراتب التقاعدي، كما أن القانون أجاز للمنتهية خدمتهم من دوائرهم التقدم رسمياً وشخصياً للحصول على الراتب التقاعدي؛ وهذا مثلب قانوني يعيب القرار شكلاً ومضموناً، وهذا الأمر يثبت أن من فكّر فيه لا يحيط احاطةً تامة بالأنظمة والقوانين المعمول بهما. لا أدري من هو بطل هذه الملحمة في هذه الفكرة، ولكنني على ثقة تامة بأن من فكّر مجرد تفكير بهذا الأمر لا تهمه مصلحة المواطن ولا الوطن، فالجميع هنا خاسرون، وكان الأولى بصناع القرار إجراء دراسات مُستفيضة لتشجيع الشباب على إقامة مشاريع منتجة صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، تُشغٓل المتعطلين عن العمل، وللعلم فقط فقد زاد عدد المتقدمين لهيئة الخدمة والإدارة العامة من المتفائلين في إشغال الوظائف المُرتجاه بحدود ٥٥٠ الف متقدّم، وهذا العدد تعجز عن تشغيله دولاً عظمى، في حين أن المشاريع الحكومية الداعمة للشباب يمكنها تشغيل معظمهم.وكان من الممكن أيضاً تخيير الشباب في موضوع التقاعد المبكر وتحفيزهم عليه ضمن آلية عقلانية قابلة للتنفيذ وهي تعيين بديل عنهم من أقاربهم من الدرجة الأولى كالأبناء والبنات مثلاً مما يساعدهم في المضي في حياتهم دون التأثر من الضرر الذي سيحدث نتيجة هذه الإحالة على التقاعد المُبكر. كان الأولى أيضاً بمن سطَّر وفكّر بالضرر هذا التفكير بكيفية الحد من التجاوزات الخطيرة في التعيينات وبالتحديد عند صُنّاع القرار وبرواتب فلكية تتجاوز كل الأنظمة والتعليمات لا بل وتتجاوز رواتب الوزراء والأمناء العامين، والتي تمت وتتم على مرأى الجميع.إن التسلُّط على أموال الضمان الاجتماعي بين الحين والآخر وتحميله أكثر مما يتحمل أو يستوعب لأمرٍ خطير يجب التصدي لهُ من جميع من يهمهم الأمر، فالضمان وأمواله هما الركيزة الوحيدة لأبناء هذا الوطن الذي نعشق حتى الثمالة، ولعل الجميع مُطالبين في الاستمرار بإيجاد مثالب ممن لهم مخالب تؤدي إلى المساس بمقدرات الوطن فهو تفكيرٌّ معيب ويشوبه شائبةً الله وحده يعلم الهدف منها.وأخيراً، فإنه وقبل التفكير بالضرر الذي تسببه قراراتكم المستعجلة فأتوجه بهذا السؤال لمن هم أصحاب هذا المقترح الكارثي: هل فكرتم يا أصحاب هذا المُقترح بعواقِب مثل هذا الأمر؟ وهل قُمتم بدراسة مستفيضة حول هذا الأمر؟؟ لا أعتقد ذلك فمعظم القرارات الضارة تتم على عَجل لا بل وتُسْلَقُ سلقاً في قاعات مغلقة لم تكن يوماً للتحديث ولا للتطوير علاقةً بها، ولا نقول كما اعتدنا دوماً : حمى الله الوطن من كل من يخطط بالضرر لأبنائه وحُماته وأموال ضمانه. *مدير مديرية الموارد البشرية الأسبق في وزارة التخطيط والتعاون الدولي Mqudah@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/10 الساعة 21:30