التل يكتب: قراءات في حوار سمو ولي العهد مع قناة العربية (٣)

بلال حسن التل
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/05 الساعة 22:20
3اشار صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في حواره مع قناة العربية الى جملة من القضايا، بعضها له علاقة بالواقع الذي نعيشه، وبعضها الاخر له علاقة بالمستقبل الذي نتطلع اليه، منها اهمية الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الذات، ومنها قضايا البطالة والتعليم المهني ومنها مفهوم المولاة و المعارضة. وهذه القضايا المحورية التي اشار إليها سموه كلها لها علاقة بالثقافة المجتمعية السائدة، وهي ثقافة غير متجذرة، لكنها ثمرة مرة من ثمار سنوات الطفرة النفطية التي اصابتنا لعنتها في ثمانينات القرن الماضي، فبعد ان كان العمل اليدوي والمهني جزء من ثقافتنا السائدة في المجتمع الاردني، فكان عامل النظافة والمكيانيكي وعامل البناء من الاردنيين ، وبعد ان كان الاباء يحرصون على ارسال ابنائهم في العطلة الصيفية الى (الورش) ليتعلموا (صنعة)، وحتى لايضيع وقتهم بالفراغ المفسد، صار هم الجميع بعد ثمانينات القرن الماضي الحصول على شهادة جامعية، ليس حبا بالعلم، ولكن سعيا للحصول على وظيفة مكتبية مريحة في الجهاز الحكومي، وانتشر العزوف من التعليم المهني بين شباب الاردن، وكان نتيجة ذلك كله تضخم الإدارة العامة، فصارت قناعا للبطالة التي استشرت فترهلت الادارة العامة الاردنية، بعد ان كانت نموذجا يقتدى به. لقد كانت نتيجة ذلك كله ان حلت العمالة الوافدة محل محل الايدي العاملة الاردنية، بما في ذلك قطاع الزراعة فلم نعد نأكل مما نزرع، ولم نعد قادرينا على تحقيق اكتفائنا الذاتي في غذائنا، خاصة بعد أن سيطرت ثقافة الاستهلاك على مجتمعنا،لم تسلم ثقافتنا السياسية في الاردن من الثمار المرة للطفرة النفطية، فصارت المولاة عند الكثيرين تعني الاغراق في النفاق، ووصل الأمر الى حد تزين الخطأ واعتباره حكمة، وصار من يعارض الخطأ يبدي رايا ناصحا لكنه مخالف للتيار خائنا او حاملا( السلم با العرض)، او يريد ان (يقيم الدين في مالطا). خلاثة القول هي انه اذا اردنا تخليص وطننا من العيوب التي اشار إليها صاحب السمو الملكي ولي العهد، وان نكونا عونا لسموه في بناء المستقبل لوطننا، فان علينا العمل على تصحيح الكثير من مفاهيمنا الثقافية. وهذا يستدعي إعادة النظر في الخطاب الثقافي للدولة الاردنية، واصلاح ادوات حمل هذا الخطاب، وأولها وسائل الاتصال، وقنوات الثقافة كالمسرح والأغنية وكل ما من شأنه بناء ثقافة العمل والإنتاج ِ.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/05 الساعة 22:20