عن المشاريع العقارية

عصام قضماني
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/04 الساعة 00:43

مضى وقت لم نر فيه تطايرا للغبار من مشاريع كبرى باستثناء باصات سريع التردد التي اخذت وقتا اكثر من اللازم.

تترحم حالة الاقتصاد نفسها بالمشاريع فان هي تحركت فهو بخير اما العكس فمعناه ان الاوضاع غير سارة او ان هناك مشكلة ما.
زخم المشاريع الكبرى اختفى وما تبقى هو اعمال صيانة هنا وهناك واستكمال لمشاريع صغيرة او متوسطة تسير ببطء شديد.
المشكلة تتركز في التمويل وكثير من المستثمرين ممن يأتون الاردن لا يملكونه ويتكلون على البنوك الاردنية التي خاضت تحارب أليمة في وقت سابق جعلها تتحوط في افضل اجراء اتخذته.
المشاريع المتعثرة نوعان، الاولى من فشل اصحابها في استكمالها لاسباب تخصهم، اما الثانية فهي التي تم عرقلتها بفعل فاعل او بمعنى آخر تطفيش اصحابها.
كان يفترض بقانون الاستثمار أن يتصدى لهذين النوعين.
«التطفيش» غالبا وراؤه فساد أو بيروقراطية وكلاهما طاردان للاستثمار، لكن المشكلة هي في وسائل كشف أسباب العرقلة ومواجهتها بجدية تصل إلى عقوبات وتمكين القانون من وضع حد لها والتعامل معها بشفافية.
سمعنا في وقت ما عن ٢٠ فرصة استثمارية في منطقة البحر الميت أنجز منها واحد او اثنان أما الباقي فقد تركها أصحابها إما لأسبابهم وإما لتداخل مصالح وتضارب في القوانين او اختلالات في الاجراءات.
نقترح توجيه إنذارات بحق مستثمرين أو مقاولين إذا كانوا سببا في تعثر إنجاز المشاريع، بما في ذلك إعادة تقييم الأرض المباعة أو المؤجرة, وسحبها لو اقتضى الأمر.
في الذاكرة ما يجعل من المشاريع العقارية الكبرى في محل شكوك وهو ما يجعل المسؤول مترددا وما يجعل الراي العام ينظر بشكوك حول الجدية وهو ما يثير الجدل حول اي فكرة او خطوة او مشروع لمجرد الاعلام عنه.
مثلا بالقرب من منطقة مرج الحمام هناك أرض واسعة تحدها أسوار من جهاتها الأربع, عرفت بالقرية الملكية, وأظنها قد أصبحت أثرا بعد عين, ولم ينجز منه الا مكاتب وقاعات قد تصلح للاحتفالات وللأعراس.
في عمان ثمة مشاريع عقارية معلنة منذ وقت لم ينفذ منها شيء باستثناء مكاتب التسويق والبيع، وهذا ليس سرا إذ بامكان المارة مشاهدة ذلك بأم العين, وكنا في السابق طلبنا تعيين مدة زمنية تربط حصول المستثمرين على أراض بامتيازات خاصة بغرض تطويرها بسقف لتنفيذ المشروع, على أن يجد نفسه في نهاية المدة بين خيارين إما تحديد موعد نهائي للتنفيذ أو التخلي عن الأرض لآخرين يتمتعون بجدية التنفيذ.
حتى وقت قريب ساندت الطفرة في العقار ووفرة السيولة في الأسواق, البيع في «الهواء» وبالفعل سوقت عشرات المشاريع حتى قبل أن تنجز، لكن الحال اليوم مختلف, وأخشى أن يزداد الوضع تعقيدا, بينما تبقى مشاريع كثيرة معلقة برسم التنفيذ يتم «تفريز» الأرض دون فائدة خصوصا الأراضي التي حصلت عليها شركات عقارية كبرى تحت عناوين تشجيع الاستثمار والتطوير العقاري، وبينما تميل السوق إلى التهدئة ماذا ستفعل شركات العقار والتطوير العقاري بالخرائط والنماذج المعروضة للبيع في غياب مشترين وضعف المقدرة على التنفيذ.
حتى الآن تعثر التسهيلات لا يزال في نطاق سيطرة البنوك, فلم يشكل ذلك ظاهرة تستدعي اعلان النفير العام, فالتعثر ما يزال في حدود النسب الطبيعية التي يمكن معالجتها في حدود المخاطر المأخوذة, وان كانت ثمة شركات عقارية تعثرت, فعلاج ذلك يتم حتى الآن بأسلوب لا يثير المخاوف, لكن دوام هذه الحال, يواجه توقعات متباينة.
نقف مع المستثمرين الجادين ونطالب بتذليل كل المعيقات كي ترى مشاريعهم النور لفائدة الاقتصاد, لكن أخشى أن تكون الحلول للمشاريع العقارية المتعثرة قد استنفدت خصوصا, ولا سبيل سوى إيقاع عقوبات أو غرامات تمهد لسحب الأرض وإلغاء كل الامتيازات.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/04 الساعة 00:43