'خريطة' بايدن: مسار سالِك.. ام 'ثقوب' الجبنة السويسرية؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/03 الساعة 04:05
تذكرون الترحيب الحار الذي قوبِل به "إتفاق اوسلو/13 ايلول 1993, بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة العدو الصهيوني, وما قيل عنه وكُتبَ وجرى الترويج له, بأن الطريق الى "سلام الشجعان" قد تم تعبيده, وان السيوف في طريقها للتحوّل الى "محاريث", وان الاموال الطائلة التي هُدِرت من أجل صفقات السلاح , ستتحوّل الى التنمية والإزدهار, وتُكرّس من اجل تعميق "السلام الاقتصادي", حيث "العقول" اليهودية "فائقة الذكاء والإبداع", ستتعاون مع الأموال العربية "الخرافية", والأيدي العاملة العربية "الماهرة", كي تأخذ المنطقة الى عهد جديد من التنمية والتقدّم, أين منها البلدان الآسيوية البعيدة, التي وصِفت بــ"النمور الآسيوية"؟. كل تلك الأحلام والوعود الخُلّبِيّة تبدّدت وغدت كوابيس وأحلام يقظة, كما أحلام ليالي الصيف الفلسطينية والعربية... القائظة.
ثمة خشية بأن تكون "خريطة الطريق" التي أعلنها يوم الجمعة الماضي, الرئيس ابايدن/ شريك العدو الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير, ان تلقى المصير ذاته الذي لاقاه "إتفاق اوسلو" الكارثي, ليس فقط في ان "الأب الشرعي" لهذه الخريطة لم يُعرَف بشكل واضح, وما إذا كان العدو الصهيوني, أم أنه من بنات أفكار وليام بيرنز مدير وكالة CIA الأميركية والثنائي اليهودي جيك سوليفان وأنتوني بيلنكن, أم كان من "صياغة" مجرم الحرب/نتنياهو وتساحي هنينغبي (نجل الإرهابية الصهيونية العتيقة في منظمة "ليحي" الإرهابية/غيئولا كوهين), خاصة ان نتنياهو "غمزَ" من قناة "خريطة" بايدن, واعتبر ان بايدن لم يُقدم خريطة بل أدلى ببيان سياسي (..) .
صحيح ان تسريبات صهيونية متتالية, راحت تتحدث عن "أُبوّة" "إسرائيلية" للمراحل "الثلات" التي تضمنتها خريطة بايدن, إلا ان ما بدأت اوساط نتنياهو تشير إليه, وبخاصة في شأن "عدم الإلتزام" بوقف النار, أثناء المفاوضات بين حركة حماس والعدو, حول تفاصيل كل مرحلة, ناهيك عن "إصرار"نتنياهو على تدمير حماس عسكريا وسلطويا, يثير الشكوك في ما إذا كان بايدن وفريقه يريدون التغطية على فشلهم الذريع في كبح نتنياهو, والحؤول دونه وإجتياح رفح, التي باتت الآن تحت سيطرة جيش العدو, إضافة بالطبع الى سيطرة جيش النازية الصهيونية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح, فضلا عن سيطرته الكاملة والناريّة على محور صلاح الدين المعروف بـ"محور فيلادِلفي", في خرق واضح لمعاهدة "السلام" مع مصر.
وإذا كانت حركة حماس قد أبدت إستعدادها للتعامل بـ"شكل إيجابي وبنّاء" مع مُقترح هدنة غزة, إذا ما أعلن العدو التزامه الصريح بذلك، في الوقت الذي قالت فيه حركة الجهاد الإسلامي أنها "تنظر بارتياب" لطرح بايدن حول هدنة غزة, وان"الإدارة الأميركية تكذب وتُخادع، وتمارس بخبثها دور البريء"، ولذلك فهي "ليست موضع ثقة", وإن كانت/الجهاد الإسلامي إستدركت قائلة: أنها (ستدرسه وتتخِذ "موقفاً وطنياً", بما يضمن وقف العدوان والانسحاب الكامل من القطاع). في الوقت ذاته الذي نقلت فيه هيئة البث الصهيونية عن مكتب رئيس حكومة العدو/ نتنياهو، قوله: إنه "يرفض فكرة وقف إطلاق نار دائم, قبل تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية".
هي إذاً لعبة "ليِّ أذرع" يمارسها الطرفان الفلسطيني/والصهيوني, بهدف تحسين شروط التفاوض, او ـ ربما ـ للتنصل/إسرائيليا من الإلتزام بهدنة بايدن "صهيونية المنشأ والنصوص" كما يجب التذكير. علّ نتنياهو ينجح في التوصل الى إتفاق لفتح معبر رفح, وإدخال بعض المساعدات. ما يمنحه وقتا إضافيا لتدمير ما تبقّى من مدينة رفح, و"تحرير" بعض الأسرى الصهاينة, حيث تقول أجهزته الإستخبارية انهم في "أنفاق" رفح رفقة مسؤولين كبار من حماس, وتحديدا يحيى السنوار وشقيقه محمد, إضافة الى القائد العسكري لكتائب القسام "محمد الضيف".
ثمة ثقوب أخرى لا تقل أهمية عن التفسيرات المتناقضة لخريطة بايدن الغامضة,خاصة في "اليوم التالي" لتنفيذها, ومَن هي الجهة التي ستتولى إدارة القطاع الفلسطيني, في المرحلة التي سيتوقف فيها إطلاق النار وإنسحاب جيش النازية الصهيونية منه ( هذا إذا إنسحَبَ), علما أن إعلانا لافتا صدر عن "إندونيسيا",(وما أدراك ما أهمية إندونيسيا, بما هي أكبر دولة "إسلامية", تسعى الدولة العنصرية الإستعمارية للتطبيع معها, وسط شائعات تروج عن مباحثات سِرية جارية الآن بين الطرفين حول ذلك), جاء فيه/الإعلان الإندونيسي: "أن جاكارتا مُستعِدة لإرسال قوات حِفظ سلام الى قطاع غزة".
ولا يجب ان يغيب عن أذهاننا التجاهل المطلق في "خريطة بايدن" لسلطة الحكم الذاتي في رام الله, ليس فقط في عدم إسناد اي دور لها بعد إنتهاء المرحلة الثالثة من الخريطة , بل خصوصا في ما يستبطنه ذلك من "تكريس" فصل حقيقي ومقصود بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة, الذي سيتم تسليمه بتوافق أميركي صهيوني, الى " تجمّع عشائري, او شركة أمن أميركية خاصة, او ربما الى حلف الشر المسمى "حلف شمال الأطلسي/الناتو".
عندها لكم ان تتخيلوا "عهود" الرطانة الأميركية/الأوروبية عن أُكذوبة"حل الدولتين", أو ترشيق لسلطة رام الله, او عودة الحديث عن "سنغافورة الشرق الأوسط", والمقصود قطاع غزة, بعد إلبدء بإعمارها,كما ورد في المرحلة الثالثة من خريطة بايدن, في حين سيكون تمويل الإعمار من "غاز" غزة وبترولها, لصالح الشركات متعددة الجنسية ومنها عربية لأعمار "دولة غزة", التي ربما سيتم قبولها في الأمم المتحدة مثل "إمبراطورية مكرونيزيا العظمى", التي صوتت الى جانب الولايات المتحدة و"إسرائيل", لرفض منح "دولة فلسطين" العضوية الكاملة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/03 الساعة 04:05