ضريبة الدخل من علاقة إلى علاقة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/08 الساعة 00:40

استعرضت في المقال السابق، بعض الاختلالات التي وقعت فيها التشريعات الضريبية، وهي الاختلالات التي فتح بعضها أبواب الشكوك والشبهات، مثلما فتحت أبواب شكوى المكلفين، وكانت سبباً من أسباب توتر العلاقة في كثير من الأحيان بين المكلف والمقدر، ومن ثم صار من المهم تصويب هذه الاختلالات التي أشرت إليها في المقال السابق، والتي أضيف إليها في هذا المقال عدد آخر من الاختلالات التي لا بد من معالجتها، وفي طليعتها ضرورة نقل إثبات عبء الضريبة بالكامل إلى عاتق دائرة ضريبة الدخل، لأن الأصل هو براءة الذمة، وأن على من ادعى تقديم البينة لإثبات ادعائه، فليس من المنطق تكليف المتهم إثبات براءته، فالأصل هو البراءة على قاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهذه قاعدة راسخة من قواعد العدالة، فلماذا نقلبها في موضوع الضريبة؟ هذه واحدة، أما الثانية فهي ضرورة إعادة النظر في آلية احتساب خسارة المكلف وعدم ترك الأمر للمدقق الضريبي حيث قد يتدخل المزاج في الأمر.

عند قضية المزاج نحب أن نتوقف لنقول : أنه لا بد من إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين المواطن ودائرة ضريبة الدخل، أي بين المكلف والمقدر، ونقلها من خانة العلاقة بين المحقق والمتهم، حيث يحاول كل منهما إيقاع الآخر، من خلال علاقة تشبه علاقة الصياد بفريسته، حيث يحاول أحدهما نصب الفخاخ والشباك، بينما يحاول الآخر التحايل للنفاذ وإنقاذ نفسه من ذلك كله، وفي كلتا الحالتين تظل العلاقة بين الطرفين عدائية ومتوترة، وعلاج ذلك هي في نقل العلاقة إلى طبيعة جديدة كأن تكون شبيهة للعلاقة بين البائع والمشتري، من خلال تحكيم قاعدة " الزبون دائماً على حق "، ومن ثم السعي إلى إقناعه بالشراء من خلال بيان مزايا السلعة المعروضة للبيع، أي أن مهمة المقدر يجب أن تكون الإقناع لا التحقيق، والترغيب لا الترهيب.

تنقلنا طبيعة العلاقة بين المقدر والمكلف، وكيف يجب أن تكون للحديث، عن أهمية وضرورة إعادة هيكلة دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، إدارياً وفنياً، وأول ذلك أهمية أتمتت عمل الدائرة بما يتناسب مع حجم عملها وحساسيته، بحيث يصبح التدخل البشري في عملها وفي علاقتها مع الجمهور بأقل ما يمكن، وبأدنى درجاته، سد للذرائع والشبهات والاحتكاك.

وعند التدخل البشري لا بد لنا من وقفة أخرى مع ضرورة إيلاء العاملين في دائرة الضريبة اهتماماً خاصاً، من حيث مستوى رواتبهم ومكافأتهم من جهة، ومن حيث ضرورة تدريبهم وتأهيلهم على فنون العلاقات العامة والاتصال بالمكلف، ليكون صديقاً متعاوناً بدلاً من أن يتخذ موقف المعاداة والمناكفة .

وعلى ذكر الموظفين والعاملين وسداً لباب من أبواب التهرب الضريبي، فإنه لا بد من أن يتضمن القانون نصاً يمنع الموظفين المتقاعدين أو المستقيلين من دائرة الضريبة من مزاولة التدقيق المالي، سواء من خلال فتح مكاتب للتدقيق والاستشارات الضريبية أو من خلال العمل في مكاتب قائمة، إلا بعد مرور عدد من السنوات على تركه عمله في الدائرة، وذلك حماية للعاملين من الحرج مع زملائهم المتقاعدين أو المستقيلين. الرأي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/08 الساعة 00:40