الشيف سمير
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/14 الساعة 00:50
على إحدى القنوات المحلية أتابع شابا يقدم برنامجا عن الطبخ اسمه سمير... لا أعرف اسمه الثاني, فقط سمير هذا ما أعرفه, وأعرف أنه صديق الشيف نضال البريحي... هو طاه ممتاز وخفيف ظل ويجعلك تكمل الحلقة حتى نهايتها..سمير في فترة من الفترات كان يطوف فلسطين, يذهب إلى المطاعم الشعبية في الضفة الغربية... لم يكن يطل على الناس من مطابخ الفنادق الضخمة, ولا من أطباق (الفوتوشيني).. أو (البيف ستراغنوف)... أو اللحم المدخن والسباغيتي.. كان يدخل لمطعم قديم في رام الله مثلا يبيع الدجاج (ع الفحم).. ويشعرك أنه من جماعة المطعم ويأكل بيده دون تكلف, ودون (إتيكيبت).. ويجعلك تشارك الطعام معهم.كان يذهب للمطاعم الشعبية في الخليل أو نابلس والتي تقوم بصنع (المسخن).. ويعرض لك حياة الفلسطيني بكل تفاصيلها, يعرض لك الشوارع والناس..ويعرض لك صمودهم.. وحياتهم التي تستمر بالرغم من المضايقات والحواجز وبالرغم من القهر.. الطعام جزء من هوية الشعوب ومن ثقافتها, وحين كنا نشاهد الأهل في فلسطين وأنماط حياتهم ومطاعمهم.. كنا ندرك حجم ثبات الهوية الفلسطينية وتجذرها ورسوخها.ما زلت أتابع سمير وأتابع معه صديقي الشيف نضال البريحي, وأظن أن برنامجهما من أفضل البرامج... لأنهم لا يتصنعان ولا يمارسان الفوقية, والأهم أنهما يؤمنان بالطعام الشرقي وهوية البلد وتفاصيلها.. الأهم من كل ذلك أن وجبات سمير تستطيع سيدات القرى النائية تحضيرها, ولا تحتاج للذهاب إلى مولات عمان الفاخرة من أجل المكونات الإيطالية.تابعوا هذا الشاب على (التك توك والإنستجرام), عشرات الألوف من الناس تدخل على صفحته فقط لتتابع بساطته وعفويته وقدرته الفائقة على اختطاف قلب المشاهد.مع ذلك أنا مجبر على أن أنصح سمير بعدم إدخال بعض المدونين أو ما يسمى بمشاهير (التك توك) إلى برنامجه.. هم يستعملون مصطلحات تخدش الذوق العام.. والبرنامج الأصل أنه يقدم وجبة معرفية وثقافية, ولا يقدم نكات البعض (السمجة)... الطعام مسألة مرتبطة بالشكر وحمد الله على نعمه, مسألة فيها شعائر معينة تعلمناها من الدين... فالمسيحي يصلي قبل الطعام صلاة الشكر والمسلم يحمد الله على نعمته... وبالتالي إدخال بعض نجوم (التك توك) في البرنامج وتحويله إلى نكات.. و الاستهزاء بطبق فلان أو وجبة فلان يقع في إطار شتم النعم..أعرف أن البعض قد يعتقد أنني أقدم نصائح في إطار موضوع استهلاكي.. ابدا ما قدمه هذا الشاب عن الطعام في فلسطين يقع في باب الدفاع عن الهوية الفلسطينية.. فقد سجل ووثق حياة الناس هنالك, وثق المكان والصوت والصورة والعمران.. لهذا حين نقدم منتجا عظيما في الإعلام علينا أن نحافظ عليه..شكرا أخي سمير على ما قدمت, وسأبقى أتابعك... وأتمنى أن تأخذ ملاحظتي بعين الإعتبار.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/14 الساعة 00:50