التل يكتب: راجي حداد والعسكر الذين لايكذبون
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/13 الساعة 22:01
تتوالى خسارة بلدنا للقامات المتميزة، التي ساهمت ببناءه وتطوره وخدمة اهله وناسه. وتصبح هذه الخسارة مضاعفة عندما تقع في سنوات عجاف غير ولادات بالرجال الرجال كراجي حداد الذي رحل عن عالمنا الزائل قبل ايام.
توثقت علاقتي بالراحل راجي حداد عندما كان علي كمدير عام لدائرة المطبوعات والنشر وقتها ان ادافع عن مشروع قانون المطبوعات والنشر امام مجلس النواب الثالث عشر، ولجانه المختصة، واولها لجنة التوجيه الوطني ، التي كان الراحل راجي حداد رئيسا لها، وكان مقررها محمود الخرابشة اطال الله في عمره، وكانا كلاهما حداد والخرابشة من خريجي المؤسسة العسكرية والأمنية الأردنية، وهذه واحدة من اهم مميزات الأردن، وهي ان عسكره هم من اكثر الناس ديمقراطية ودفاعا عنها. وكانوا لا يكذبون، ولا يخلفون وعدا وعدوه، وكانوا أوفياء لذلك ظل راجي حداد وفيا لقائده عبد الهادي المجالي عندما منح المجالي له اجازة مفتوحة حتى يتم دراسته الجامعية.
في المناقشات التي دارت حول مشروع قانون المطبوعات والنشر، كان راجي حداد موضوعيا يبحث عن التوازن الذي يحمي مصلحة الأردن في ثنايا مواد مشروع القانون، لذلك كان يقطع الطريق على بعض النواب او الخبراء الذين التقتهم اللحنة أثناء تلك المناقشات من الذين كانوا يميلون الى المزايدات في نقاشهم لمواد مشروع القانون، وكان يفعل ذلك بحزم لاقسوة فيه، وبلين لاينم عن ضعف، وهذه واحدة من اهم مزايا راجي حداد.الذي كان بمظهره الخارجي وبنيته القوية وقصة شعره المميزة، وبروحه المحبة يضفي على المكان الذي يتواجد فيه حيوية ونشاط، قادررين على كسر الحواجز النفسية والمادية بينه وبين الناس، فكان يشعرهم بانهم يعرفونه من زمن طويل، وتلك من صفات الشخصية المفطورة على الزعامة، فقد كان راجي حداد اصيلا في طبعه، مجبولا على خدمة الناس،ساعيا في خدمتهم مفتوحه لهم ابوابه سواء كان ذلك في بيته اومكتبه، رادا للظلم عنهم، فقد ذاق طعم الظلم يوم حرمته الواسطة والمحسوبية من حقه في بعثة دراسية لتفوقه في امتحان التانوية العانة، فتحول الى مدافع عن حقوق الناس حتى قبل ان يصبح نائبا عنهم في ثلاتة مجالس نيابية متعاقبه. فلم يكن راجي حداد كالزعامات المصنعة الزائفة المدعية التي صار يعج بها بلدنا في هذه السنوات العجاف.
كان راجي حداد طالبا للمعرفة فاقبل على نهلها من مصادرها فحصل على اعلى الدرجات العلمية، وكان متفوقا في كل مرحلة من مراحل دراسته، وطلبه للعلم والمعرفة، صاحب ارادة في طلبهما، لذلك تبؤ قيادة مؤسسات علمية مرموقة، فقد كان أمرا للجناح العسكري في جامعة مؤتة، ولم يكن سعيه يوما لمجرد اضافة حرف (د) قبل اسمه لغايات الوجاهه او لزيادة الراتب، كما يفعل الكثيرون في هذه السنوات العجاف. بل كان يفعل ذلك حبا بالمعرفة، التي لم تغيره القابها كما لم تغيره المناصب الرفيعة التي تبؤها، فقد ترك الخدمة العسكرية برتبة لواء ركن وهو يشغل منصب
مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة للتخطيط والتنظيم والحرب الالكترونية.كما لم يتغير عندما اصبح عضوا في مجلس النواب، فلم يغير رقم هاتفه، ولم يغلق ابوابه في وجوه الناس، كما يفعل الكثيرون في هذه السنوات العجاف.
ولانه مفطورا على الحب والحنان، فقد كان ابا حنونا لمست ذلك من زيارته المتكررة للاطمئنان على ابنته روجينا عندما كانت تعمل معنا في رئاسة الوزراء، رحمه الله والهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/13 الساعة 22:01