عليان يكتب: الملكة رانيا العبدالله أيقونة الخطاب العميق وسفيرة الكلمة الحرّة

النائب السابق غازي عليان
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/11 الساعة 10:03
ليس جديدًا أو مستغربًا هذا الحضورُ البهيُّ، وهذا الألقُ الملكيُّ الساحرُ، فهي كعادتها تطلُّ على العالم وتأسر القلوب والعقول بفصاحة لسانها، وبلاغة كلامها الساحر والعميق، في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد بدا ذلك جليًّا واضحًا في حديثها الأخير مع قناة CNN في برنامج "The ReidOut" مع المذيعة المعروفة جوي ريد، التي لم تستطع أن تخفي ملامح الدهشة والإعجاب بثقافة وسعةِ اطّلاع جلالة الملكة رانيا العبدالله واهتمامها بقضايا العالم والإنسانية.

وكشأن كلِّ أحاديثها كانت جلالتها حاسمة في طرحها للموضوعات المتعددة، وبخاصة في شأن الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة التي مارست فيه قوات الاحتلال الصهيوني كلَّ أنواع الإرهاب والمجازر الجماعية في غزة، وحولتها إلى مقبرة جماعية للشعب الفلسطيني الأعزل، ذلك الشّعب الذي يئن تحت وطأة الاحتلال منذ أكثر من سبعة عقود، ويسعى من أجل إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، وأثبتت الملكة رانيا ' أم الحسين' أنها من مدرسة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله في فهمها العميق لطبيعة الصراع في المنطقة والعالم، مسترشدة بفكر صاحب الجلالة في تناولها لقضايا العالم في مختلف المجالات، لتكون جلالتها خير سفير للخطاب الأردني المساند لقضايا الشعوب وعلى رأسها قضية فلسطين وشعبه المظلوم.
وقد أعربت جلالتها في سياق حديثها عن الحرب العدوانية على قطاع غزة، والضفة الغربية والاعتداءات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وحرمانه بشكل واضح من المساعدات الإغاثية والطبية والإنسانية عن قلقها الشديد إزاء التصعيد الأخير في العنف بين إسرائيل وغزة، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأكدت أنه لا حلّ للصراع إلا بحل الدولتين، وهنا كانت جلالة الملكة واضحة في أن الصراع لن ينتهي إلا بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة .
وانتقدت جلالة الملكة "المعايير المزدوجة" التي يعامل بها المجتمع الدولي الصراع الفسلطيني _ الإسرائيلي قياسًا بقضايا الصراع الأخرى في العالم حيث يتعامل المجتمع الدولي مع قضايا الصراع بشكل مزدوج، وأعطت مثالًا على ذلك في كيفية قبول العالم مقولة "من الخطأ قتل عائلة بأكملها بالرصاص، لكن من المقبول قصفهم حتى الموت". وفي ذلك نقد واضح وصريح للمجتمع الدولي الذي يقف صامتًا أمام الجرائم الصهيونية، وفيه أيضًا إشارة واضحة لعدم اتخاذ قرار يوقف الحرب على غزة، ويدين إسرائيل الغاشمه بشكل واضح ويجرّم حكومتها المتطرفة، ويقدّمهم للمحاكمة بتهمة ارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي وتجويع الشعب الفلسطيني.
وكالعادة في حواراتها العميقة ناقشت جلالة الملكة رانيا أيضًا أهمية التعليم كعامل أساسي في التنمية والسلام، وأكدت دور مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية في دعم التعليم للأطفال والشباب في الأردن وخارجه، كما تحدثت جلالتها عن تجربتها كرائدة أعمال، وعن تشجيعها للمرأة العربية على المشاركة في مجالات ريادة الأعمال والابتكار ودعمها الكامل للشباب الأردني والمرأة الأردنية والعربية في الميادين كافة لتمكين الشباب والمرأة.
وفي لقاء آخر من خلال مقابلة تلفزيونية مع الإعلامية الأمريكية مارغريت برينان في برنامج "فيس ذا نيشن"، فقد أحدث تأثيرًا هائلًا في المجتمع الدولي، وأثار هجومًا من الإعلام الصهيوني العنصري، وذلك عندما دعت الملكة رانيا العبد الله المجتمع الدولي إلى منع "إسرائيل" من اجتياح رفح، واصفة الأمر بأنه نهاية الخط بالنسبة لسكان القطاع الذين نزحوا قسرًا وبشكل ممنهج إلى الجنوب منذ بداية العدوان، وشددت جلالتها على أهمية استخدام الولايات المتحدة نفوذها لضمان وقف الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية لسكان غزة. كما أوضحت أن "إسرائيل" تعمدت تبنّي نهج تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم لمدة عقود؛ وذلك بهدف تخدير الناس عندما يتعلق الأمر بمعاناة الفلسطيني، وحذرت من تبعات فشل المجتمع الدولي في وقف الإبادة الجماعية، التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وأشارت جلالتها إلى أن السلطات الإسرائيلية تعمّدت خرق القوانين الدولية، وتجاوزت الضمانات الإنسانية، محذرةً من أنّ هذا السلوك يهدد السلام العالمي، ويفتح الباب أمام تفاقم الفوضى العالمية.
كما وأكدت جلالتها على أن الأزمة الإنسانية في غزة، قد تتحول إلى كارثة جماعية إذا لم يتم التصدي لها على الفور، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، ومنع تصاعد العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، وقالت: "إذا لم تصل المساعدات إلى غزة وبكميات هائلة فإنها ستواجه مجاعة جماعية... وتساءلت جلالتها متعجبة مستنكرة كيف يمكن للعالم أن يكون سعيدًا بفعل ذلك؟! هذه وصمة عار في الضمير العالمي؛ أن يرى ما يحدث في غزة دون أن يفعل شيئا حياله."
وأوضحت جلالتها أنَّ ادّعاءات الكيان الصهيوني بشرعية حربها على غزة، لا يمكن أن تُصدَّق؛ فقد دمرت إسرائيل 60% من المنازل و80% من المرافق الطبية والمدارس، فهل من المفترض أن نصدق أن محاربا من حماس كان في كل واحدة منها؟ وعندما يفشل حلفاء "إسرائيل" في تحميلها المسؤولية عن أفعالها، سيخلق ثقافة الإفلات من العقاب وهكذا الوضع منذ عقود، ما يشعر "إسرائيل" بأنها الاستثناء لكل قانون ومعيار دولي؛ فإما أن تلتزم بالقواعد أو تكون دولة منبوذة.
باختصار كانت جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة مثالًا للمرأة العربية المثقفة، ومصدرَ فخرٍ بأنّ الشعب الأردني تمثله سيدة أولى، تعرف حقيقة جوهر الإنسانية، وتعلم طبيعة التغيير المطلوب في العالم العربي والإسلامي، لإحداث التنمية الشاملة وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وحل الصراع في المنطقة والعالم.
نعم إنها أمُّ الحسين مصدرُ فخرنا وأيقونة المرأة الأردنية، وهي تسير جنبًا إلى جنب مع جلالة الملك عبدالله الثاني في إدارة عملية الإصلاح والتنمية، وتحقيق العدالة الشاملة وتكافوء الفرص، ورعاية الريادة والابتكار، ودعم الشباب من أبناء الوطن العزيز، دمتِ سيدتي لسانًا بالحقِّ ناطقًا في ظلِّ راعي المسيرة وقائدها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله وأدام ملكه.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/11 الساعة 10:03