مقصلة قانون 'معاداة الساميّة' الأميركيّ: 'مَن يجرؤ على الكلام'؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/05 الساعة 02:02
لِنبدأ أولاً التعريف بصاحب سؤال «مَن يجرؤ على الكلام»؟, إنه السيناتور الأميركي الشجاع والنزيه/ بول فندلي (1921 ــ 2019), الذي أصدر كتابا تحت العنوان/السؤال نفسه في العام 1985, وتواصلت طباعته تسع عشرة طبعة, بعدما لقيت إقبالاً غير مسبوق, ليس فقط لشجاعة الرجل وكسرِه الـ"تابو» الأميركي المُحرّم, تحت طائلة النبذ والشيطنة وتشويه السمعة والإغتيال السياسي والمعنوي, بل خصوصا لأنه فضح وعرّى تبعية وإنقياد القيادات السياسية والتشريعية والتنفيذية الأميركية, كما الإعلامية والأكاديمية للوبي الصهيوني, المتمثل في عصابة اللوبي اليهودي المعروفة بـ«ايباك», وأن السياسة الأميركية «لا تُصنع في البيت الأبيض او في الكابيتول هيل/ الكونغرس, بل في الكنيست الصهيوني». ولم يسلم «فندلي» من إنتقام الصهاينة, بل تم إسقاطه في دائرته الإنتخابية بعد ان مثّلها 11 مرة لصالح مرشح » ديمقراطي» نكِرة, فغاب فندلي «الجمهوري» عن الكونغرس حتى وفاته, لكنه تمسّك بمواقفه ولم يثني او يتلعثم.
ماذا عن آخر التعريفات الأميركية لأكذوبة «معاداة السامية»؟كما بات معروفاً إعتمد مجلس النواب الأميركي الأربعاء الماضي 1/5, التعريف الصهيوني لمعاداة السامية و«منعِ» اتهام اليهود بـ«المبالغة» في قضية المحرقة, الذي/مشروع القانون يطلب من «وزارة التعليم» استخدام التعريف الصهيوني لمعاداة السامية، الذي كان وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA), عند تطبيق قوانين مكافحة التمييز في العام 2000. لكن المثير في الأمر هو التوقيت بل والإستعجال الذي إختاره النواب الأميركيون (من الحزبين بالطبع), لإعتماد توسيع التعريف السابق لقانون مُعاداة السامية, والذي تزامن مع «إنتفاضة» طلبة الجامعات الأميركية ضد حرب الإبادة الصهيوأميركية في قطاع عزة, ودعوتهم الى وقف هذه المقتلة الوحشية, بعيدا عن أي طرح تُشتَم منه رائحة معاداة اليهود او غيرهم, ناهيك عن مشاركة طلبة يهود فيها, كذلك رابطة «يهود من أجل السلام» دعما لإحتجاجات الطلبة.هنا بالذات تكمن سطوة اللوبي اليهودي وإتساع نفوذه, وقدرته الكبيرة على «تحريك» البيادق والأنباع في مجلسي الكونغرس, الذين تلقّوا «تبرعات» المتمولين اليهود ورهط المتصهينين على الساحة الأميركية, ما بالك ان إنتخابات التجديد النصفي لمجلسي النواب والشيوخ, باتت على الأبواب (5/11/2024)؟. ما يستدعي بالفعل التوقف عند نصوص هذا التعريف وردود الفعل عليه, خاصة ان مشروع القانون الذي إعتمده مجلس النواب, لن يجد أي معارضة او إنتقاد من مجلس الشيوخ الذي يستعد للموافقة عليه قريبا.يعتبر التعريف ان أي انتقاد إسرائيل أوسياساتها هو معاداة للسامية. كذلك عند المقارنة بين السياسة الإسرائيلية وسياسة النازيين يندرج في إطار معاداة للسامية. تماما إذا ما تمَّ وصفُ السياسة الإسرائيلية بالعنصرية فهو ضرب من ضروب معاداة للسامية. بل يذهب التعريف الذي تم إعتماده أميركيا, ونقصد التعريف الذي وضعه التحالف الدولي (IHRA) بعيدا في تفسير والإضاءة على كثير من «المحظورات» التي تندرج في إطار معاداة السامية, مثل: أي «تصوّر معين لليهود، والذي يمكن التعبير عنه على أنه كراهية تجاه اليهود»، ويقول إن «المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية موجهة نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم، ونحو مؤسسات المجتمع اليهودي ومجتمعاتهم». كذلك «استخدام الرموز والرسائل المرتبطة بمعاداة السامية الكلاسيكية (على سبيل المثال، اتهام اليهود بقتل يسوع أو تشهير الدم) لوصف إسرائيل أو الإسرائيليين» و القول إن «وجود إسرائيل هو مسعى عنصري».بعبارة أكثر وضوحا يراد من كل ذلك, ليس فقط تكميم الأفواه ودفن حرية التعبير, ومنع كل محاولة لدراسة التاريخ وفق منهجية علمية نقدية ومحايدة, لا تستند سوى على الحقائق والوثائق والمراجع الرصينة المعتمدة, بل خصوصا في إضفاء «القداسة» على اليهود والصهيونية و«روايتهم», وإلا فالمقصلة جاهزة لإعدام كل مَن يجرؤ على الكلام سياسيا ومعنويا و..«مادياً/تصفيته», وليس فقط مالياً. (علما ان البرلمان الأوروبي صوّت وإعتمد في حزيران العام 2017 التعريف الصهيوني لمعاداة السامية, وأوصى الدول الأوروبية ومؤسساتها بتبنّيه وتطبيقه).** إستدراك:وصف النائب مات غايتز/جمهوري تشريع معاداة السامية في مجلس النواب, بأنه «مشروع قانون مثير للسخرية لخطاب الكراهية» (قبل التصويت الأربعاء الماضي).معربا/غايتس عن معارضته لمشروع القانون قبل التصويت، قائلاً إن (بعض المقتطفات من «الكتاب المقدس» ستفي بتعريف مشروع القانون هذا لمعاداة السامية).مغردا على منصة «X»: سأصوت ضد مشروع قانون خطاب الكراهية السخيف المسمى «قانون التوعية بمعاداة السامية». مُردفاً: «معاداة السامية أمر خاطئ، لكن هذا التشريع تمت صياغته دون مراعاة للدستور, أو الفطرة السليمة أو حتى الفهم المشترك لمعنى الكلمات. «الإنجيل نفسه» يفي بتعريف معاداة السامية بموجب شروط مشروع القانون هذا». مضيفا: إن أحد الأمثلة على هذا التعريف يتضمن «ادعاءات بأن اليهود يقتلون يسوع». مشيراً إلى أن النص الديني سيندرج تحت هذا التعريف. بالقول: «الكتاب المقدس واضح. ليس هناك أسطورة أو جدل في هذا الشأن»وشاركته النائبة الجمهورية/ مارغوري تايلور التفسير ذاته، قائلة: إنها ستعارض مشروع القانون, لأنه سيُحدد السلوك المعادي للسامية ليشمل «ملاحظات» حول قتل اليهود ليسوع. لافتة: إن مشروع القانون «يمكن أن يُدين المسيحيين بمعاداة السامية لإيمانهم بالإنجيل», الذي يقول: إن «يسوع أُسلِم إلى هيرودس ليصلبه اليهود».
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/05 الساعة 02:02