صبري ربيحات يكتب: اجتياح رفح 'عقدة سمجة في مسرحية هزيلة'

د. صبري ربيحات
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/29 الساعة 16:11
لم أتمكن حتى اليوم من فهم معنى الجدل والضجيج الذي يثيره القادة العرب واركان السلطة الفلسطينية والرئيس الامريكي وكل الذين اصطفوا على جوانب الصراع الدائر فاعلين وميسرين ومتفرجين لأكثر من ستة شهور.
الرئيس الامريكي لا ينصح علناً باجتياح غزة والفرنسيون يمانعون هم الآخرون والبريطانيون يقولون اشياء مختلطة والعرب لهم آراء في السر واخرى في العلن.. والسلطة الوطنية المتلهفة للوصاية على غزة تعلن بأن اجتياح رفح سيكون كارثياً.
المستمع لسيل البيانات العربية والمترادفات التي يستخدمها الساسة في مقابلاتهم المتلفزة يحسب ان الغزيين كانوا في نعيم طوال الأشهر الماضية وان القادة العرب يخشون ان يصيب أهالي رفح سوء او قد ينزعجون فتتوقف بعض مؤسساتهم عن العمل..
ما يقوله ساسة العالم خادع ومريب ومزعج ولا استبعد اننا وقعنا في فخ الخداع الصهيوني الممنهج والهادف الى الاستحواذ على كل ما ينشر ويقال والاصرار على تشكيل صورة الاحداث على الطريقة الصهيونية .لو لم نرَ الدمار والابادة التي لحقت بكل ما هو مرتبط بالحياة في غزة لاعتقدنا ان ما يرد في بيانات الوزراء العرب يشير الى ان اسرائيل بلد يعيش تحت مضلة القانون الدولي وقد تكون على وشك ان تستخدم السلاح..
في لعبة القتل والدمار يجلس المايسترو الاعلامي الصهيوني ليرسم الصورة ومنتجة ما لا يريد له ان يظهر فيها فيختار العناوين ويدفع بها لتتلقفها مؤسسات العالم الاعلامية وتعيدها ويستجيب ساسة منطقتنا لها دون الالتفات الى الصورة الكلية لما حدث وما يحدث.
لقد استسلمنا جميعا، باستثناء أبطال المقاومة ورجالات ونساء غزة، الى الرواية الإسرائيلية الكاذبة ورددنا محتواها بطرق متفاوتة لكي نبدو حضاريين ومنسجمين مع ما تريده المؤسسات والنظم الداعمة للكيان الآثم... ولم نلتفت الى انها (أي اسرائيل) عرفت نفسها ضحية ووصفتنا بالحيوانات البشرية وأطلقت على كل من يعترض على الاحتلال او يقف في وجه الغطرسة صفة الإرهابي واستعانت بأمريكا لتصنع لنا تشريعات وثقافة تدين استخدام السلاح في وجه العدو وبرامج تتماشى مع هذه المسميات وهذه التعريفات.
العقدة الجديدة في المسرحية الغربية للعدوان على الامة العربية ودينها ووجودها وهويتها والرامية الى الابادة والتطهير العرقي والاذلال عنوانها "اجتاح رفح" وكأن رفح آمنة او انها مستقلة وحرة وكانها سويسرا او كوناكوا يخاف فيها الناس على حريتهم وعلى رفاهيتهم وازدهار بلدهم....
لا أحد يتوقف عند حقيقة ان الأراضي الغزية مستباحة ومحتلة وانها محاصرة وانها تحت مرمى النيران الجوية والبرية والبحرية ولا كهرباء ولا مياه ولا خبز ولا طحين ولا سلع ولا أدوية الناس يموتون جوعا وبردا وعطشا ومرضا.
الحديث عن اجتياح رفح والتباكي على رفح عقدة سمجة في مسرحية مؤلفها صهيوني وابطالها صهاينة وجمهورها العالم تؤدى على مسرح عربي يدار برقابة الذكاء الاصطناعي والنظارة يشاهدون العمل ويعبرون عن امتعاضهم ولا بدائل لهم إلا بمشاهدة العرض فالابواب مغلقة والظلام مخيم على مدرجات المسرح العميق.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/29 الساعة 16:11