د. عبدالباسط محمد الزيود
تابعت كغيري الصور على محطات التلفزة العالمية والمحلية التي نقلت لنا احتجاجات واسعة في الجامعات الأمريكية وما تبع بعضها من فض لها بالقوة، وقد جرى التمهيد لهذا بتصريحات قوية من كل أركان الإدارة الأمريكية تتهم المحتجين من الطلبة ب "معاداة السامية" تلك التهمة التي يواجهها كل من يعترض على سلوك لليهود حول العالم ؛ بغية الترهيب والتهديد بعقوبة وخيمة لكل من يتجرأ على الاعتراض على المذبحة الإسرائيلية في غزة و لكل من يدين الإبادة الجماعية هناك سواء من الطلبة أو من الناس بعامة ، وقد أثار ذلك في نفسي عدة ملاحظ؛ الأول ، على الرغم من سلمية الاحتجاجات و عدم انزلاقها نحو فعل عدائي بحق الأمن أو السلطات العامة إلا أنه جرى فضها بالقوة المفرطة و ذلك ماثل في جامعة كولومبيا و أعتقد أنه سيمتد إلى غيرها في قابل الأيام ؛ إن لم يكن على مستوى الأذى البدني فعلى المستوى النفسي من خلال التهديد بحجب فرص التوظيف لاحقاً بحق المحتجين من الطلبة أو ملاحقتهم بتهمة " معاداة السامية " و إن من بينهم يهود !
و الثاني، على الرغم من تورط الإدارة الأمريكية في مساندة إسرائيل عسكرياً و سياسياً إلا إن أياً من المحتجين لم يوجه للدولة سهام الخيانة ؛ لأن الدولة الامريكية شيء و الإدارة الديمقراطية كحزب حاكم شيء آخر و مع ذلك جرى التعامل بقسوة متعددة المستويات مع المحتجين !
الثالث، من وحي اعتصامات الكالوتي التي زخرت بتهم التخوين و الإساءة إلى الدولة و رجال الأمن و التطاول على وجدان الأردنيين إلا أنه لم يجر فض الاعتصامات بالقوة و لا بغيرها و تمتع رجال الأمن بحس عال من المسؤولية و ضبط النفس و الحرص على حماية المعتصمين ، و إنما جرت احتجازات لبعض من تجاوز حدود ما يسمح به القانون و قد أُفرج عن الأغلب منهم فيما بعد!
الرابع، أُتهمت الدولة جراء تنفيذ القانون بأنها قمعية و بوليسية و لا ديموقراطية في حين صمت الطيف السياسي ، الذي اعتصم بالكالوتي و نفذ مئات المسيرات في المحافظات ، و على رأسهم التيار الإخواني عما جرى من تعامل قاس مع المحتجين في أمريكا و لم يزمجروا و يصرخوا بعالي الصوت مستنكرين و شاجبين لتصرف الأمريكيين غير الديمقراطي !.
الخامس، شهدت الجامعات الأردنية كلها وقفات و مسيرات و لم تمنع الجامعات ذلك و لم تستدع إدارات الجامعات الأمن لدخول الحرم الجامعي و مع كل هذه المساحة من الحرية لم نجد من طيف الكالوتي السياسي و الإخواني بخاصة تقديراً أو شكراً أو مدحاً لهذه الخطوة لأجهزة الدولة المختلفة بل وجدنا جحوداً و كثيراً من النكران ، و الله المستعان.