د. حسام العتوم
يتزامن نصر روسيا والسوفييت هذا العام بعيد النصر على الفاشية – النازية الألمانية قبل 79 عاما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، بقرب انتصار روسيا الاتحادية في حربها الأوكرانية ومع " الناتو" بالوكالة التي اندلعت عام 2022 واستهدفت التطرف الأوكراني البنديري والنظام الأوكراني المشابه له بعد ضمها عبر صناديق الأقتراع وعبر الحماية العسكرية لخمسة أقاليم أوكرانية سابقة مثل "لوغانسك، ودونيتسك (الدونباس)، وزاباروجا وخيرسون، وغيرها. وما زالت أمريكا تريد لها أن تستمر عبر ضخ مليارات جديدة من الدولارات التي تطبعها من دون مصادر طبيعية، تضاف لما دفعت به من مال وسلاح وصل الى حوال 300 مليار دولار، وزير الدفاع الروسي سيرجي شايغو يؤكد عدم استهداف بلاده روسيا للناتو حتى بعد الحدث الأوكراني، وبنتيجة وصلت الى دون الصفر. وفي كلتا الحربين لم تبدأ بهما روسيا ولا الاتحاد السوفيتي. فالحرب العالمية الثانية بدأها أودولف هتلر عامي 1939 و1941، وتمكن جوزيف ستالين وقائد جيشه جيورجي جوكوف من طرده وحلفه النازي الى عمق برلين ورفع علم السوفييت فوق الرايخ الألماني (البرلمان) عام 1945.
وملف (الحرب الأوكرانية) عكس انتشار مؤامرة بريطانية قادها – بوريس جونسون، وأمريكية قادها – جو بايدن عبر العاصمة الأوكرانية " كييف "، ومن خلال شخص الرئيس المتهور فلاديمير زيلينسكي، مهرج وفنان الأمس.
خططت النازية الألمانية وحلفها المماثل بعد ارتكابها محرقة " الهولوكوست " التي أصابت اليهود وشعوب أوروبا الشرقية وقتها بين عامي 1933 و1945 لأجتياح الاتحاد السوفيتي البالغة مساحته أكثر من 22 مليون كلم 2، وصولا لأجتياح مساحات واسعة من العالم، بهدف نشر الأمبراطورية الألمانية النازية بإعتبارها تمثل قومية فوق الجميع، وشعار "هاي -هتلر"، أي الطاعة لهتلر ولفكره النازي، لكنها تحطمت على صخرة جبروت الاتحاد السوفيتي، وانهزمت الى غير رجعة. واليوم تحقق روسيا نصرا مماثلا على التطرف الأوكراني، وهي الحريصة على اجتثاثه من جذوره لتعلن انتهاء العملية / الحرب ،و فرض سلام الأمر الواقع، وبعد تحرير المناطق الأوكرانية التي تشكل خطرا على السيادة الروسية .
ويتزامن ذكرى حدث النصر على النازية في التاسع من أيار2024، ومطاردة روسيا للتطرف الأوكراني مع مرور سبعة شهور على اندلاع السابع من أكتوبر الذي تصدرته حماس – حركة المقاومة العربية الفلسطينية الإسلامية التحريرية بإسم المقاومة الفلسطينية بوجه النازية الصهيونية ،و الأحتلال والإستيطان الإسرائيلي ، وهو الأمر الذي انضمت الى صفوفه المقاومة العربية في لبنان "حزب الله"، وفي العراق "حزب الله – حشد"، والحوثيون اليمنيون .
وجريمة الحرب الألمانية لم تقتصر على الهولوكست بل تسببت في مقتل حوالي 28 مليون سوفيتي، وفي غزة ارتكبت إسرائيل حرب إبادة راح ضحيتها أكثر من 34 الفا من الفلسطينيين الأبرياء، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ .وهنا أرى تشابها بين النازية الألمانية وبين نازية إسرائيل، وذهبت أمريكا في المقابل وهي التي تطالب بحل الدولتين بطريقة مخادعة بين عامي 1948 و2024 برفض عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، ولم تطالب من زاوية العدالة الدولية بطرد إسرائيل من عضوية الأمم المتحدة.
لعل أهم نتيجة خرجت بها الحرب العالمية الثانية هي تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 والتي أريد منها تحقيق العدالة الدولية وإنهاء الحروب والأزمات التي تنشب بين فترة وأخرى في العالم، وإنهاء الاحتلالات والاستعمارات، والعنصرية، وحروب الإبادة، لكن شيئا من هذا لم يحدث، وواصل العالم يتجه بعكس السير والمبادئ الدولية السامية الواجب تطبيقها وأصبحنا نرى العجب من واحدة من أكبر وأعظم دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي استبدلت الحق بالباطل وساندت استمرارية الحرب في أوكرانيا وفي غزة، ودعمت منع قبول عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، ولم تطالب بطرد إسرائيل الاحتلالية منها بعد جريمة الإبادة في غزة كما ذكرت هنا أعلاه، وواصلت إلى جانب الغرب المتحضر ممارسة التضليل الإعلامي والدعاية الرمادية لصالح ديمومة الحرب الباردة وسباق التسلح، واستنزاف الدول العظمى الناهضة مثل روسيا الاتحادية والصين ... يصعب رؤية العالم بعين واحدة، والظلم والاضطهاد للشعوب الفقيرة الراسخة تحت الأحتلال لن يدوم، ولا بد من تغيير قواعد العمل في الأمم المتحدة وفي داخل مجلس الأمن عبر توسيع قاعدة العضوية فيهما. وان أوان الحتمية التاريخية في الأنتقال من احادية القطب الى تعددية الاقطاب أن تخرج على العلن .ووجود دولة عظمى بصفة ميزان العالم أمر دولي وتاريخي هام، ووجود دول ناجحة وناهضة مثل الصين، وتركيا، وايران، وكوريا الشمالية، والهند، وغيرهم أمر في غاية الأهمية. ولا مخرج لأمن العالم من غير انتهاء التجذيف صوب الحروب الكبيرة مثل الحرب الثالثة التي يحذر منها كل العالم، والحروب الصغيرة مثل الأوكرانية وفي غزة ان الأوان أن تنتهي ليعم السلام العالم، ولتنتشر التنمية الشاملة الخادمة للبشرية .
والملاحظ في أيامنا هذه أن الشخصيات السلبية الارهابية التي أرهقت التاريخ المعاصر مثل أودولف هتلر، وبول يوزف غوبلز، وبينينتو أندريا موسيليني، تتكرر في شخص الأرهابي المجرم بنيامين نتنياهو، وأعوانه من حزب الليكود المجرمين الارهابيين أيضا أمثال سموتريش وبن غفير. والتاريخ شاهد عيان وهو لا يرحم، ومقاومة الاحتلال ليست ارهابا، والتصدي للمؤامرات أمر مشروع. وكما هي روسيا منتصرة في حربها، ستنتصر المقاومة الفلسطينية في أرضها من دون الحاجة لجر دول الجوار لحرب أكبر. ومثلما أن أمريكا ومعها بريطانيا والغرب لا يملكون حق استنزاف أوكرانيا وروسيا وممارسة القتل بحجة البحث عن سيادة أوكرانيا وسط السراب، فهم لا يملكون حق استنزاف وقتل الشعب الفلسطيني المناضل لأنه صاحب الأرض والقضية العادلة.
لقد تعرضت الحرب الأوكرانية للتضليل الاعلامي الغربي والقرصنة المماثلة ولقلب الحقائق خدمة للمؤامرة الأمريكية – البريطانية الكبيرة على أوكرانيا وروسيا وعلى الصين أيضا لمنع نهوضهم وسط دول العالم المتحضرة أو التي تدعي الحضارة. فلم نعد نعرف من هو صاحب الحق ومن هو الضحية. وفي الحرب على غزة تم تطبيق نفس السيناريو الاعلامي المضلل، فأصبح المقاوم ارهابيا ،و أصحاب الأرض والقضية العادلة ارهابيين الواجب تصفيتهم بالقتل والتشريد. ولن تتحقق العدالة الدولية ما لم يتغير نهج الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقانون الدولي.