العتوم يكتب: فلسطين تستحق عضوية الأمم المتحدة

د. حسام العتوم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/19 الساعة 22:11
لا توجد على وجه الأرض قضية أكثر عدالة، وأكثر تعرضاً للظلم مثل القضية الفلسطينية مع شروق عام 1948. وميلاد الأمم المتحدة عام 1945 بعد الانتصار السوفيتي على النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وبمشاركة محدودة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. وهم مجتمعون من أسسوا الأمم المتحدة لتنتهي الحروب. لكن انتصار الاتحاد السوفيتي تحديدا فيها وبقوة ملاحظة في زمن جوزيف ستالين وجيورجي جوكوف قلب معادلة النصر الكبير الى انشقاق العالم الى شرق وغرب.وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ساد القطب الواحد، وتم الدفع ذات الوقت من قبل روسيا الاتحادية وبزعامتها لتأسيس تعددية الأقطاب.وشكلت العملية الروسية العسكرية الاستباقية الدفاعية عام 2022 منصة لترسيخ التوجه العالمي الجديد صوب التعددية القطبية، خاصة مع اندلاع الحربين في أوكرانيا، وفي غزة 2023. وتزامن تقسيم فلسطين عام 1947 الى دولتين؛ عبرية قامت فعلا، والى عربية رفضها العرب لقدسية فلسطين كاملة، وكانت تعرف إسرائيل الجواب العربي وقتها مسبقا، واشاعت الى الأمام لماذا لم يقبل العرب بالدولة أنذاك ؟ ولماذا نطلق في منطقتنا بأننا في الأردن وفي فلسطين شعب واحد ونطالب بدولة فلسطينية ذات الوقت، بهدف الالتفاف على مشروع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية التي أقرتها الشرعية الدولية جهارا نهارا. وفي المقابل نشأت إسرائيل مبكرا قبل عام 1948 على أكتاف عصابات ارهابية مثل " الهاغاناة "، و" الأرغون "، و"شتيرن"، و"ليحي" التي استهدفت العرب – الفلسطينيين والأنتداب البريطاني معا، والهدف بعيد المدى تهجير أهل الأرض الفلسطينية الأصليين واستقدام اليهود الرحل مكانهم، ولتصفية القضية الفلسطينية ومشروع دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ولبناء دولة يهودية خالصة وخالية من العرب. وهاهي الولايات المتحدة الأمريكية المدهشة والمتوغلة في انحيازها لإسرائيل، والمتظاهرة بصداقتها للعرب، وتقدم لهم المساعدات الأقتصادية ميليارية الدولارات على حساب مساعدة إسرائيل في سرقة قضية العرب – الفلسطينية العادلة كما نور الشمس، تستخدم " الفيتو " – حق النقض ضد مشروع قرار جزائري يوصي حديثا الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، في وقت صوتت لصالح فلسطين 12 دولة من أصل 15 دولة عالمية، وامتنعت المملكة المتحدة – بريطانيا وسويسرا. و المعروف هو بأن أمريكا راعية إسرائيل من أكثر الدول الكبرى عالميا اضاعة وقت القضية الفلسطينية، والأكثر استخداما للفيتو في مجلس الأمن ضدها، والأكثر مطالبة وبطريقة سرابية مخادعة بالدولة الفلسطينية وبشكل متناقض ملاحظ. فلقد استخدمت أمريكا " الفيتو " بمجلس الأمن 80 مرة لمنع ادانة إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني. ومؤسسة " الأيباك " – الأمريكية الصهيونية تساند منذ تأسيسها عام 1953 انحياز أمريكا وبريطانيا وسويسرا والغرب عموما لإسرائيل حتى في زمن جرائم الإبادة التابعة لها في غزة وخارجها على أرض فلسطين. وعرفت بريطانيا بالمستعمرة لفلسطين ولدول العرب، وعرفت سويسرا بأحتضانها للمؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل عام 1897 الذي دعا لعقده الصحفي اليهودي ثيودور هرتزل. والهدف سيادة إسرائيل وأمريكا واحادية القطب، ولتحطيم صورة العرب وروسيا والصين وكوريا الشمالية.تعتبر إسرائيل كما أمريكا ودول الغرب حركات التحرر العربية، حماس، والجهاد، وحزب الله في لبنان، وفي العراق " حشد "، والحوثيون اليمنيون ارهابيين، ويبرئؤن أنفسهم من الأرهاب الذي هو سمتهم. والشعب الفلسطيني المناضل – شعب الجبارين كما وصفه ياسر عرفات، يتعرض اليوم لجريمة حرب وابادة إسرائيلية لم يشهد التاريخ أكثر منها فضاعة منذ واقعة " الهولوكوست ". أكثر من 33 الف شهيد معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ من مواطني فلسطين المسالمين. وهو يستحق بأن تمثل دولته فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية في عضوية الأمم المتحدة. والأصل لو كانت العدالة حاضرة في الأمم المتحدة لتم سحب عضوية إسرئيل من الأمم المتحدة بعد جريمة الأبادة البشعة التي اقترفتها ولازالت تقترفها على أرض فلسطين بدم بارد. والعلم الفلسطيني سيبقى يرفرف في كل بيت وسط العالم يتابع بألم شديد مجازر إسرائيل. لازال المحاورون لي، يذكرونني، بأن الاتحاد السوفيتي إعترف أولا بإسرائيل عام 1948، ويعتبرون ذلك نقطة لصالحهم، وكأنهم لا يعرفون بأن الولايات المتحدة الأمريكية اعترفت أولا بالحكومة المؤقتة الإسرائيلية عام 1948، وبأن إسرائيل لم تتمكن من الحصول على عضوية الأمم المتحدة فورا حينها بسبب رفضها، فكررت المحاولة عام 1949 وقبلت، ويا ليتها ماقبلت، لكن الأخطبوط الصهيوني أنجح قبولها، ونفذت قرار التقسيم لعام 1947 لصالحها فقط، وهو الذي عارضته الجامعة العربية. وماطلت بحق العودة للفلسطينيين الذي تعهدت به. و سجل للاتحاد السوفيتي مواقفا شجاعة في حروب العرب مع إسرائيل عامي 1967 و1973،ومع حركات التحرر العربية، وفي مجال تأسيس البنية التحتية في بلاد العرب وفي مقدمتها السد العالي المصري، وفي مجال التسليح العربي. وروسيا الاتحادية بقيادة رئيسها فلاديمير بوتين ومن خلال وزير خارجيتها سيرجي لافروف ومندوبها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن نسر جارح لا يهادن في قول الحق، وتعارض ازدواجية المعايير التي يستخدمها المجلسان في التعامل مع القضية الفلسطينية، وفي شأن الحرب الأوكرانية لصالح " كييف " العاصمة "، وادانة ايران وتشجيع إسرائيل على مواصلة العدوان. والواضح هو بأن الحرب الباردة ماخرة عبابها وسط الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكذلك سباق التسلح. وفي الوقت الذي يعمل به المجلسان الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تغطية حقائق الصراع الدولي بغربال، تعمل روسيا على مكاشفة الرأي العام الدولي بالحقائق المطلوبة ومن دون مجاملة. وخطابات الرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف وومندوب روسيا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا مسموعة عالميا، وكانت روسيا أول دولة توجهت لمجلس الأمن بعد السابع من أكتوبر لوقف الحرب في غزة فورا، وقوبل توجهها بفيتو أمريكي أفشل اراقة الدماء في القطاع وفي جواره. وقابل هذه المعادلة تحرك أمريكي ازدواجي المعايير لوقف الحرب في غزة لصالح إسرائيل فقط، ولفتح المجال أمامها للتحرك تجاه رفح حيث تتواجد حماس أيضا، وهو ما أفشلته روسيا والصين معا.وفي الختام سنبقى لا نتفق مع أمريكا التي نصبت نفسها كدولة عظمى راعية لقضايا العالم ومنها الأوكرانية والفلسطينية، بينما هي تكيل بمكيالين، وتقبل لإسرائيل المحتلة ما لا تقبله لروسيا ولا لفلسطين.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/19 الساعة 22:11