الحائط الأوطأ!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/05 الساعة 00:30
لو كرس باحث سياسي ساعات قليلة من وقته في رصد تناقضات الرئيس الامريكي ترامب، لقدم نموذجا غير مسبوق لخطاب اقل ما يمكن ان يقال عنه انه شبيه بالجبنة السويسرية المليئة بالثقوب، واذا كانت السياسة بمعناها البرغماتي قد اتاحت للكثير من الرؤساء ان يغيروا من مواقفهم تبعا للمصالح والمتغيرات فقد كان لذلك التغيير حدوده ومنطقه وسياقاته ايضا، لكن ترامب الذي لا يتردد في شيطنة اي زعيم او نظام، سرعان ما ينقلب مئة وثمانين درجة، ومثال ذلك تلك الاوصاف الهجائية القاسية التي الصقها بالزعيم الكوري الشمالي فهو طاغية وديكتاتور ثم يصبح زعيما شريفا يستحق ان يؤدي له ترامب التحية العسكرية بالبدلة المدنية، ويعلن عن سعادته بلقائه ويتحول من عدو الى صديق، وتكرر الامر مع ايران، فهو منذ انسحابه من الاتفاق النووي صور ايران نموذجا للشر في عصرنا وقال ان نظامها يجب ان يغير لتكون الحياة افضل ليس في ايران فقط بل في العالم كله ، وبعد ذلك يغرد الرئيس ويردد الصدى وزير دفاعه ان امريكا لا تسعى الى تغيير النظام في طهران بل الى اجراء تعديلات عليه.
وكما حدث مع الزعيم الكوري الشمالي اعلن ترامب انه لا يمانع في لقاء الرئيس الايراني تبعا لما يسمح به وقت الرئيس الايراني وليس وقته، وفوجىء بالرد الايراني المشحون بالتوتر والوعيد!
وحدث ذلك ايضا مع تركيا التي هددها ترامب بعقوبات شديدة ثم تراجع عن هذا التهديد وكان رد اردوغان ان بلاده عضو مهم في حلف الناتو وان واشنطن بحاجة اليه اكثر مما هو بحاجة اليها!
الوحيدون الذين لم يتراجع ترامب قيد انملة عن تهديدهم وابتزازهم حتى آخر قطرة هم العرب، لهذا أسال استسلامهم لعابه على المزيد، فهل هم الحائط الواطىء في هذا الكوكب!
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/05 الساعة 00:30