العمل العربي المشترك.. الفرص الضائعة

عصام قضماني
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/18 الساعة 01:17
بعد ما تطلق عليه "الربيع العربي"، عاد سؤال الاولويات القديم الحديد ليطرح على طاولة البحث مجددا، هل الاقتصاد أولا أم الديمقراطية؟.بعض المفكرين قالوا أن الديمقراطية هي ما يصنع اقتصاديات قوية، بينما تمسك آخرون بقولهم أن الرخاء الاقتصادي كاف لخلق اجواء سياسية مريحة وهناك مثالان في واقع العمل العربي، احدهما الدول الثرية التي لا تطبق انظمة ديمقراطية والآخر الدول الفقيرة التي تسعى الى شكل من أشكال الديمقراطية، لكن السؤال الأهم هو أين ذهبت أفكار مثل التضامن العربي أو السوق العربية المشتركة أو التكامل العربي، وهي مفردات ضاعت أو كادت في فوضى ما عرف بالدول القطرية التي انكفأت كل منها على نفسها.وقد ظن البعض أن كيان مثل الجامعة العربية كاف لتأطير علاقة تسمى بالعمل العربي المشترك وفي ذلك مبالغة عندما تكون الفكرة بلا اقدام وظن آخرون أن اتفاقيات مثل التجارة العربية الحرة كافية وقد وضعت من القيود اكثر مما وضعت من عناصر الانفتاح ، وبعض اخر اعتقد ان بعض المشاريع العربية المشتركة كافية لتأسيس نواة من العمل العربي المشترك لكنها كانت دائما هشة في مواجهة الخلافات السياسية.لم يعد في العالم العربي انظمة ذات طبائع ايديولوجية لكن في الجهة الاخرى لم تكتمل عناصر الحكم المؤسسي وهما ما يعيق فكرة قيام سوق عربية مشتركة او كيان موحد على غرار الاتحاد الاوروبي.الاقتصاد القوي والديمقراطية ليسا في موقع تناقض، والتركيز على الإصلاح الاقتصادي والنمو والاستثمار وفرص العمل، لا يتناقض مع التركيز على الإصلاح السياسي والديمقراطية والحكومة البرلمانية، وهو النموذج الذي يسير الاردن نحوه.كما يبدو في عالم اليوم أن السياسة تتبع الاقتصاد والمصالح الاقتصادية هي ما يشكل التوجهات السياسية ويحدد مواقع ومواقيت الحروب ومصالح الدول هي التي تقرر سياساتها.هذه النظرية جرى تجاهلها تماما في البلدان العربية، فالاقتصاد هو ما يتبع السياسة ،فنرى ان العلاقات الاقتصادية تتحسن أو تسوء لاعتبارات سياسية.
مع الدول الأوروبية ذات قوميات ولغات مختلفة، ولها تاريخ طويل من الحروب والعداوات، ولكنها وجدت أن مصالحها الاقتصادية سبب كاف لقيام سوق مشتركة اصبحت اليوم تشكل اتحادا أوروبيا له سوق مفتوحة وعملة موحدة.ذات التجربة لم تقد الى شيء في الدول العربية التي أسست سوقاً مشتركة لم تتطور إلى اتحاد فحسب بل أذابت مؤسسات العمل العربي المشترك وعطلت مشاريع العمل المشترك لاسباب سياسية لا مصلحة قومية فيها أولوية، طالما انها لا تزال تدور في فلك الحكم القبلي وأن كان على شكل مؤسسات .
لم يكف ِ التاريخ واللغة والجغرافيا لتوحيد الأمة العربية فما الذي يكف؟.المصالح الاقتصادية يجب أن تكون واحدة من الدوافع، ومن قال أن الدول الأوروبية كلها على قلب رجل واحد سياسيا..! بلا شك هناك اختلافات لدرجة الخلاف لكن الاقتصاد والمصالح المشتركة تضع كل ذلك في حدود ضيقة جدا.النظام العربي لا زال بعيدا عن فكرة الوحدة لكنه بعيد عن فكرة التكامل الاقتصادي لاسباب سياسية وفكرة مثل الجامعة العربية ليست قادرة ان تصل الى مستوى الاتحاد.إذا كان الأمر كذلك فليس من سبب أفضل من المصالح الاقتصادية المشتركة والمخاطر الاقتصادية المشتركة، لقيام شكل من اشكال السوق العربية المفتوحة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/04/18 الساعة 01:17